رئيس التحرير
عصام كامل

الحاوي


مثل الحاوي.. يقوم بأعمال أقرب إلى السحر معتمدا على يده الأقرب في خفة حركتها إلى أيدي اللصوص، وقد يخرج من جيبه حيات ليلفها حول عنقه، ثم يلثمها ليبهر جمهوره، وقد يملأ فمه بنزينا لينفخه في وجه متابعيه تزامنا مع إشعاله النار ليبدو وكأن النار تخرج من فمه، المهم أن يفرد منديله في النهاية ليجمع (النقطة) من المتفرجين، ومن ساحة إلى أخرى ينتقل الحاوي ليقدم عروضه، لكنه ينشط أكثر في الموالد فالجمهور فيها أكثر، وعائد النقطة أكبر.


والحاوي هو الشخص الذي حاول العمل في أكثر من مهنة وفشل، فاتجه إلى حركات يحفظها لتكون مصدر دخله، لذلك تجده أبعد الناس عن الإبداع، ولو حاول سوف يفتضح أمره فيخسر (النقطة).

هذا هو حال هذا الشخص، فقد فرضته قيادات الإخوان مذيعا ليتقاضى مئات الآلاف شهريا إلى جانب عمله مستشارا لهم، لكنه فشل في أن يكون مذيعا لفقدانه الحد الأدنى من مقومات المذيع، ومع ذلك ظل بسطوة الإخوان على الشاشة، وبعد رحيلهم تراجع نفوذه، ومعه تراجع راتبه الشهري ليصل إلى حد تطفيشه من الشاشة، ومع تمسكه بالتواجد.. لم يجد صاحب القناة أمامه سوى استبعاده.

ذهب (حاوي) الإعلام إلى قناة أخرى، تطارده لعنة انخراطه مع الإخوان، لكنه لم يستمر لأنه كان عبئا على الخريطة البرامجية التي عادة ما تتدخل في وضعها الوكالات الإعلانية، وبمعايير الوكالات.. هو شخص غير مرغوب فيه جماهيريا، بل إنه قد يكون سببا في انصراف المعلنين.

تحول الحاوي بعد ذلك إلى ضيف في البرامج، فكان يخصم من جماهيرية كل البرامج التي يطل منها.

جرب ممارسة الصحافة رغم ضعف عائدها المادي، لكنه فشل ثم استبعد، ثم اتجه إلى العمل كمستشار لمدرسة وفشل، واليوم هو يبحث عن فرصة لجمع النقطة.

اعتاد حاوي الإعلام أن يروج لأفكاره التي لا تقل سمومها عن سموم حيات حاوي الموالد، لكنه ضبط متلبسا أكثر من مرة، ولعل أبرزها محاولته التقليل من إنجازات الجيش المصري في حرب أكتوبر، وتكافؤ ما حققته مصر مع ما حققته إسرائيل مركزا على (الثغرة) لكنه نال يومها ما ناله حاوٍ هاوٍ من جمهور المولد.

اليوم.. يحاول حاوي الإعلام الترويج لأكذوبة جديدة من مسلسل أكاذيبه، حيث يوحي للمحيطين به أن بعض الجهات أوكلت إليه مهمة اختيار بعض الشخصيات التي سيتم تعيينها في مجلس الشورى، وهذا ما شغله عن تقديم البرامج.

هذه الأكذوبة ذكرتني بسلسلة أكاذيبه إبان حكم الإخوان، حيث كان يروج لعروض مستمرة تنهال عليه ليتولى حقيبة وزارية، لكنه كان دائم الرفض.

رفاق درب حاوي الإعلام ومعتنقي أفكاره بعضهم في السجن بسبب مواقفهم ضد الوطن، والبعض الآخر هرب إلى الخارج بسبب أحكام قضائية تطاردهم، لكن الخطورة الأكبر في ممارساته تكمن في سمومه التي نتمنى ألا تطال طلاب الجامعة التي يعمل فيها.

حاوي الإعلام مستعد لعمل أي شيئ، المهم.. أن يجمع (النقطة) في النهاية. فكان مع الإخوان الناصح الأمين، وأحيانا (العراب) للعديد من الصفقات، ثم تلون بعد رحيلهم بلون المرحلة، فكان مع المجلس العسكري، ثم مع النظام الحالي، وقبل كل هذا حاول أن يكون واحدا من رجال مبارك لكن نفاقه منذ نعومة أظفاره لم تشفع له.

نصحنا قبل ذلك من بيده الأمر لإقصائه من المشهد الإعلامي، خاصة أنه لا صحفي ولا مذيع، وبالفعل تم استبعاده، لكنه يصر على فرض نفسه، ولديه استعداد لعمل أي شيء، ينفخ النار من فمه، أو يلف الحيات حول عنقه، أو حتى بتجرد من ملابسه.

قد يكون لأمثاله وظيفة تروق للبعض فيتم استخدامه، لكن التجربة أكدت أنه وأمثاله لا يليق ظهورهم لا بالمواطن ولا بالرئيس، ولا بالإعلام.. إقصاء حاوي الإعلام ضرورة وطنية إذا كنا ننشد المصداقية.
besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية