رئيس التحرير
عصام كامل

«الاسم خيري والفعل استثماري».. أهالي بني سويف: المستشفيات الخاصة «موت وخراب ديار»

فيتو

حالة من الغضب عمت مواطني محافظة بني سويف، بعد أن رفعت المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة أسعار خدماتها، بصورة مبالغ فيها، مستغلين عدم وجود تشريع أو بروتوكول يلزمهم بأسعار محددة، فضلًا عن ضعف الرقابة من الجهات المعنية على تلك المستشفيات، فيما يخص الإعلان عن أسعار الخدمات المتوفرة بتلك المستشفيات والمراكز، فأصبح كل شيء فيها مباحًا مقابل المال، حتى وإن كانت أوجاع المرضى، وتزداد معاناتهم مع الفواتير المفاجئة المطالبين بسدادها، رغم وفاة المريض في بعض الحالات، ليصبح العلاج بالمستشفيات الخاصة بمثابة «موت وخراب ديار».


اطلع مراسل «فيتو» ببني سويف، على عدة شكاوى ومحاضر شرطية، حررها بعض أسر المرضى، لمستشفيات تعمل تحت ستار المؤسسات الخيرية، للاستفادة من المزايا التي توفرها القوانين والتشريعات للمؤسسات الخيرية، أقلها الإعفاءات الضريبية، على الرغم من أن تلك المستشفيات تعمل في إطار استثماري بحت، وتنصلت من دورها الخيري، وأصبحت هادفة للربح، بل وتبالغ في قيمة الخدمات التي تقدمها للمرضى، ويفاجئ المرضي بفواتير عالية القيمة، ما يدفع ذوي المريض أن يبيعون أغلى ما يملكون من أجل استلام مريضهم.

ويناشد الأهالي إدارات الطب العلاجي والعلاج الحر والتراخيص بضرورة تتبع مدى تنفيذ المستشفيات للقرار والتحقق من تنفيذه لضمان تقديم الرعاية الطبية لمرضى الطوارئ، بالمجان أول 48 ساعة.

وقال جابر محمد جابر الخولي، أحد الأهالي، إن نجله "حسن" أصيب بحالة مرضية مفاجئة، ودخل العناية المركزة بمستشفى بنى سويف الجامعي، إلا أنه حدث ماس كهربائي الأمر الذي أثر على عمل الأجهزة، فقام بنقل نجله مسرعا إلى إحدى المستشفيات الخيرية، خوفا على حياته، مضيفا: «بعد قضاء ليلة واحدة في المستشفى التي تبين أنها لا تحمل من الخير سوى اسمها، حيث تدهورت حالة نجلي، وأكدوا لي أنه يحتاج إلى جهاز فصل كرات الدم وهو غير متوفر الا بمستشفى الجامعة، فأخذت منهم تقرير بالحالة وذهب إلى مستشفى الجامعة التي وفرت لنا سريرا بالعناية المركزة، لكنه توفي بعد ساعات لتدهور حالته بالمستشفى الخيري».

واستطرد قائلا: عندما توجهت للخزينة، التي من المفترض انها "مستشفى خيري" لسداد قيمة الفاتورة، علمت من الموظف أن قيمتها 12 ألف و700 جنيه، على الرغم من أنه «بات» ليلة واحدة بالمستشفى، لم تقدم له خلالها أية خدمة طبية سوى وضعه على جهاز التنفس، ولم يجرِ أي تدخل جراحي، مشيرًا إلى أنه باطلاعه على الفاتورة تلاحظ له أن تضمنها لمبلغ 4065 جنيه قيمة «التحاليل» و1380 جنيه أشعة عادية وموجات صوتية، وأدوية ومستلزمات طبية بـ2572 جنيه، وصيدلية 2193 جنيه وزيارات أطباء خارجية 925 جنيها، على الرغم من وجود مبلغ 850 جنيها بنفس الفاتورة تحت بند إقامة وإشراف طبي، متسائلًا: هل يُعقل أن تكون هذه التكلفة لمريض لم تتجاوز إقامته بالمستشفى الـ14 ساعة فقط؟

