رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خطة اصطياد «خليفة القرضاوي».. الصغير يشن هجوما ضاريا على الريسوني.. وأموال قطر تثير الفتنة بين تجار الإسلام السياسي.. خلافات المتأسلمين تخرج من الغرف المغلقة.. وصراع على الفضائيات لنيل رضا ح

القرضاوي و الريسوني
القرضاوي و الريسوني

طوال أسبوعين، والأزمة مشتعلة داخل ما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أو اتحاد القرضاوي، بسبب لقاء شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، الذي أثمر عن توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، هذه التحفة الإنسانية الفريدة، التي ستعيش كثيرا، باعتبارها واحدة من أرقى الوثائق الإنسانية، التي تؤسس للتآخي، والتراحم، والمساواة بين بني البشر، بسبب تورط أحمد الريسوني رئيس الاتحاد الجديد في الإشادة بالوثيقة، وهو ما اعتبرته قيادات التيارات الدينية المتصارعة على منصبه جريمة لا تغتفر.


ورغم إشادة العالم الحر بالوثيقة، التي بادر بها أهم رجلي دين في العالم أجمع، شيخ الأزهر، وبابا الفاتيكان، إلا أن منسوبي الإخوان كان لهم رأي آخر، وحاولوا بكل الطرق تمزيقها، وإهالة التراب عليها، وما أعاقهم عن ذلك، تصرف غير مقصود من أحمد الريسوني، القيادي الإخواني المغربي، وخليفة القرضاوي في الاتحاد، الذي أثنى على الوثيقة، لإثبات تسامح التيارات الدينية، التي تسعى لتشكيل كيانات موازية للمؤسسات الدينية الرسمية العريقة في المنطقة وعلى رأسها «الأزهر»، ومخاطبة العالم باعتبارها صوتا آخر للإسلام، إلا أن المحاولة لم تسلم من المزايدات، وانتهت بخطة تحاك حاليًا للإطاحة بالريسوني، رغم عدم إكماله أربعة أشهر في منصبه، خلفًا للقرضاوي، الذي استقال لأسباب عدة، على رأسها أمراض الشيخوخة.

وبحسب مصادر، فقد فجرت تصريحات الريسوني حالة كبيرة من الجدل بين قيادات الاتحاد، وهو أول اختبار عملي، لقوة سلطة الريسوني ومقدار الدعم الذي يحظى به من مؤسسات الحكم في الدوحة، مقارنة بالقرضاوي، الذي كان يدين له الجميع بالسمع والطاعة، سواء لمكانته الدينية بين تيارات الإسلام السياسي، أو لقربه من نظامي الحكم في قطر وتركيا.

على مدار أسبوع كامل، اشتعل الخلاف، بين التأييد والرفض، وزاد من تعقيد الأمر، استعلاء الريسوني على متزعمي معارضته، ولاسيما أنه يعلم جيدا طمعهم في منصبه، ومحاولاتهم المستمرة تقديم أنفسهم للرأي العام الديني، والسلطات القطرية باعتبارهم كانوا أحق منه بقيادة الاتحاد، أو على الأقل حصر قيادته على مدة واحدة فقط، ولكن بدأت دائرة رفض الريسوني في الاشتعال، وبدلا من خلافات الغرف المغلقة، لجأت جبهة المعارضة الجديدة، إلى العديد من الفضائيات الإخوانية لإبداء تحفظها على دعم الريسوني، لوثيقة تعلي من شأن الإمارات سياسيًا، وتدعم الأزهر في مواجهتهم، إلا أن الفضائيات الإخوانية، وبحسب المصادر، تحججت باستشعار الحرج، ورفضت عرض الخروج وفتح القضية خوفا من رد الفعل حولها.

تضييق الفضائيات الإخوانية، جعل محمد الصغير، مستشار وزير الأوقاف الأسبق، ونائب رئيس حزب البناء والتنمية، والقيادي بالجماعة الإسلامية، وأحد متزعمي جبهة المعارضة ضد الريسوني، يلجأ إلى حساباته على السوشيال ميديا، ودشن فيديو، هاجم فيه الريسوني، وحاول الاستعراض عليه، معددا أسباب رفضه إشادة الريسوني بالوثيقة، واعتبارها في صالح الإسلام والمسلمين.

الفيديو الذي بلغت مدته 15 دقيقة، فجر فيه الصغير الكثير من المفاجآت، أهمها أن الاتحاد لما يعد كما كان أيام القرضاوي، حصن أشبه بالكهوف السرية لا أحد يعلم كيف يدار، ولا يمكن التكهن لحظة بمعرفة ماهية الخلافات بين قياداته، في ظل ولائهم جميعا لأفكار الإسلام السياسي، والقيادة القطرية، بجانب إحساسهم بحتمية التجاسر لحماية مصيرهم المشترك في منطقة تلفظهم، وفي هذه الأجواء، لا طاقة لمن يقدمون لهم الحماية، بتحمل أزمات داخلية، وهي القراءات القديمة للمشهد التي نسفها «الصغير» بهجومه الضاري على الريسوني، الذي خرج هو الآخر ليكشف تلاعب القيادي الجهادي المصري، الذي ينشط في الساحة الإعلامية، وتقدمه فضائيات إسطنبول لمشاهديها، باعتباره خليفة القرضاوي المنتظر، وأكد تلون مواقفه، وتغيرها حسب مواقعه والأماكن التي يتواجد فيها.

