رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الصراع الأمريكي-الروسي.. من سينتصر؟


الصراع الأمريكي-الروسي الحالي والذي بدأ مع حرب "أوسيتيا الجنوبية" عام 2008، وصل لمراحل مهمة وخطيرة، يمتد هذا الصراع ليصل لعدد من النقاط الساخنة العديدة في العالم. فالصراع المشترك يبدأ من أوكرانيا، السيطرة على بحر البلطيق، التهديدات الروسية المستمرة للسويد، ويمر بسوريا، ليبيا ويصل إلى فنزويلا. 


وبالطبع لا نغفل عن ذكر منطقة المحيط الهادي والحدود البحرية الروسية-اليابانية. وطرق إدارة الصراع هذا لا تختلف عن أساليب إدارة الصراع الأمريكي-السوفيتي في النصف الثاني من القرن الماضي.

فالولايات المتحدة تعتمد بشكل واضح على إدارة العالم بواسطة خلق الأزمات، وليس خلقها فقط ولكن دائما تتمكن من إدارة هذه الأزمات في اتجاه مصالحها. ومن خلال هذه الطريقة تتحكم الولايات المتحدة بعدد كبير جدا من دول العالم. ومبدأ خلق الأزمات نراه في أحداث الربيع العربي، نراه في دفع "ساكشفيلي" الرئيس الجورجي السابق إلى تحدي الجيش الروسي في عام 2008، نراه في تأجيج شعور إستعادة "جزر الكوريل" من روسيا لدى اليابانيين، الأمر الذي دفعهم لتغيير العقيدة العسكرية اليابانية في الفترة الأخيرة..

وهذه الأمثلة ليست حصرا وإنما على سبيل المثال. بالإضافة إلى حفاظ الولايات المتحدة دائما على مسألة حاجة الدول لها بغض النظر عن ماهية قيادات هذه الدول. فالولايات المتحدة وأجهزتها لديها تواصل مع المستويات الأربعة للقيادة في هذه الدول، وهذا أمر لا يجيده الروس ومن قبلهم السوفيت.

فتنحصر أساليب روسيا في إدارة الصراع مع الولايات المتحدة في ردود الفعل وفي محاولة تفادي الآثار السلبية التي تخلفها الأزمات التي صنعتها الولايات المتحدة. ودائما ما يكون رد الفعل الروسي مرتبط بالقوة العسكرية، وردود الأفعال هذه رأيناها في الرد الروسي العنيف على جورجيا (2008) رأيناها في ضم شبه جزيرة القرم (2014) ورأيناها بالطبع في التدخل العسكري الروسي في سوريا (2015).

فتاريخيا لم تتحل روسيا مطلقًا بفن صناعة الأزمات، فروسيا حتى لم تستطع الحفاظ على نفوذها في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وخير دليل ذلك، الأزمات التي لا نهاية لها مع الأوكران وحاليا مع بيلاروسيا.

فجميع أدوات النفوذ الروسي للأسف عفى عليها الزمن، فمسألة بيع الأسلحة الروسية بأسعار رخيصة أصبحت غير نافعة في الوقت الحالي، أما الردع العسكري فغير فعال في جميع الحالات، أما سياسة الحلول الوسط التي تنتهجها روسيا أيضا تعتبر كارثية في بعض الملفات، فماذا تعني سياسة صداقة الإيرانيين والسعوديين في نفس الوقت!

حكومة الوفاق الليبي والجيش الليبي! أطراف الصراع اليمني! أطراف الصراع السوري! هذه سياسة تجعل من روسيا وسيطا دبلوماسيا أكثر من جعلها دولة عظمى. أما إذا نظرنا للجانب الآخر فنرى عندما قدم دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عمل على إفشال الاتفاق النووي الإيراني من أجل أن يكسب الطرف السعودي، أما الطريقة الجديدة التي تتبعها روسيا في سبيل زيادة نفوذها- بيع الأسلحة الروسية الحديثة وأسرارها غير مجدية أيضا، بل ضارة في بعض الأحيان.

فإصرار بيع روسيا منظومة "إس 400" لكل من قطر والمملكة السعودية جعل الأمور متأزمة بعض الشيء مع المملكة السعودية. ولا ننسى عندما باعت روسيا أيضا منظومة "إس 300" لليونان، تدربت عليها إسرائيل في عام 2015، مما جعلها تتفاديها في 2018 و2019 في سوريا.

إذن التعامل الأمريكي لهذا الصراع، أعطى لها الأولوية والنصر في النصف الثاني من القرن الماضي، وتم حل الاتحاد السوفيتي، وانفردت الولايات المتحدة بالعالم حتى عام 2008، أما الروس وأساليبهم، فيبدو أنها تضعنا على طريق إعادة السيناريو القديم، الذي يتمثل في نصر الأمريكان.

فمساحة روسيا تصل إلى 17 مليون كيلو مترا ونيف، وللحفاظ على هذه المساحة الشاسعة في ظل سياسة صناعة الأزمات الأمريكية أمر صعب جدا.

فالولايات المتحدة جعلت روسيا دائما في حالة دفاع، فعلى الروس الدفاع عن حدودها مع أوكرانيا، وعلى الروس الدفاع عن حقها في امتلاك جزر الكوريل، وعلى الروس مجابهة مضاعفة أعداد القوات الخاصة بحلف الناتو بالقرب من الحدود الغربية الروسية، وعلى الروس الحفاظ على أمن جمهورية شمال القوقاز، وعلى الروس أيضا أن يواجهوا تزايد أعداد الإرهابيين في شمال أفغانستان بالقرب من القواعد العسكرية الروسية. كل ذلك يجعل فرص انتصار الأمريكان على الروس كبيرة جدا ولكن ليس في المستقبل القريب.
Advertisements
الجريدة الرسمية