رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ أحمد تركي يكتب: رسالة عن الحروب الحديثة الموجهة ضدنا! (1 – 2)

الشيخ أحمد تركي
الشيخ أحمد تركي

كنت أدرس في الأزهر الشريف الغزوات والمعارك، خاصة التي حدثت في عهد النبى، صلى الله عليه وسلم، كغزوات بدر، وأُحُد، والأحزاب.. إلخ.
 

وكانت هذه الحروب كلها للدفاع عن المجتمع، كما قال جابر بن عبد الله: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغزو إلا أن يُغزى، وما كان يُحارِب إلا أن يُحارَب". 

وهذا هو مفهوم القتال، وهو يختلف عن مفهوم القتل!! والكثير لا يستطيع التفرقة بينهما، مع أن الفرق بينهما هو نفس الفرق بين الجندى الشهيد المدافع عن وطنه وبين الإرهابى القتيل الذي يدافع عن جماعته أو أفكاره!! 

والقتال يكون بإذن ولى الأمر، والقتل يكون بقرار شخص أو بقرار جماعة، غيلة وتشفيًا في القتيل.
 
والقتال يبذل الجندى المقاتل فيه روحه لتحيا الأمة من بعده، والقتل يزهق القاتل فيه أرواح الأبرياء؛ ليعيش هو أو تعيش أفكاره وجماعته!! 

والقتال يعنى أن هناك اعتداء على الوطن فيأمر ولي الأمر بتجييش العدة والجنود للدفاع عن الأرض ومصالح الأمة.. 

والأمر القرآنى جاء بوجوب القتال إذا حدث اعتداء على الدولة. 

قال تعالى: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا. إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (190) سورة البقرة. 

أما القتل فهو إزهاق للروح من غير أن تتوافر شروط القتال في سبيل الله، وهو من أكبر الكبائر، ولا يباح إلا على سبيل القصاص بيد الدولة. قال تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (179) البقرة
وقال أيضًا: "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" (33 الإسراء).

وكانت المعارك قديمًا بالسيف، وتتسم بالوضوح التام سواء في أهدافها أو في توافر المعلومات عن العدو، وكان المسلم يخرج ليدافع عن عرضه وأرضه وداره وهو مطمئنٌ تمامَا إلى أنه على الحق وعدوه على الباطل، فضلًا عن أن قرار الحرب كان بيد النبى، صلى الله عليه وسلم، باعتباره ولى الأمر وليس ككونه نبيًّا فقط !! 

ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حىّ عن بينة.. وهذه الحروب يسمونها حروب الجيل الأول. 

تطورت الحروب في عصرنا الحاضر حتى وصلت إلى الجيل الرابع Fourth-Generation Warfare)
الحرب غير المتماثلة، ويُرمز لها 4GW

وهذه الحرب الجديدة أول من أطلق تعريفها في محاضرة علنية البروفيسور الأمريكي "ماكس مايوراينك" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي حيث عرفها بنقاط مختصرة كالآتي على حد تعبيره:
الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة، ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية!! 

وكما يتضح في التعريف الذي تم إطلاقه من إسرائيل!! 

إن هدف هذا النوع من الحروب هو تحويل الدول المستهدفة إلى دول فاشلة حتى تتم السيطرة عليها تمامًا، وعلى مقدراتها، ويتم استخدام الخونة والمرتزقة والعملاء، وكثيرًا ما يتم تسليط الأضواء العالمية عليهم ومنحهم جوائز عالمية بقصد إيجاد ثقة بينهم وبين الشباب، وقد حدث هذا، على سبيل المثال لا الحصر، مع توكل كرمان التي مُنحت جائزة نوبل، وكان لها دور كبير في تحويل اليمن على أيدي الشباب اليمنى الغافل المتحمس إلى دولة، كما نراها اليوم وتنفطر قلوبنا عليها ألمًا.
الجريدة الرسمية