رئيس التحرير
عصام كامل

حرب الـ40 مليون «جريدة».. الوادي الجديد تواجه «المخلفات الزراعية» بالمشروعات البديلة وحوافز المزارعين

فيتو

المركز المتقدم الذي تحتله محافظة الوادي الجديد، واعتبارها المنتج الأكبر للتمور، بقدر ما وضع المحافظة على خارطة التنمية، بالقدر ذاته وأكثر، ساهم في خلق أزمة تضخمت بمرور الأيام، وباتت تنذر بكارثة، خاصة بـ«المخلفات الزراعية للأشجار والنخيل».


أكتوبر الماضي.. كانت المحافظة على موعد مع ما يمكن وصفه بـ«الإنذار الأول» لخطورة المخلفات الزراعية، بعد حريق الراشدة الكبير الذي نشب في أكتوبر من العام الماضي، وأدي إلى تفحم ما يزيد على 20 ألف نخلة على مساحة 150 فدانا، بالإضافة إلى اشتعال النيران في عدد كبير من منازل المواطنين، وحظائرهم وأدى لخسائر كبيرة.

غالبية واحات الوادي الجديد، التي تمتلك أكثر من مليوني نخلة مزروعة على مساحة تقارب 21 ألف فدان، كما أنها تنتج ما يقارب 65 ألف طن سنويا، أصبحت تحت تهديد خطر المخلفات الزراعية، حيث تعطى النخلة الواحدة نحو 20 جريدة في العام الواحد، تدخل ضمن المخلفات الزراعية التي يتخلص منها المزارعون عقب الانتهاء من عملية تقليم وتنظيف النخيل، والتي تتم في الثلاثة أشهر الأولى من كل عام قبل القيام بعملية التلقيح.

ويعانى المزارعون بالوادي الجديد من عدم قدرتهم على التخلص من مخلفات النخيل، حيث تتكدس عشرات الأطنان من الجريد داخل المزارع، الأمر الذي تنشأ عنه كوارث كبيرة تتمثل في انتشار الحرائق الضخمة التي تقضي على الأخضر واليابس في دقائق معدودة، إضافة إلى ظهور الحشرات والآفات الضارة التي تصيب النخيل، والتي تتخذ من المخلفات الزراعية سكنا وملاذا لها، أشهرها السوسة الحمراء التي تمثل رعبا للمزارعين.

محمد سيد، مزارع من مركز الداخلة أكد «مشكلة المخلفات الزراعية من المشكلات الكبيرة التي تواجه المزارعين بالمحافظة في ظل امتلاكها للملايين من أشجار النخيل»، مضيفا أن «المزارعين كانوا يحرقون قديما المخلفات عقب الانتهاء من عملية تقليم الأشجار، لكن مع اتساع الرقعة الزراعية تحولت هذه المخلفات إلى خطر كبير يهدد الحقول والمزارع والمناطق السكنية التي تقع بالقرب منها، ومديرية الزراعة بالمحافظة حذرت المزارعين كثيرا من خطورة وعواقب حرق المخلفات الزراعية داخل المزارع، ولكن المزارعين لم يلتزموا بهذه القرارات، ولم يلتفتوا للتنبيهات المتكررة، حتى بعد تحرير الزراعة عددا كبيرا من المحاضر وتوجيه عديد من الإنذارات لهم.

عدم التزام المزارعين بقرارات وتحذيرات «الزراعة» تبرره أسباب عدة، بحسب قول «سيد» في مقدمتها عدم مقدرتهم على نقل المخلفات الزراعية إلى الصحراء أو مكان آمن يمكنهم التخلص منها، وذلك لارتفاع تكلفة النقل من داخل المزارع، وهو ما يدفعهم إلى حرقها داخل المزارع، دون الالتفات إلى العواقب التي قد تسببها هذه الحرائق، وهناك بعض المزارعين يفضلون الاحتفاظ بالمخلفات الزراعية من الجريد لاستخدامها في عمل أسقف المنازل والحظائر، أو عمل الأسوار الخشبية، حيث يخزنون كميات كبيرة من الجريد الجاف أسفل النخيل المثمر، دون تأمينه من ألسنة اللهب التي قد تلحق به في أي وقت. 

