رئيس التحرير
عصام كامل

شيماء رءوف تكتب: كانت خطيئتي أنا


كنت عصفورًا بلا ريش.. أُمسك بالأماكن والأشياء التي تنتف كل الريش الذي ينمو على ظهري.. كبرت قليلا، تعلمت التحليق عاليًا، بلا سقف حسابات أو توقعات، فأخذتني جناحيّ، حيث "الرسائل الإلهية". دروس هكذا تُلقى في طريقي على هيئة أشياء موجعة تصنع ما أنا عليه الآن.


ممتن لكل أوجاعي، تجاربي وذكرياتي، وكل الذين تشبثت بهم خطأَ فعلمونا التخلي الآن..كنت هائمًا ضعيفًا، أطير في الفضاء بحثًا عن الأمان..
وحده الأمان ما قد بحثت عنه طويلًا.. أمضيتُ عمري أبحثُ في كُل شيء حولي، أُفتش بِنهمٍ، أنقرُ كل ما أراه بمنقاري أنبش عنه.

لكنني، وأخيرًا، بعد مائة عام من البحث، أيقنت معنى أن تكون آمنًا.. وأن الأمان يبدأ من داخلك أنت..عندما تريد! "وأنه القدرة على التخلي" تخليك عن كل الأشياء الموجعة التي تتشبث بها عبثًا، ممنٍ نفسك بطول العشرة..

الأشياء التي قد تتغير..وكون كل شيء يحصل عن غير قصد.. كانت تمر من تحتي الفرص، وأنا أراقبها ألوِّح لها، مودِّعا واقِفا مكبّلا بطوقٍ قد نُقِش عليه.. سؤال يُلِح عليّ طويلا "ما هي ضماناتي؟

حسنا أقنعني؟أعطني أدلة وبراهين يصدقها عقلي، حجج منمّقة، أوراق مصدقّة بأختام ملونة.. ووو.. لكن شيئا ما في لم يكن يصدق، وكل مرة شعرت بالشيء ذاته.. كنت على صواب على الرغم من كل الضمانات الممنوحة..  مرّة أخرى، ماهي ضماناتي؟

قال لي أحدهم يومًا أستطيع إقناع عقلك بأدلة وبراهين، وإهدار الوقت في ذلك، لكنك ستصدقينني عندما يجيء ذلك من داخلك، من أعمق نقطة فيكِ، ببساطة عندما تريدين أن تصدقيني.. 

لعله كان محقًا، لم أكن أريد.. لأني لم أكن أملك قوّة تجعلني أغامر.. لربما لم تكن خطيئة العالم.. كانت خطيئتي أنا! عندما تنتصف تجاربك تتعرض لكم من الخذلان والأشياء الموجعة تفقد إحساسك الداخلي بالأمان.. 

ما إن تنضج ككل الأشياء العتيقة حتى تشعر كم أن لا شيء يستحق.. لن يتغيّر العالم ستتغير أنت وإدراكك للأشياء.. ستتعلم التخطّي، أن تمتلك ذاتك، عندما تُمنح القوّة ستمتلك قلبك، سينبض بقوّة دون أن يخشى شيء، أي شيء، يُحِب بكل ما يملك، يضحك كما لو لم يضحك أحد من قبل، سيُغنّي من أعمق نقطة فيه، سيجازف ويُضحي.. 

وتُصِر على تمسكك بنقائك، وكونك أنت وسط كل المسوخ الذين يجاهدون لشدّك لعوالمهم المؤرقة الساحقة.. ماذا لو أنني وضعت كل الأشياء الجيدة في غير موضعها؟ 

عندما تمتلك القوّة والأمان، تستطيع مغادرة الأشياء كبيرًا كما داخلتها، ذلك النوع من الناس الذين يغمرهم الأمان، لا يخْسرون بل يُخسرون! ماذا لو أساءوا.. خذ ذاتك وامضي، عليك أن لا تلتفت فقط، يكفي أن لا أحد غيرك سيجيء بعدك يمنح كل ما قد منحت! 

بعد مائة عام من الأشياء الموجعة ستتعلم أن تنهض، أن تقوى على التخطي.. تغيّرت صيغة السؤال الآن.. أصبحت.. ماذا لو كانوا سيئين ؟!  وتكمن الإجابة في كوننا سنتخطاهم، فقط سنتخطّى.
الجريدة الرسمية