رئيس التحرير
عصام كامل

الدرس البليغ!


قدم لنا مجلس العموم البريطانى وللعالم أجمع الأسبوع الماضي، درسًا بليغًا في كيفية ممارسة الأداء البرلمانى الواثق الرصين بمنتهى المهنية والاحترافية، والذي يستحق معه بكل تأكيد أن يكون ممثلًا حقيقيًا للشعب، وذلك من خلال الجلسة التاريخية التي صوّت فيها 432 عضوًا مقابل 202 عضو، ضد شروط اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس القادم، الذي أبرمته الحكومة البريطانية في وقت سابق مع الاتحاد الأوروبي. 


مسجلين بذلك أكبر هزيمة تتعرض لها حكومة بريطانية في التاريخ، والمرافقة التي ينبغى أن نتوقف عندها كثيرًا لدلالاتها الإيجابية الفائقة، أن من ضمن هؤلاء الأعضاء 118 عضوًا من حزب المحافظين الذي تترأسه رئيسة الوزراء تيريزا ماى، وهو ما حدا بها إلى الرضوخ لقرار مجلس النواب، ودعت الأحزاب للحوار لتحديد الطريقة المثلى للمضي قدمًا في عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعدما نجت بأعجوبة في جلسة لاحقة من اقتراع بسحب الثقة من حكومتها بأغلبية 325 صوتًا مقابل 306 أصوات.

وعلى الرغم من اختلافي الشديد مع السياسة البريطانية تجاه جماعة الإخوان الإرهابية والتي تعتبر الداعم الأكبر لها، إلا أننى أرجو أن نستفيد مستقبلًا بمنتهى الأمانة والموضوعية من التجربة البرلمانية البريطانية الجديرة فعلًا بكل التقدير والاحترام، لأن مصر العظيمة تستحق في المستقبل برلمانًا فتيًا وقويًا (تكوينًا، وأداءً) يليق بأصالة وعراقة شعبها، حيث يكون قادرًا حقًا وصدقًا على أداء حقوقه الدستورية التشريعية والرقابية على النحو الذي يجب أن تكون عليه دون أدنى خوف أو انبطاح، برلمان تعمل له الحكومة ألف حساب، وتعلم مسبقًا أن نهايتها الحتمية ستكون على يديه إن هي ضلت الطريق، أو حادت عن الأهداف التي تراعى مصالح جموع المواطنين.

يحدونى الأمل والرجاء مثل جميع المصريين أن يتوفر للعملية الانتخابية الخاصة بمجلس نوابنا القادم السياق البيئي السياسي الأمثل الذي يؤدي في النهاية إلى وصول العناصر التي تستحق فعلًا أن تكون خير ممثل لهذا الشعب الأبى، من أمثال البرلمانى الراحل الرائع فؤاد نصار، وكل من هم على شاكلته، لأن هذا بالتأكيد سيكون له تأثير شديد الإيجابية في التكوين والأداء الحكومي الذي ننشده جميعًا.
الجريدة الرسمية