رئيس التحرير
عصام كامل

والدة عمر عبد الصبور: ابني طلب الشهادة منذ التحاقه بالكلية الحربية

فيتو

الملازم عمر عبد الصبور الذي لم يتعد عمره 22 عاما، شاب مثل كل شباب مصر تخلى عن حلمه بأن يصبح لاعب كرة برغم تفوقه والتحاقه بأندية تؤهله لأن يكون لاعبا متميزا وحصوله على العديد من شهادات التقدير إلا أنه ترك كل هذا ليصبح مقاتلا يدافع عن وطنه في وقت شدته وطلب الشهادة فداء للأرض فنالها بحق.


بصوت خافت يملؤه الحزن والقلق، روت السيدة إيمان رجب طلبه قصة حياة ابنها الشهيد الملازم عمر خالد عبد الصبور قائلة: «عمر كان طفلا ذكيا جدا منذ طفولته لماحا ومرحا ويحب الضحك وهو من مواليد ١٠ يوليو ١٩٩٥ بمنطقة حدائق القبة معروف وسط زملائه بالصدق والأمانة، وكان عاشقا لكرة القدم، فكان يشجع نادي الأهلي، وحاولت إلحاقه في أكبر الأندية المصرية ورغم صغر سنه إلا أنه حصل على ١١ شهادة تقدير لحصوله على المراكز العلمية والرياضية».

صمتت أم البطل أن قليلا ثم تابعت حديثها قائلة: «بعد حصوله على الشهادة الثانوية، وكانت مصر في حالة هلع أثناء أحداث ثورة يناير وفجأة تبدل حلم عمر من لاعب كرة، وقرر الالتحاق بالكلية الحربية ليصبح ضابطا يدافع عن مصر، لأن الجيش هو بر الأمان الذي أنقذها، ووقف بجانب الشعب، وأنقذ البلاد من الفوضى التي كانت على أبوابها تقدم عمر بأوراقه للكلية الحربية، واجتاز جميع الاختبارات بنجاح والتحق بالكلية الحربية عام ٢٠١٣».

وأوضحت: «لا أستطيع أن أصف شعوري وقتها من كمية الخوف، والهلع الذي أصابني لأنه كان أول مرة يفارق حضنى، وكانت الأيام صعبة عليه جدا حتى ذهبت إليه فوجدته شخصا جديدا أصبح متزنا وملتزما بصلواته أكثر من الأول، والغريب أنه ناداني بأم الشهيد فهزتني الكلمة، وقلت له العمر الطويل، ليك يا ابني أنا نفسي أفرح بيك، وأشوف، ولادك، فرد عليها، قائلا: «انتي عارفة يا ماما الشهيد بيشفع لـ 70 واحد من أهله وأنتي اكيد هتكوني أول واحدة لأنك أهم واحدة في حياتي وقتها تخيلت أنه بيهزر، ولكن زاد قلقي أكثر عندما وجدت الحديث عن الشهادة والشهادة كانت تتصدر صفحته الشخصية على الفيس».

وأكدت أنه تخرج في الكلية الحربية وخدم بمنطقة السويس ثم وسط سيناء، ولكنه لم يقول لها ذلك خوفا عليهم، من القلق لأنها كانت تعيش في حالة رعب، عليه من كثرة الأحداث التي كانت تسمعها عن العمليات الإرهابية، واصب الإرهاب كالغول المتوحش الذي يبتلع خيرة شباب مصر دون رحمة».

وتابعت: «عندما عرفت طلبت منه أنه يحاول نقله من المكان، ولكنه رفض، وقال لي: ابنك راجل اومال مين هيدافع عن مصر وعنك وعن إخوتي هنجيب حد من بره»، موضحة: «وقتها شعرت بالفخر بأن ابني أصبح فارسا لا يهاب شيء ولكن الخوف والألم يعتصرني، مكنش في أيدي إني أمنعه لم أكن أنام الليل من الخوف وأدعو له ولزملائه بالسلامة والنجاة من الإرهابيين القتلة الذين لا يعرفون من الدين شيئا، فالإرهابيون اغتالوا ابني وهو ملتزم في صلواته ويخرج من كل راتب صدقه حتى تشفع له عند ربه بالرغم من أنه طاهر ومصلي إلا أنه كان يحضر للجنة بكل الوسائل». 

