رئيس التحرير
عصام كامل

القمم المصرية و(التصبيرة) الإعلامية


كل ما قدمه الإعلام المصري طوال السنوات الخمس الماضية لا يعدو كونه (تصبيرة) ينتظر بعدها المتلقي وجبة دسمة تشبعه، إلا أن المسئولين يصرون على تركه جائعا، غير مبالين بجاهزية آخرين لتقديم وجبات (ديلفري) تصله في غرفة نومه.


فعلى مدار السنوات الخمس الماضية شهدت مصر أحداثا لو اجتهد الإعلام في استثمارها لحقق انفرادات تثري أرشيفه وترضي فضول كل من يبحث عن جديد يشبع نهمه.

فبداية من منتديات ومؤتمرات الشباب وانتهاء بالقمة الأفريقية الأخيرة وما بينها من مؤتمرات اقتصادية وقمم رئاسية وجولات خارجية، اختبر المواطن المصري نوافذه الإعلامية وجميعها حقق فشلا ذريعا، ولم يكن على مستوى الحدث، ففي الخارج يسافر إعلامنا مع الرئيس ليستضيف شخصيات من الوفد المرافق، وفي الداخل لا يكلف نفسه عناء استضافة من أتوهم في عقر دارهم، ويفضلون نفس القائمة التي حفظ المتلقي مسامات وجوه كل من فيها، وحفظ ما يرددوه من جمل تقال في كل مناسبة.

واليوم تتجه أنظار العالم إلى شرم الشيخ حيث القمة العربية الأوروبية، حدث فريد يحمل وجبة إعلامية فيها من الطزاجة والتفرد ما ينتشل إعلامنا من سجن التكرار الممل، لكننا مصرون على البقاء في نفس السجن، وكأننا أقسمنا على عدم الخروج منه.

فعلى الرغم من أهمية الحدث إلا أن إعلامنا لم يعطه بالا إلا أمس، حيث بدأ في إلقاء الضوء على الضيوف الذين يتوالى حضورهم، واتصالات هاتفية مع نفس المحللين المصريبن للحديث عن أهمية القمة، وفي بعض البرامج اكتفى المذيعون بتناول الحدث واجتهدوا (بخيابة) في تحليله، وكأنه حدث محلي اعتاد المواطن المصري عليه، ويبدو أن هناك إصرارا على ترسيخ قاعدة (التصبيرة) التي قزمت عظمة الحدث وتفرده.

قرابة الخمسين دولة يمثلها رؤساء وملوك تجمعوا على مائدة واحدة في شرم الشيخ، لم نر لقاء مع رئيس أسوة بما يفعله الإعلام الخارجي مع الرئيس السيسي، ولم نر لقاء مع ضيف واحد من أوروبا يتحدث عن أهمية القمة قبل انعقادها، ولم نتعايش مع ما يحدث من خلال نقل ما يدور في الكواليس.

سوف نشاهد إعادة تدوير فكرة قديمة، وهي البث المشترك، ولا أعلم لماذا التمسك بها رغم فشلها في مرات سابقة، ففيها تتداخل رغبات المذيعين في التحدث وطرح الأسئلة، ويتنافسون فيما بينهم لزيادة مساحة الكلام، يبتسم كل منهم للآخر وهو غير مرتاح للجلوس بجانبه، ويمر الحدث دون أن يكون إعلامنا مدركا لأهميته.

أتمنى أن يقدم الإعلام المصري اليوم تغطية تليق بالقمة، وأن يشبع نهم المتلقي بانفرادات ولقاءات حصرية، ولا يكتفي كعادته بـ(التصبيرة) التي تفقد الحدث أهميته وتفرده.
basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية