رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصطفى أمين يكتب: أين صورة رمضان في قرانا؟


في كتابه "أفكار ممنوعة"، كتب الكاتب الصحفي مصطفى أمين، تحت عنوان: "البيوت المفتوحة في القرى"، يقول:
ماذا أصاب القرية المصرية؟! أين صورة رمضان في قرانا؟! ولماذا اختفت؟! كنا في شهر رمضان الكريم نزور الريف فنجد في كل قرية البيوت مضاءة، فقهاء يقرأون القرآن الكريم، الأهالي يتبادلون التهاني بالشهر الفضيل ويتبادلون الزيارات.

القرية في عيد مستمر طوال الشهر.. البيوت مفتوحة، والموائد ممدودة بأطيب المأكولات والقلوب خاشعة فرحة، المآذن مضاءة، والأطفال فرحون يحملون الفوانيس في الشوارع.

في الليل القرآن الكريم في جميع البيوت والمساجد، تجمعات السمر في كل مكان، والإنشاد الديني يملأ الأجواء.. طبلة المسحراتي تصحي النايم.. الفرحة والحب في كل مكان والإيمان والخشوع في النفوس.

فجأة انطفأت أنوار القرى.. خفت صوت القرآن الكريم في البيوت.. اعتزل الناس بعضهم بعضًا، وكأنهم خاصموا جيرانهم وأصدقاءهم.
ماذا جرى؟! كثيرون هجروا بيوتهم.. لم يكونوا إقطاعيين، وإنما كانوا من الطبقة المتوسطة، وآثروا أن يهربوا إلى العواصم حتى لا يتهمهم أحد بالإقطاع، وكان الواحد فيهم يملك على الأقل 15 فدانًا، لكنهم رأوا السلامة في إقفال البيوت، ومنع الزيارات، والاستغناء عن قارئي القرآن الكريم والمنشدين والمسحراتي، واكتفوا بالراديو.

فقدت القرية حلاوة التراحم حتى في الشهر الكريم، فقدت جمال العلاقات القوية التي كانت طابع قرانا المصرية، أصبح كل واحد منا مشغولًا بهمومه، كل واحد يقول: "نفسي وبس"!

الإقطاعيون الذين كنا نحاربهم كانوا يقيمون في قصور القاهرة، أو كانوا في مشاتي أوروبا أو مصايفها.. لكن الشيء الخطير أن الأسر في الريف قد تناثرت، اختفت المضيفة التي كانت تفتح أبوابها للغريب والقريب.

اختفى الدوَّار الذي كان يجتمع فيه أهل القرية يتحدثون ويناقشون ويبدون رأيهم في أخلاق العائلة، وفي التراحم والتآخي.
يجب أن تضاء الأنوار من جديد، وأن تُفتحَ البيوتُ المغلقة، يجب أن يعودَ أهلُ القرية إلى التزاور، وأن نستعيد أجمل ما في القرية المصرية، وهي الرابطة القوية بين أهل القرية الواحدة.
Advertisements
الجريدة الرسمية