رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نهاية أزمة «جزر الكوريل».. الاقتصاد كلمة السر


بالرغم من مرور أكثر من 74 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أن اليابان حتى الآن لا تعترف بنتائج هذه الحرب خصوصا فيما يخص روسيا الاتحادية وامتلاكها لجزر الكوريل. وبالرغم من المساحة الشاسعة التي تمتلكها روسيا الاتحادية والتي تصل إلى 17 مليونا و100 ألف كم مربع، فإن القيادة الروسية لا تتخلى أبدا عن أي متر مربع من هذه المساحة.


حتى أن الكرملين يسعى جاهدا تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين إلى استعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية بضم شبه جزيرة القرم عام 2014 إلى الاتحاد الروسي مرة أخرى، وبإصراره على عدم التفريط في الجزر الأربع الصغيرة جدا لدولة صغيرة مثل اليابان، التي تمتلك مساحة لا تزيد عن 378 ألف كم مربع.

فقد بدأ النزاع بين الدولتين على هذه الجزر في مطلع القرن التاسع عشر، عندما تنافست اليابان مع روسيا القيصرية حول السيادة عليها، لكن انتصار اليابانيين في الحرب الروسية – اليابانية التي دارت في الفترة ما بين 1904 و1905 سمح لهم بالسيطرة التامة على هذه الجزر، حتى صدور قرارات «مؤتمر بوتسدام» في أعقاب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية.

وهذه القرارات سمحت لموسكو باستعادة الجزر المذكورة وضمها إلى أراضيها الشاسعة، وصمتت اليابان تماما عن هذه القضية حتى عام 1956، حينما وقعت طوكيو وموسكو اتفاقية تقاسمتا بموجبها الجزر الأربع الجنوبية من أرخبيل الكوريل (جزيرتان لكل منهما)، لكن طوكيو عادت إلى المطالبة بكامل الأرخبيل بمجرد تفكك الاتحاد السوفيتي.

واستخدمت اليابان في تسعينيات القرن الماضي طرق المساعدات المالية في ظل تدهور الاقتصاد الروسي في فترة حكم "بوريس يلتسين" لكي تتخلى روسيا عن هذه الجزر، إلا أن روسيا بالرغم من ذلك لم تقدم على هذه الخطوة.

أما في الفترة الأخيرة وفي ظل سوء أحوال الاقتصاد الروسي بسبب العقوبات الغربية والحرب في سوريا عادت القضية مرة أخرى إلى السطح، وأصبحنا نرى أخبارا متعلقة بها في وسائل الإعلام العالمية والروسية بشكل خاص.

"فشينزو آبي" رئيس الوزراء الياباني صرح أكثر من مرة أن مسألة توقيع اتفاق سلام شامل مع روسيا مرتبط بالحديث عن وضع الجزر الأربع، وردت موسكو بحذر على هذه التصريحات، في حين أن موقف موسكو بدأ في اللين بسبب الوضع الاقتصادي الصعب بقولها إنهم مستعدون للحديث عن هذا الأمر، ولكن في ضوء ترسيم الحدود الاقتصادية، والقيام بمشاريع مشتركة على أرض هذه الجزر مع وجود ضمان قانوني بعدم السماح للولايات المتحدة بإقامة قواعد عسكرية عليها.

وفي هذا الصدد يؤكد الدكتور "كأمران جاسانوف" بأن إحياء قضية جزر الكوريل يعود إلى عاملين: الأول- بيان السلطات الروسية حول الاستعداد لتسوية القضية في ضوء الإعلان السوفيتي الياباني عام 1956، مما يعني ضمان اليابان عدم إقامة قاعدة أمريكية، ونقل الجزيرتين الصغيرتين "هابوماى وشيكوتان" إلى اليابان.

العامل الثاني يتمثل في رغبة روسيا بجذب استثمارات يابانية إلى الاقتصاد الروسي، خصوصا في مشاريع الغاز الطبيعي في القطب الشمالي.

ويكمل "كأمران جاسانوف" قائلا "إن فلاديمير بوتين سيضطر إلى التوقيع على هذه الاتفاقية بشكل أو بآخر بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية. أما مسألة ضمان عدم نشر قواعد عسكرية أمريكية فلا معنى لها".

بتوقيع اتفاقية الوضع القانوني لبحر قزوين في أغسطس الماضي فمن الواضح أن الكرملين يسعى إلى تحسين الوضع الاقتصادي بإعادة النظر في القضايا الخاصة بترسيم الحدود الروسية مع جيرانها. لكن هل سترضى مؤسسات الحكم الروسية عن مسألة تسليم جزر الكوريل إلى اليابان، أم سيستمر الوضع القانوني الخاص بالجزر لفترة أطول؟
Advertisements
الجريدة الرسمية