الصراع الذي تتناول تفاصيله، جميع الجبهات في إسطنبول حاليا بالغرف المغلقة، يكشف محاولة الصغير استغلال زلة الريسوني، مع أن الأخير تبرأ منها سريعا بعد إدراكه ما يحاك له، وسريعًا زعم في بيان له، أن إشادته كانت موجهة للأزهر فقط، وليس لأي سلطة سياسية يقصد «الإمارات»، حتى لا ينجح الصغير في تقليب السلطات المعنية في قطر ضده، ولا سيما أنها صاحبة قرار تزكيته وتصعيده خلفًا للقرضاوي، وهي معادلة يرفضها قيادات الجهاد والسلفيين في المهجر، وبدأ صوتهم يعلو في رفض سياسة تفضيل الإخوان عليهم، سواء في قطر أو تركيا، واعتبار قيادات الجماعة، مهما كانت عليهم ملاحظات، أكثر قبولا للمجتمع الداخلي والخارجي منهم، وتستغل التيارات السلفية انقسام كيان الإخوان إلى جبهتين، وتنسق مع جبهة المعارضة الإخوانية، التي تحاول إزاحة الكيان القديم للجماعة بأي طريقة، وتولية غيرهم سدة القيادة في مشهد الإسلام السياسي بالخارج، حتى لو كانوا أعداء أيديولوجيين لهم كالسلفيين أو الجهاديين، باعتبارها خطوة أولى لإضعافهم في الداخل، وإقناع مصادر التمويل، بضرورة إزاحتهم عن سدة الحكم في التنظيم، بحجة فشلهم المتتالي بجميع الملفات التي تولوها، بجانب فشلهم الأكبر في الحفاظ على الحكم بمصر.

وبحسب مصادر، يحاول الصغير، إظهار ملكاته السياسية خلال مداخلاته، ولقاءاته المتعددة وخاصة في الإعلام الموالي لجبهة المعارضة، لإظهار الإمكانات التي يمتلكها فرع أكثر حداثة في الجماعة الإسلامية، ويسوق نفسه باعتباره أقل حدة وتطرفا من جيل عاصم عبد الماجد ورفاقه، لذا يحاول دائما اللعب على ورقتي السياسة والدين، بل ويوحي بفجاجة أن هذا التيار الجديد في الجماعة الإسلامية، ليس لديه أزمة في توظيف الدين خدمة للمواقف السياسية القطرية، بعكس الجيل القديم الذي يرفض المواقف السياسية المعارضة لتوجهاته، ويكثف الصغير من إظهار نفسه معارضا شرسا للإمارات، يحصد من ناحية شعبية بين تيارات الإسلام السياسي ومن يدعمها، ومن ناحية أخرى، يضع نفسه على قائمة اهتمامات الحكومة القطرية، ورؤيتها لمن يمكنه قيادة مصالحها بإخلاص نادر، وقيادة الحشد الديني لها من على منابر الفضائيات، باعتبارها الداعم الأول للإسلاميين في المنطقة، وهو منهج القرضاوي منذ قدومه على الأرض القطرية، وكان سببا في التصاقه بحكام قطر، وإخلاصهم له وإبقائه على سدة السلطة الدينية منذ ستينيات القرن الماضي وحتى الآن، وهي المكانة التي يطمع الصغير في الاستحواذ عليها منفردًا، والضرب في الريسوني، أول الطريق لتحقيق أهدافه.

المثير أن النوايا السيئة للصغير، جعلته يصور فيديو الهجوم على الريسوني، وبدلا من تقديم نفسه بطريقة جيدة، وقع في ظلمات أفكاره، وفشل في مناطحة الأزهر الذي ظهر للعالم كله في ثوب تسامح لا مثيل له بجانب بابا الفاتيكان، وهاجم الصغير رموز الكنائس الكاثوليكية، واعتبرها مشاركة في عزل مرسي، وندد بالبابا فرانسيس نفسه، واتهمه بالمشاركة في حصار المسلمين بالعالم، وهي رواية كاذبة، ما كان للأزهر للإقدام على مبادرة الإخوة الإنسانية، لو كانت هذه الادعاءات صحيحة، بما يجعل استبعاد «الصغير» ضرورة سياسية، حتى لا تخسر قطر مليارات الدولارات التي صرفتها على العلاقات العامة، لإبعاد أي شبهة تجمعها بالإرهاب أو رموز التطرف، وتصريحات كهذه تجعل من مستشار وزير الأوقاف الأسبق قنبلة موقوتة الاقتراب منها خطر لا يمكن توقع الأذى حوله.

الأهداف الواضحة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أصبحت مكشوفة لجميع خبراء الإسلام السياسي، ودعاة السلف، ومنهم الشيخ أسامة القوصي، الداعية السلفي، الذي أكد أن الاتحاد سياسي وليس دينيا، موضحا أن الهدف من جمع الشيعة والإباضية والسنة في بوتقة واحدة «المصلحة السياسية» وليس المنهج أو الفكر، وأوضح القوصي أن آلية اختيار القائمين على الاتحاد تهدف للقضاء على مكانة الأزهر في العالم، وهي مؤامرة قذرة من الإخوان، ولم تعد تنطلي على أحد بحسب وصفه.

نقلا عن العدد الورقي...
Advertisements
الجريدة الرسمية