رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إحسان عبد القدوس يكتب: الشيخ "الصييت"


في مجلة "روز اليوسف"، عام 1958، كتب إحسان عبد القدوس مقالًا، قال فيه:

"تعودت القرية المصرية في كل شهر من شهور رمضان أن تستضيف مقرئًا "صييت" من القاهرة يحيي فيها ليالي رمضان بتلاوة القرآن، ويتباهى به أهل القرية على أهالي القرى المجاورة.


كان الإقطاعي الكبير بالقرية هو الذي يدفع أجر المقرئ ونفقات إقامته.. لكنه أضرب عن ذلك الكرم احتجاجًا على انتزاع الإصلاح الزراعي لستين فدانًا منه بعد الثورة.

في العام الماضي اجتمع أهل القرية لبحث موضوع دعوة مقرئ من القاهرة، وقال حمدان: دي بلدنا ماكنش لها قيمة إلا في رمضان، كانت تتلم البلاد اللي حوالينا عندنا علشان يسمعوا الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، نقول لهم إيه السنة دي؟!

وقال المعلم قورة الحانوتي: كفاية عليكم الراديو السنة دي.. فقال فرج الله: نروح نكلم البيه، يمكن يغير رأيه، ويجيب لنا الشيخ عبد الباسط.

قال الشيخ تمام، إمام المسجد: مفيش فايدة إلا طريقة واحدة؛ إن كل واحد يدفع قرشين، ونبعت نجيب الشيخ "الصييت" لأنه بياخد 30 جنيه بالتمام والكمال، غير المضيفة والشاي وسرادق السميعة، يعني توصل 50 جنيه.

قال فرج الله: أنا كنت محوش 3 جنيه مهر بنتي حادفعهم وأمري إلى الله، وجمعت القرية 50 جنيه، وحضر الشيخ عبد الباسط، وأحيا ليالي رمضان، وتباهى كفر ممونة على بقية القرى، وجاء إليه الناس يسمعونه من كل مكان.

وجاء رمضان هذا العام، اجتمع أهل القرية لبحث دعوة الشيخ "الصييت"، وأجمعوا على أنهم مش قادرين يدفعوا هذا العام، وشوية المحصول اللي يمتلكوه يادوب يكفي العيال.

قال المعلم قورة: هو فقر وقنزحة؟! ماقلنا كفاية علينا الراديو، والله ما انا دافع.

قال الشيخ تمام: يعني يفوت رمضان كدة سكيتي؟! ده ماحصلش في كفرنا من عشرين سن، فرد عليه فرج الله: أن كفر حتاتة اتفق مع الشيخ الشلهوني.

فقال عوضين: وده ييجي إيه جنب الشيخ عبد الباسط؟!، فقال تمام: إيه رأيكم نتفق؟

قال فتوح: ازاي كدة، هايسهر عندنا ولا عندهم؟!

قال تمام: ياسيدى تتحل يسهر عندنا ليلة وعندهم ليلة، فقال فرج الله: وليلة القدر؟!

قال تمام: ياجماعة ماتضيقوهاش، عندنا ولا عندهم؟ احنا كلنا مسلمين وموحدين بالله، واللي ييجي عليه الدور في ليلة القدر تبقى السهرة عنده.

وافق الجميع، وذهب وفد من أهالي كفر ممونة إلى كفر حتاتة، واتفقوا على إحضار الشيخ عبد الباسط، وبالفعل حضر الشيخ، وأحيا ليالي رمضان، واستمتع الجميع بالتعاون والحب.
Advertisements
الجريدة الرسمية