رئيس التحرير
عصام كامل

عباس محمود العقاد يكتب: معنى الوطنية

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد

في مجلة الإذاعة والتليفزيون عام 1955 كتب الأديب عباس محمود العقاد مقالا قال فيه: من قديم الزمان ثارت الأمم على الحاكم الأجنبي، ولكن هذه الثورة قد تكون ثورة على ذل الخضوع والهوان.. فهى شعور غير مقصور على الوطنية يوجد في الإنسان الفرد كما يوجد في المجاميع الإنسانية.


ليس النفور من الذل كل ما فى الوطنية لأنها تشمله وتزيد عليه كثيرا من العواطف، وكثيرا من الروابط والشروط التي تحقق معنى الوطن والوطنية.

لم يكن من المستطاع ظهور الوطنية في عصور الإقطاع، لأن الشعور بالأقاليم وقتها كان أقوى من الشعور بالوطن.. ومن هنا ظهرت أسماء البحيرى، الصعيدى، الجيزاوى، الفيومى، الشرقاوى، القناوى وغيرها من ألقاب النسب إلى الأقاليم.

بل إنه لا تزال كلمة المصرى تطلق منذ أكثر من مائة سنة ويراد بها ابن القاهرة، ولم يكن من المستطاع ظهور الوطنية في عهد الملوك المستبدين لأن البلاد كلها كانت ميراثا للملك تنتقل بالمصاهرة والميراث.

نشأت الوطنية مع الإيمان بسيادة الامة وبأنها مصدر السلطات، وقد ظهرت هذه الوطنية وعلم الملوك بخطرها عليهم وبلغ من سخطهم عليها أنهم على كراهيتهم للدولة العثمانية ترددوا في مساعدة الأمم الثائرة عليها لأنها تثور بدعوى الوطنية وحقوق الشعب، ومنذ عرفت الوطنية التي تقوم على سيادة الأمة عكف الباحثون وعلماء السياسة على البحث عن تعريف لها.

وأقول إن الوطنية للأمة كالشخصية للإنسان فلا يلزم أن يتخلى الفرد عن شخصيته، ولا يلزم تتخلى الأمة عن شخصيتها لتصبح عضوا نافعا في البنية الإنسانية، بل تكون الشخصية المحترمة مناط العمل النافع لجميع بنى الإنسان.
الجريدة الرسمية