رئيس التحرير
عصام كامل

«رفد ووقف عن العمل».. معارضو «هيكل» يكشفون كواليس معاركهم مع «الأستاذ»

فيتو

لم تكن الرحلة كلها ملائكية، ولم يكن الأمر دون عقبات، أن تصل للقمة أمرًا سهلا، لكن أن تظل على القمة طوال سنوات طويلة يستلزم بعض المتطلبات، أهمها أن تكون بالطبع صاحب أنياب تظهر في الوقت المناسب.


في رحلته الطويلة التي بدأت من الإيجبشيان جازيت ووصولًا لأهرامه التي بناها، استطاع الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل أن يصنع أسطورته بنفسه، هو الذي وصل لمكانة لم يصل إليها صحفي من قبله، تلك حقيقة أقرها منافسوه قبل أصدقائه.

ولكن هل الرحلة لم تكن بلا أي عوائق، هل لم يلجأ إلى الضرب «من تحت الحزام»، أو إعطاء كتف لزميل هنا، أو زميل هناك، الحقيقة أن من يعتقد ذلك فقد وضع «الجورنالجي» في صورة «قديس» وهو أمر لم يحبه هو شخصيًّا، فقد قال كلمته ومضى.

في ذكرى رحيله، حاورت «فيتو» بعض ممن كانت لهم مواقف معارضة لـ«هيكل»، ويروون في شهادتهم كيف تعامل معهم الكاتب الراحل.

نبيل زكي
والبداية كانت مع الكاتب نبيل زكي، رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالي الناطقة باسم حزب التجمع، وأحد أقدم اليساريين في مصر، وقد بدأت القصة حين كان «نبيل» يكتب في جريدة "الكاتب" بجانب عمله في أخبار اليوم، في حين كان «هيكل» يتولى رئاسة تحرير أخبار اليوم.

وفي البداية يقول نبيل زكي: «مش ممكن أنسى أنه هو اللي دق جرس الاعتقالات 1959 حين كتب بالنص "على الشيوعيين أن يضعوا الأقفال على أفواههم وإلا، وبعدها جرت حملة الاعتقالات».

وأوضح أن الموقف الشخصي بدأ حين قال «هيكل» لأحد مساعديه: «ابقى قول للواد نبيل ميكتبش في الكاتب ولو عاوز يكتب في الطليعة». ويوضح نبيل زكي أنه بعد هذا الموقف وبدلًا من كتابة مقال واحد في مجلة الكاتب، بدأ في كتابة مقالين.
 


فريدة النقاش
كان يكفي أن تُطرد بسبب مخالفتك لوجهة نظره، هذا ما تقوله الكاتبة الصحفية فريدة النقاش والتي تحكي واقعة رفد زوجها الكاتب الراحل حسين عبد الرازق من جريدة الجمهورية بسبب معارضته لما كتبه «الأستاذ».

تستعيد ما حدث وتقول: «هيكل ظاهرة إشكالية ومثقف كبير واستطاع أن يستخدم ثقافته للصعود الاجتماعي والسياسي وفي تكوين وضع خاص به، وكان له موقف خاص مع حسين زوجي، فبعد الهزيمة كتب هيكل مقالًا دعا فيه إلى تحييد أمريكا، فرد عليه حسين أن تحييد أمريكا مش هيحصل والأفضل نشوف ايه القوة العربية اللي ممكن تتجمع علشان نحرر أراضينا، فحسين اترفد وكان مفهوم أن هيكل وراء القرار، وبعدها بيومين هيكل راح قال للطفي الخولي إن حسين جالي واعتذر لي، وده محصلش، وده يبين لك قد إيه هو شخص نرجسي مستغرق في ذاته».


رفعت السعيد
وفي حوار سابق لـ «فيتو»، كشف الراحل رفعت السعيد، عن تفاصيل علاقته مع «هيكل»، والتي وصفها بأنه كان ضحية صراع الكبار، وكان يقصد بذلك صراع «الجورنالجي» مع خالد محيي الدين.

وقال السعيد: «هناك مثل إنجليزى يقول إذا تصارعت الأفيال تكسر العشب»، وهكذا كنت أنا العشب الذي تكسر بعد أن نشب صراع بين خالد محيي الدين بسبب توليه إدارة دار "أخبار اليوم"، وأمانة الإعلام بالاتحاد الاشتراكي، وهذا يعني أنه يرأس «هيكل»، وتلك كانت مصيبة أن يكون هناك من يرأس هيكل، وبصفتى كنت مديرًا لمكتب خالد محيي الدين فكان نصيبى الخروج من دار "أخبار اليوم" بعد ذلك ووقفي عن العمل».

ويضيف: «بعد أن تولى خالد محيى الدين دار أخبار اليوم طالب الرئيس عبد الناصر بأن يكون هناك حل لأزمة الورق في الصحف في ظل أزمة الدولار وقتها، واقترح «محيي الدين» أن تقوم كل الجرائد بتخفيض أعدادها، وبعد أن اتفق الجميع على ذلك رفض هيكل هذا الاقتراح، وحين اتصل خالد محيى الدين بعبد الناصر قال له: «متخوتنيش معاك، ده حتى المشير عامر متضايق إنك ماسك أكبر دار صحفية في مصر»، وهنا رد محيي الدين «سأتقدم باستقالتي»، ووافق عبد الناصر، وتولى «هيكل» بعد ذلك الدار، وكان أول قراراته رفدى كونى مدير مكتب محيى الدين وهكذا وجدت نفسى في الشارع.

ويكمل: «غضبت من هيكل، وذهبت لأجلس في جروبي في سليمان باشا فجاء لى خالد محيى الدين وأخبرته بالأمر فتوسط لى عند عبد الناصر، وتم تعيينى في هيئة الكتاب، وأصر خالد محيى الدين على أن يوصلنى بنفسه في أول يوم عمل، وسلمنى للأستاذة سهير القلماوى وقتها، وبعد أن تصالح هيكل مع خالد محيى الدين، وقبل أن ينتقل إلى الأهرام استدعانى، وكان معه كل قيادات أخبار اليوم وقال أمامهم: أنا فصلتك وضميرى بيأنبنى، وده قرار عودتك وأمر الجميع بالإمضاء على الورقة، وعدت قبل انتقاله إلى الأهرام".

وفي نهاية شهادته أكد رفعت السعيد أن «هيكل» أشطر رئيس تحرير قابله، رجل له رؤيته وقادر على النظر إلى بعيد وهو أمر ساهم في نجاحه.
الجريدة الرسمية