وعن أهم الشخصيات التي أثرت فيه وكان يتمنى أن يصبح مثلها قالت، الأم: «الشهيد أحمد المنسي كان مثله الأعلى حتى أنه ذهب إلى أحد قادته، وقال له: "يا أفندم أنا نفسي استشهد زي المنسي.. فقال له اطلبها من ربنا بصدق من قلبك والأكثر من ذلك أنه ذهب إلى والدة الشهيد أحمد حسنين وطلب منها إعطاءه الأفرول الذي كان يرتديه وقت استشهاده حتى يلحق به».

كل الشواهد منذ دخول عمر إلى الكلية الحربية حتى عمله في سيناء كانت تشير إلى أنه سيقابل وجه ربه شهيدا، ولكني كنت أكذب نفسي وأحاول أن اتمالك. 

ورغم ذلك تقدم لخطبة فتاة جميلة مؤدبة ومهذبة وكان مشغولا بتدبير مصاريف زواجه منها وكان يحبها ويعتبرها ابنته ومسئولا عنها وعن جميع مصاريفها، وهي الأخرى كانت تعشقه وتقول له: "انت فعلا كتير عليه".. "مش عارفة أقول إيه ابني كان محبا للحياة ويخطط لأخذ دورات علمية في الأكاديميات العسكرية ليصبح ضابط متميز وكفء وفي نفس الوقت يحضر نفسه للشهادة فكنت بين نارين أفرح بيه وبالنجاحات إللى بيحققها وهو بيحضر لزفافه على حبيبته ولا أصوت واسأله أن يكف عما يكتبه على صفحته مثل : «اللهم اغسلنى بدمى واجعل كفنى ملابسى وارزقنى شهادة حق في سبيلك يا رب العالمين». كما أن آخر كلماته: «اللهم عريسا في جنتك زفة من ملائكتك عروسا من الحور العين»، والله استجاب دعوته ونال شهادة حق وهو يدافع عن من الإرهاب الغاشم وآخر إجازة نزلها قضاها مع أخواته وحاول يجبلهم كل إلى نفسه فيهم ولم يقضها مع خطيبته كالعادة وكأنه كان يودعهم

وتضيف: "استشهد ابني يوم 23 يناير 2018 اصعب يوم في حياتي عندما جاء أحد زملائه وأخبرني بنبأ استشهاده كان بمثابة زلزال أنهى حياتي واقتطع جزء من قلبي وبدل ما أزفه على عروسته أزفه على اللجنة، بعد استشهاده عرفت حاجات كتير عن عمر من زملائه لم أكن أعرفها منها أنه كان بيحب عساكره جدا حتى أن زملاءه كان يطلقون عليه أم العساكر وكان دائم الكلام معهم ويحل مشاكلهم ويقول لهم قوتكم في حبكم لبعض وهذا ما يهزم العدو".

"وقبل استشهاده بيومين والده رأي منام أن عمر في مكانة عالية وجهه كالبدر ولابس ومتشيك مثل العريس على قبة مسجد عالي وتحت في المسجد جده وجدته وعمه المتوفيين وخاف والده أن يخبرني بالحلم حتى لا يزيد قلقي وقال لي إن عمر في آخر مكالمة له قبل استشهاده بيوم قال إنه حلم بجده وجدته ولكنه أخبره خير إن شاء الله فوالده إنسان متدين وحاسس بأن ابنه خلاص لكن يحتسبه عند الله".

واختتمت كلامها قائلة: "عمر كان الضحكة التي تنير لي حياتي فهو أكبر أبنائي ووالده مصر أن يدخل أخاه الأصغر أحمد الذي يدرس الآن في كلية التجارة إلى الأكاديمية العسكرية حتى يلتحق بمصنع الرجال، فمصر غالية وجيشها أعظم جيوش الأرض ومن يرتدي الزي العسكري شرف له ولأهله كلهم والشهادة أعلى منزلة في الدنيا والآخرة وهم أحياء يرفرفون حولنا".
الجريدة الرسمية