رئيس التحرير
عصام كامل

طفل البلكونة وثقافة الحلول


أثار فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي أثرا متباينا عن طفل تدفعه والدته ليتسلق البلكونة من الشباك المجاور، وكان على شفا أن يسقط صريعا من ارتفاع عال، وكانت والدته غير مهتمة بصراخه لعدم قدرته على القيام بالمهمة، وكانت المهمة هي تسلق البلكونة لإحضار مفتاح الشقة من الداخل.


هذا الموقف للأسف كان من أصعب المواقف التي رأيتها في حياتي، واندهاشي كان كبيرا من رد الفعل للجيران الخائفين على حياة الطفل واللامبالاة من جانب الأم، سواء في عدم الاستجابة للجيران أو الرد عليهم أو استمرار محاولاتها لدفعه للأمام مع صراخه ولو كانت نتيجة المهمة هي حياته.

لم أتوقع أن نرى من يبحثون عن الحلول المستحيلة للوصول للأهداف بهذه الطريقة، فهى ترى الهدف ولا تحسب تكلفة الوصول لهذا الهدف. هل هذا يفسر عدم العلم بالنتائج أم أن حياة الطفل عندها لا تصل إلى درجة الاهتمام؟!

هناك صور أخرى من محاولات صنع المستحيل تمت خلف الجدران سبقت هذا الموقف نجح بعضها وفشل البعض الآخر، وصار هناك مفهوم أنه يمكن تحقيق أي هدف بالقوة دون مناقشة أو إقناع أو حتى وجود الأسباب.

الأغرب هو كيفية استعادة الطفل من قدمه هو أشبه بمعجزة ربانية، مهما كانت قوة المواطن المنقذ فقد لا يستطيع أن يقوم بسحب طفل بهذه السرعة، وتحدث الكارثة!.

حلول المشكلات تنبع من ماض به علم وخبرة، ولعل التقصير في المجال العلمي يجعل الإنسان يفكر في حدود معرفته، وفى حدود خبراته بالمحاولة والخطأ، والنتيجة بالطبع غير مضمونة إلا أن الدافع موجود ولو كلف هذا الدافع صاحبه حياة ابنه لا قدر الله، ويصير مفهوم دفع الطفل بعمل المهام بالضرب والقوة أساس التربية، وهو مالا يحمد عقباه أن كبر الطفل على هذا المفهوم.

عند وقوع الفرد منا في مشكلة عليه أن يستشير فيها أقاربه أو الجيران أو من يثق فيهم ممن لديهم المعرفة والعلم والخبرة، فقد يكون هناك حلول أخرى أو يعرضون مساعدة لتكون كفيلة بحل المشكلة، إذ هناك من لديهم خبرات مختلفة وقادرون على طرح الحلول، وإلا كان كل منا يحل مشكلته وفقًا لتفكيره الذي قد يكون بدائيا ولا يحقق النجاح، في حين أن الاستعانة بتجارب الآخرين يمكن أن تحقق النجاح لأنه ببساطة يزيد من مساحة الخبرة لديك ويعزز من ثقتك بنفسك.

أرجو أن يكون هذا الموقف كفيلا بخلق واقع أفضل لكل طفل، وأدعو الله أن يعين كل أب وأم على تربية أبنائهم بالصورة التي تخلق جيلا أفضل إن شاء الله.
الجريدة الرسمية