وطالب حسام الشافعي، محام، من وزارة الصحة بتحديد تسعيرة إلزامية للخدمات التي تقدمها المستشفيات الخاصة، حتى لا تترك الوزارة المواطنين فريسة لتلك المستشفيات، على أن تُجبر المستشفيات على الإعلان عن قائمة الأسعار، وذلك حتى يتمكن طالبو الخدمة من المواطنين من التعرف على أسعار الخدمات الطبية التي سيتم الحساب بناءً عليها، وأن يتم متابعة ذلك من خلال إدارات العلاج الحر بمديريات الصحة، التي يجب أن يكون اعضائها بعيدين كل البُعد عن أية شبهات، سواء بالعمل بتلك المستشفيات أو المساهمة فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لضمان الشفافية، حفاظًا على حقوق المرضى وذويهم، نظرًا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مشيرًا إلى أن المواطن المصري بات يعاني ارتفاع شديد في الأسعار ولذا فإن تحديد أسعار للخدمات الصحية المقدمة وإعلانها، سيساهم في مساعدة المواطن على مواجهة الأسعار المرتفعة.

الدكتور أحمد الشرقاوي، نقيب أطباء بني سويف، أكد أنه يحق للمحافظ أن يشكل لجنة الصحة بالمحافظة، بناءً على مخاطبة وكيل الوزارة، برئاسة المحافظ وعضوية وكيل الوزارة ونقيب الأطباء، لتحديد قيمة الخدمات الطبية للمنشآت الخاصة، وقيمة مالية كحد أقصى لأجر الطبيب، لافتًا إلى أن اللجنة تشكلت من قبل وكان آخر اجتماع لها في عهد المحافظ الأسبق المستشار محمد سليم، مؤكدًا أنه يتمنى تحديث تشكيل اللجنة وتفعيل دورها.

من جانبها أعلنت مديرية الصحة ببني سويف، عن تشكيل لجنة بعضويتها ممثلة لإدارات «العلاج الحر والتفتيش المالي والتفتيش الصيدلي والتخطيط» بناءً على مذكرة إدارة الطب العلاجي بالمديرية، للمرور على مستشفى خاص، لمراجعة اشتراطات الترخيص ومراجعة الإجراءات التي تمت بخصوص المريض حسن جابر محمد، الذي توفي بالمستشفى، بعد أن أثيرت مشكلته على صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وشكوى أهليته من طلب المغالاة في فاتورة علاجه خلال «ليلة واحدة» بالمستشفى الخاص، حيث وصلت القيمة الإجمالية للفاتورة 12 ألفا و700 جنيه، وهو ما اعتبره النشطاء والمتابعون مبالغًا فيه، خاصة مع إشاراتهم بتكرار أكثر من بند بالفاتورة تسبب في زيادة قيمتها الإجمالية.
وأكد الدكتور عبد الناصر حميدة، وكيل وزارة الصحة ببني سويف، أن اختصاصات إدارة العلاج الحر تتمثل في إصدار التراخيص للمنشآت الطبية، ومراجعة مدى مطابقتها للاشتراطات، ومتابعة التزام المنشآت الطبية بإعلان قائمة بأسعار الخدمات الطبية التي تقدمها للمرضى، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي تشريع يلزم المنشآت الطبية بأسعار محددة للخدمات.

وأوضح وكيل الوزارة، أن قرار رئيس الوزراء بشأن استقبال المستشفيات الخاصة لحالات الطوارئ، بالمجان، أول 48 ساعة، له عدة ضوابط تحدد الحالات التي يتم توصيفها "طوارئ" والتي ليس من بينها المحول من مستشفى آخر، إضافة إلى ضرورة عدم وجود مستشفى حكومي في نطاق 5 كيلومترات للمستشفى الخاص أو الاستثماري.
الجريدة الرسمية