وأضاف: المزارعون عليهم عبء كبير من جانب المحافظة، ويجب توعيتهم ومساعدتهم بدلا من تحرير محاضر ضدهم وتغريمهم، وتلك المساعدات يجب أن تشمل توفير وسائل نقل مجانية أو بمقابل رمزي لمعاونتهم في نقل المخلفات، بالإضافة إلى شراء المخلفات منهم خاصة أنها تدخل في صناعات عديدة بدلا من حرقها، وفي حال شرائها من المزارعين سيتم تشجيعهم على التخلص منها كما ستوفر مصدر دخل لهم.

من جانبه قال الدكتور مجد المرسي، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الوادي الجديد: مشكلة المخلفات الزراعية وبالأخص مشكلة مخلفات النخيل من أكبر التحديات تواجه المحافظة في الوقت الحالي، وخاصة بعد حريق مزارع قرية الراشدة الأخير بواحة الداخلة، والذي التهم آلاف الأشجار بسبب إهمال ورعونة المزارعين وعدم اتباعهم للتعليمات والإرشادات الزراعية.

وتابع: المزارعون يقومون بتقليم وتنظيف أشجار النخيل الخاصة بهم وحرق مخلفاتها داخل الحقول وأسفل النخيل المثمر، وهو ما يؤدى إلى نشوب الحرائق الكبيرة التي يصعب السيطرة عليها لعدة أسباب، أولها: اتساع مساحة الرقعة الزراعية المنزرعة بالنخيل، كما أن أغلب مزارع النخيل كثيفة ومتشابكة للغاية، إضافة إلى أنها مرتفعة يصعب على سيارات الإطفاء الدخول إليها، وتحتاج إلى جهد غير عادى في عملية إخمادها، كما أن الرياح تساعد في انتقال اللهب بسرعة كبيرة.

وكشف «المرسي» أن المحافظة تنفذ حاليا عدة إجراءات للقضاء على تلك الظاهرة التي تسببت على مدار السنوات الماضية في القضاء على جزء كبير من ثروة النخيل، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات تتمثل في توجيه إنذارات وتحرير محاضر وتوقيع غرامات مالية على كل من سيقوم بالاحتفاظ بالمخالفات الزراعية داخل حقله أو يحرقها، كما أنه تم توجيه إنذارات بإزالة كافة السياج والأسوار التي قام المزارعين بتنفيذها من الجريد، إضافة إلى أن المحافظة نفذت حزاما آمنا بين المناطق السكنية وبين المزارع، يشمل هذا الحزام أن تقع المزارع على بعد 100 متر على الأقل بينها وبين منازل المواطنين، كما يجرى شق طرق فرعية داخل المزارع لتسهيل دخول عربات الإطفاء في حال نشوب حرائق، وتركيب حنفيات حريق بجوار المزارع، وكل هذه الإجراءات احترازية لضمان عدم تكرار نشوب كوارث مرة أخرى.

وتابع: هناك حوافز للمزارعين أعلن عنها اللواء محمد الزملوط محافظ الوادي الجديد، وتم تفعيلها، مثل مساعدة كل من يرغب في إقامة المشروعات الحرفية أو الزراعية التي تقوم على المخلفات الزراعية مثل إنشاء ورش لصناعة الأرابيسك والخوص والجريد، إضافة إلى تشجيع صناعة السماد العضوي والذي يعرف بالكومبوست ويتم تصنيعه من مفروم الجريد، ويعد أحد المشروعات المربحة التي توفر فرص عمل وتدر دخلا لصاحبها، كما إن وزارة البيئة دعمت المحافظة مؤخرا بـ15 مفرمة نخيل وجرار زراعي تم توزيعهم على جمعيات تنمية المجتمع المحلى لمساعدة الفلاحين في فرم المخلفات الزراعية أو نقلها خارج المزارعين لحرقها في أماكن آمنة، كما أنه هناك دراسات جدوى نفذتها المحافظة، تشمل إقامة مشروعات على مخلفات النخيل تشمل صناعة الأعلاف للدواجن وللماعز، وهى حاليا في ضوء الدراسة وذلك بهدف تحقيق أكبر استفادة للمزارعين.
الجريدة الرسمية