رئيس التحرير
عصام كامل

مفاجأة فؤاد حداد في "المسحراتي"

فؤاد حداد
فؤاد حداد

دأبت الإذاعة المصرية منذ إنشائها عام 1934، على تقديم حلقات ليلية بعنوان "المسحراتي"، وأسندت ألحانها إلى أكثر من ملحن ليشاركوا جميعًا فيها طوال ليالي الشهر الكريم، ومن هؤلاء أحمد صدقي، ومرسي الحريري، وعبد العظيم عبد الحق.


كما عهدت إلى كبار المطربين لأدائها بأصواتهم أمثال: محمد فوزي، ومحمود شكوكو، وعبد العزيز محمود، وغيرهم.

وفي أحد الأعوام اختارت الإذاعة، من باب التغيير، الملحن سيد مكاوي لتلحين ثلاث حلقات من المسحراتي، فاشترط أن يقوم هو بغنائها بصوته مع تلحينها أيضًا، كما اشترط الاستغناء نهائيًّا عن الفرقة الموسيقية وتقديم الحلقات بالدق على الطبلة فقط.

ولاقت الحلقات إعجاب المسئولين في الإذاعة، وكذلك المستمعين لاقتراب أسلوب سيد مكاوي من أسلوب المسحراتي الحقيقي، وحققت الحلقات نجاحًا كبيرًا في رمضان.

وفي العام التالي 1964، قرر المسئولون بالإذاعة إسناد عمل المسحراتي كاملًا إلى سيد مكاوي، لكن اشترطت الإذاعة على مكاوي أن يكون مؤلف الحلقات الشاعر صلاح جاهين.

وبعد تسجيل حلقة واحدة من "المسحراتي"، كتبها جاهين انسحب صلاح، واعتذر عن كتابة الحلقات، لكنه طلب التعاقد مع صديقه الشاعر فؤاد حداد، وقال إنه أجدر منه في كتابتها، ووافق المسئولون في الإذاعة، وقدمت الحلقات بالعامية.

وصاغ فؤاد حداد "المسحراتي" كرحلة في التاريخ والمكان والإنسان، حيث تجولت كلماته عبر العصور المختلفة، واعتمدت كلماته على أماكن فريدة وشخصيات متميزة، فتحولت شخصية "المسحراتي" إلى أداة تنبيه ثقافية عامة.

ونجحت التجربة بشكل كبير؛ مما جعل مسئولي التليفزيون يطلبون نقلها إلى الشاشة، وبالفعل انتقلت حلقات "المسحراتي" إلى الشاشة الصغيرة وكتب لها السيناريو الفنان حسن فؤاد وأخرجها فتحي عبد الستار.

وكانت الحلقات تبدأ بسيد مكاوي، مرتديًا جلبابًا، وممسكًا بطبلة، وبجواره طفلة تحمل الفانوس، ويسيران في حارة بالاستوديو تتجسد فيها مظاهر رمضان بشكل أثري.

ويردد مكاوي مقدمة قصيرة، ثم يقوم المخرج بتقديم معادل بصري لكلمات الشاعر فؤاد حداد، ففي حلقة تنتقد البيروقراطية الحكومية، والروتين، يقول فيها:
مسحراتي منقراطي.. ع الطبلة أيدي ريشة في دوايتي
اسمع يا سيدي.. اسمع حكايتي
مع استمارة.. راكبة الحمارة
أول ما راحت.. راحت لزهدي
قال ياحوستي هوا انت فاطر
هل كنت فاكر.. مش حانسى تاني
خليك مكاني.. والاستمارة راكبة الحمارة
أول ما راحت.. راحت لفكري
قال تيجى باكر وتروح لذكرى
قال روح لشاكر.. ولا لشكري
شكرى ف إجازة.. راحت لبهجت
لاحظ ماذا ولا سألها.. أشرف نقلها
راحت لهاني.. خليك مكاني.

ونجحت حلقات مسحراتي فؤاد حداد، وسيد مكاوي، وصارت تتردد إلا أنه مع وفاة فؤاد حداد، عام 1985، لم تنجح أي محاولة جديدة لكتابة "المسحراتي"، ثم رحل الموسيقار سيد مكاوي، عام 1997، ولم تخرج إلينا بعدهما حلقات "مسحراتي" ناجحة.
الجريدة الرسمية