رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

شقى العمر راح.. أصحاب محال الدرب الأحمر يروون مأساتهم بعد الانفجار (فيديو)

فيتو

لم يكن أبو أدهم الخمسيني صاحب متجر لبيع السلع التموينية في حارة الدرديري المتفرعة من منطقة الكحكيين بالدرب الأحمر، يدري ما السبب الذي دفع عينيه وفجأة دون أية مقدمات أن ترى سوادًا يحيط بها لثوان معدودة، في حين كان منهمكا في تحديد مواقع كاميرات المراقبة في الحارة لقوات الأمن التي جاءت منذ عصر أمس بحثا عن مشتبه به.


لا يعرف أبو أدهم تحديدا ماذا فعل، وكيف لهذه الحارة الهادئة أن يخرج من بين جدرانها مشتبه به يحمل صفة "خطير جدا": "أنا كنت واقف مع أمين شرطة بقوله على أماكن كاميرات المراقبة، وفجأة حصل الانفجار كانت الساعة ٩ ونص بالظبط، محستش غير وكل البضاعة بتقع على بعضها، والنور كله انطفأ مبقاش غير نور الثلاجة الأحمر الصغير فقط".


أبو أدهم صاحب المحل والمقيم بالحارة التي شهدت مساء أمس، انفجار عبوة ناسفة كان يرتديها إرهابي تطارده قوات الأمن منذ الاشتباه به في زرع عبوة بدائية الصنع عند أحد الارتكازات الأمنية بمحيط مسجد الاستقامة بالجيزة، كان في مصاف المتضررين من حادث التفجير، بعد أن قضى الانفجار على الأخضر واليابس بمحله القائم عند مدخل الحارة.

كان يجلس بمحاذاة زوجته يلقي نظرة نحو البضاعة المتناثرة في أرجاء المحل: "مين هيعوضنا عن كل ده المحل كله ادمر، مفيش حاجة تم إنقاذها، الخسارة بالآلافات".

تهز الزوجة رأسها بحسرة وتضعها بين يديها: "الحارة دي طول عمرها معروفة بالهدوء والأمن، وكلنا عارفين بعض إيه اللي جرى، حتى الولد الحسن اللي فجر نفسه في المنطقة ابنها وأبوه طول عمره عايش وسطنا قبل ما يسافر أمريكا هو وأخواته".


متجر أبو أدهم لم يكن الوحيد الذي لقي الضرر الأكبر بسبب انفجار العبوة الناسفة في وسط الحارة محدودة المساحة، فضيقها الملاحظ والتصاق المباني ببعضها، جعل الضرر يعم الجهة اليمنى للشارع بكاملها: "أكتر من 5 بيوت و4 محال ادمروا، الناس قاعدة في الشارع من ‘مبارح جنب بضاعتها خايفة الباقي منها يتسرق".



في الناحية الداخلية للحارة، وتحديدًا بموقع انفجار العبوة التي كان الانتحاري يحملها في حقيبة ظهره خارجا من منزل عائلته بالحارة ذاتها، كان الخراب والدمار هما سيدا المشهد، فعلى يسار المار من موقع الحادث تكسو الدماء جدران منزل متهدم، بينما مازالت بقايا الأشلاء عالقة على الطبقات الخشنة منها، يجاورها الدراجة الهوائية التي كان يستقلها الانتحاري، ومازالت بقاياه عالقة به: "دي بقايا جسمه على العجلة غطيناها بلافتة عيادة أبوه الدكتور عبدالله عراقي، أستاذ القلب في أمريكا، يمكن مشهد مكنش يخطر على بال حد إنه يقع.. دي عائلة محترمة وبيت أصول".. هكذا يتحدث أحد سكان البيت الملاصق لمنزل الانتحاري، وأحد المتضررين من أثر الانفجار: "بلكونتنا وقعت والكهرباء فصلت غالبا كل الأجهزة الكهربائية ادمرت".


أما عبده إبراهيم صاحب 3 محال لبيع السلع التموينية بالحارة، فكان له نصيب الأسد من الخسارة، 3 غرف كبيرة متراصة بجوار بعضها خيّم الدمار عليها، لم يستطع الناظر للوهلة الأولى إليها أن يحدد كيف كانت قبل الساعة التاسعة والنصف من مساء أمس: "المحال دي بقالها أكثر من ٥٠ سنة في الشارع وارثها عن أبويا، كل محل فيه نوع بضاعة معين زي مخزن + المحل نفسه اللي ببيع منه وده خسائره لوحدها ١٠٠ ألف جنيه، قولوا لي مين هيعوضني عن كل ده".

خبر انهيار المحال الثلاثة المملوكة لـ"عبده" جاءه في تمام الساعة العاشرة من مساء أمس، بينما كان في منزله بمنطقة المرج: "من وقتها وأنا واقف على رجلي، لو سبت الحاجة ومشيت الحرامية هييجوا يخلصوا على البضاعة".


بين الحزن على شقى العمر الذي ذهب هباءً، والتعجب من حال الشاب الذي كان ينتمي لأفضل عائلات الحارة، تضاربت مشاعر الجيران وأبناء حارة الدرديري بين المفجوع الذي كانت نفسه تحدثه بأن خلف هذا الشاب الصامت دائما "حكاية كبيرة" لا يعرفها إلا هو.

يقول أحد الجيران: "أنا كنت بشوفه طالع ونازل في سكوت مبيكلمش حد، حتى سلام ربنا مش بيقوله، كنت حاسس إنه وراه حاجة، قالوا شغال كهربائي، ومرة تانية عامل بناء، كنا بنشوفه شايل جبس ومواد بناء وطالع على شقته، لكن مكناش نعرف إنه شغال في صناعة المواد المتفجرة كمان".

أما محمد دياب المحامي وأحد سكان الحارة، فرأى أن طفولة الانتحاري التي كانت تختلف تمام الاختلاف عن بقية أطفال الحارة خاصة بعد انفصال والده عن والدته وتركهما للمنزل، ووضع الطفل في حضانة الجدة، جعلته يشب على العزلة والانطوائية، حتى إنه منذ سنوات لا يتذكرها دياب تحديدا، عكف على إطلاق لحيته، ومصاحبة بعض الشباب ممن يحسبون على الجماعات السلفية: "هو خريج جامعة الأزهر لكن معرفش كلية إيه، كان متدينا ومطلقا لحيته، لكن في آخر 3 سنوات حلقها وبدا شكله شبه الغرب، وأطلق شعره وحلق ذقنه وجاب عجلة وخوذة ومبقاش يروح المسجد".


Advertisements
الجريدة الرسمية