رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

محمد حسين هيكل يكتب: المفطرون في رمضان


في مجلة "السفور"، عام 1915، كتب الدكتور محمد حسين هيكل، مقالًا قال فيه:
"نترك السادة العلماء يتحاورون فيما شجر بينهم من أمر الرؤية؛ أيوثق فيها بحكم الآلات الفلكية أم لا، وهل تثبت برواية التلغراف أم لا بد فيها من الإخبار فمًا إلى فم؟!.


كل ما نتمناه هو أن يفرغ أسيادنا من حوارهم قبل أن يأتي رمضان القادم حتى لا نبيت الإفطار يومئذ ثم نمسك عند الزوال، ونقضي اليوم بعد ذلك فنصوم رمضان ثلاثين يومًا ونصفًا.

ليس الثلاثون هينة على نفوس الناس في هذا الزمن الصعب حتى يتبرع لها قضاتنا الشرعيون بمزيد من الأيام.
وإنا لنرى عدد المفطرين يتزايد بيننا عامًا بعد عام حتى لبثنا نخشى ألا يصوم في الجيل القادم أحد من أبنائنا ولا بناتنا، اللهم إلا بعض المتدينين، وهم كالشعرة السوداء في الثوب الأبيض، لكن هؤلاء ليسوا إلا ذكورًا فقط.. فإن ترك لهم إحياء هذه الشعيرة بطلت بهجة المواسم الرمضانية التي يرجع الفضل فيها إلى بشاشة النساء.

وإذا كنا أخذنا نشعر بحاجة بناتنا إلى العلم، وكنا لا نزال نعتقد بضرورة التعليم الديني لأمتنا، فمن الإنصاف أن نفكر في إنشاء معاهد لتعليم البنات وجعلهن شيخات.
فمن مصلحة الدين نفسه أن تأخذ المرأة بنصيبها في مدارسته والدعوة إليه، فإن الطبيعة النسائية لديها استعدادٌ خاصٌّ للتأثير.
يحملنا على التفكير على هذا النحو ما نرى من تراخي الناس في إحياء الشعائر الدينية، فقد كان صوم رمضان إلى عهد قريب مقدسًا يستحي أن يجهر جاهر بمخالفتها، وقلما نجد اليوم في دار من دور المدن من يؤدي هذه العبادة.

ولو وقف الأمر عند حد الصيام لهان علينا أن يأكل الناس ويشربوا في رمضان، ولكن الذي يروعنا أن نجد ألسنة متحمسة في النضال عن القديم ومصادمة الجديد، وتجد تحللنا في العمل من كل أخلاقنا وتقاليدنا الأصيلة هينًا لينًا.

لا جرم كنا ممن يود أن لو صام الناس حرصًا على دينهم وتقاليدهم، خصوصًا أولئك الذين تلهب الغيرة على الدين صدورهم فتفيض من أفواههم شعلًا يرمون بها كل دعوة إلى إصلاح.

نعم يوجد بين مفطري رمضان من يتصدقون عن كل يوم يفطرونه بإطعام مسكين؛ اعتمادًا على قوله تعالى: " وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ".
Advertisements
الجريدة الرسمية