رئيس التحرير
عصام كامل

إقرار ذمة وطنية


ماذا لو قدم كل من يتصدى للعمل السياسي أو الإعلامي (إقرار ذمة وطنية)، أسوة بإقرار الذمة المالية الذي تلزم الدولة موظفيها بتقديمه إلى جهات العمل كل خمس سنوات؟


أعتقد أن هذا الإقرار سيكون الضمانة الحقيقية لضبط الأداء الوطني، وتقويم سلوكيات من يحاولون العبث بالأوطان، وإذا كان جهاز الكسب غير المشروع هو الجهة المنوطة بالتحقيق مع من يثبت تلاعبهم بإقرارات الذمة المالية أو المتربحين بشكل غير قانوني.. فليكن التجريس والعزل السياسي عقوبة من يتلاعب بإقرار الذمة الوطنية، عسى أن يرتدع المتلونون والمنافقون الذين تكسبوا من كل الأنظمة ولا يضيرهم سوى خواء جيوبهم.

وتسهيلا على من يتقدمون بإقراراتهم.. سوف نتناسى ما حدث في الماضي، فمن هلل للأنظمة السابقة لا جناح عليه، ومن تكسب من نظامي مبارك والإخوان حلال عليه، ومن تاجر وابتز وساوم بأحداث يناير مغفور له، فقط.. عليه أن يوقع على إقرار هذا نصه:

"أقر أنا فلان الفلاني أنني محب لوطني وأرفض المساومة عليه أو المتاجرة به، وداعم للرئيس السيسي، ونادم على عملي مع جماعة الإخوان ودعمي لهم، وأعد بالتصدي لكل محاولاتهم التي تسعى للنيل من الوطن، وأن أظهر ما أبطن وألا أنافق أو أتملق النظام، وأن أكون معه في السراء والضراء دون انتظار مقابل، وألا أمسك بمنتصف العصى، وأقسم على أنني لن أقفز من المركب مهما حدث من تآمر على الوطن"..

وألا أهرب أموالي إلى الخارج، وأن أعيد ما هربته أثناء فوضى يناير، وأن أدافع عن مصر في الداخل والخارج، وأن أقدم حياتي ثمنا لأمن واستقرار الوطن إذا تطلب الأمر ذلك".

هذه هي صيغة الإقرار، ومن يحيد عنها ينفذ فيه قانون التجريس والعزل ومصادرة ما تكسبه من مال نتيجة إخلاله بشروط العقد.
قد يسأل البعض.. ولماذا هذا الإقرار؟ والإجابة يعرفها من يتابع المنافقين والمتلونين القدامى والجدد في الفترة الماضية، فمع كل هجوم على مصر أو الرئيس يتوارى هؤلاء ولا نسمع لهم صوتا..

فعلى الرغم من سباقهم على التواجد خلف الرئيس في المؤتمرات، وادعائهم أنهم الأقرب إلى النظام، وحصولهم على مزايا لا يستحقها الكثير منهم، على الرغم من كل هذا يلتزمون الصمت وبنسحبون من المشهد مع كل أزمة، وتجد بعضهم يهرب إلى الكتابة عن الورع والتصوف والأكل وبرودة فصل الشتاء، بل إن أحدهم راح يكتب عن كيفية التعامل مع النساء أثناء (الطمث) وآخر راح يستضيف نفايات السوشيال ميديا في وقت تتجه فيه أنظار العالم إلى مصر، ويحيك لها المتربصون المؤامرات من الخارج.

هل يستطيع من يتصدون للعمل العام من سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال وشيوخ وخبراء ومحللين وصحفيين أن يقدموا هذا الإقرار؟ أم أنهم مصرون على الإمساك بمنتصف العصا حتى لا يحسبهم أحد على النظام فيفقدوا مميزات يحصلون عليها من جهات أخرى، أو ربما يحصلون عليها في المستقبل؟

هؤلاء هم الأزمة الحقيقية، فلا أزمة مع من يعرف الجميع توجهه حتى لو خرجت معارضته عن الموضوعية، أما أصحاب الذمم الخربة الذين يختبئون مع كل مشكلة فالضمانة الوحيدة لإعادة تأهيلهم هو إقرار الذمة الوطنية.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية