رئيس التحرير
عصام كامل

عباس الطرابيلي: هيكل لم يترك مدرسة بل ترك تابعين قلدوه في السيجار وطريقة الكلام

فيتو




  • عملت بائع أقمشة وصبى جزمجى ونجار قويمجى قبل التحاقي بالصحافة
  • يؤلمنى أن يصبح الوفد بلا مصدر مالي بعد أن كانت أمواله تتعدى 112 مليون جنيه
  • أحاول تأخير ألزهايمر بكتابة مقالي اليومي
  • أنيس منصور علمنى كيف أقرأ كتابا كاملا في يوم واحد
  • السادات لجأ لتعديل مدة الرئاسة ومبارك هو الذي استفاد منها
  • مصطفى أمين رشحني لفؤاد سراج الدين للعمل في تأسيس جريدة الوفد 
  • قضيت نصف عمري في القراءة والبحث عن الحقيقة
  • مصطفى أمين نصحني بالتفرغ للصحافة وترك محل الأقمشة حتى أنجح 
  • عندما كتبت عن الأكل زاد عدد القراء لأن المصري همه على بطنه 
  • أكبر جريمة في الصحافة أن يأتي كل رئيس مجلس إدارة جديد برجاله
  • "أخبار بيتنا" أول مجلة أصدرتها 
  • 5 جنيهات أول مرتب لي بأخبار اليوم 
  • مصر تحتاج إلى رؤية جديدة في مجال الإعلام 
  • نصيحتي للشباب: إياكم وصحافة "الألو"
  • خطوات "السيسي" تضع أقدامنا على بدايات نهضة حقيقية 
  • انتقلنا من صحافة الملايين إلى صحافة المئات 
هو كاتب ومؤرخ له العديد من الكتب التاريخية، يهدف بها إلى تنوير العقل المصري، وإعادة تعريف الشعب المصري بتاريخه العريق، قضى نصف عمره في القراءة والبحث عن الحقيقة، لا يجد غضاضة في الاعتراف بأنه التحق بالعمل في جريدة الأخبار بينما كان يعمل في نفس الوقت بائع أقمشة في محل بشارع شريف، يرى أن هيكل لم يترك مدرسة بل ترك تابعين قلدوه في اللبس والسيجار وطريقة الكلام، ويؤكد أن انهيار الصحافة الورقية قادم لا محالة وينصح الشباب: إياكم وصحافة "الألو".

إنه الكاتب الصحفى عباس الطرابيلى الذي يحتفل بعد أيام بعيد ميلاده الثالث بعد الثمانين، ويفتح خزائن أسراره في حوار مع "فيتو" بهذه المناسبة. 

* حدثنا عن النشأة ومدى تأثير دمياط عليك؟
ـــ أنا من مواليد 11 يناير 1936 في دمياط، والمجتمع الدمياطى مجتمع مختلف يعشق العمل، ولذلك ليس سرا أنى عملت منذ كان عمري أربع سنوات صبى جزمجى، ونجار قويمجى، وبائع في محل قماش، حيث كان المعتاد للصبى أن يعمل و"يتقن" بدل ما يفسد من اللعب في الحارة، ومن جيلى من أبناء دمياط صديقى الكاتب صلاح منتصر، كنا أنا وصلاح لا نعرف يعنى إيه لعبة، فالكل في دمياط يعمل، ولذلك لا توجد أمية فيها، فالدمياطى يحب يعلم أولاده من أجل تيسير أموره التجارية (المحاسب والقانوني وغيره).. مجتمع لا يوجد فيه متسول، لأنه لو اشتغل سيكسب أكثر من التسول.
الدمياطى قبل سن التعليم الرسمى كان يلتحق بالمدارس الأهلية، حيث توجد بها 19 مدرسة أهلية، فالتحقت بمدرسة فراج الأولية ثم مدرسة دمياط الابتدائية الأميرية عام 1946، وكان ملحقا بها نظام الثانوية، ومدة الدراسة 9 سنوات، ثم اشتركت في الصحافة والإذاعة المدرسية، وكنت أكتب يوميا على سبورة الحائط آخر الأخبار ونذيعها في الإذاعة، وكان معنا في المدرسة السفير جمال بيومى.
في هذه الفترة كان النشاط المدرسى كبيرا فكان في المدرسة ملاعب بالمقاييس الدولية.. قدم، سلة، طائرة وأيضا صالة جيمانيزوم، وكان النشاط غير تقليدى كشافة وفلاحة وجمعية جغرافية مصغرة.

* ما سبب التحاقك بقسم صحافة ثم البداية الصحفية؟
ــــ الخلفية الصحفية والإذاعية في المدرسة جعلتني أطلب من مكتب التنسيق ترشيحى لقسم الصحافة بكلية الآداب، لدرجة أنى كتبتها رغبة وحيدة، والتحقت بقسم صحافة، وبالصدفة كان مصطفى أمين يحاضرنا في فن التحرير الصحفى وكتابة الخبر، وجاء يوما وطلب من كل منا يعمل مجلة تابلويد في عشر صفحات، اسمها "أخبار بيتنا "لا ينشر بها إلا أخبار من داخل بيوتنا، وكنا خمسة، وفاجأنا بأن هذا هو الامتحان، وأعطى كل منا 20 جنيها، وعرض علينا العمل في أخبار اليوم وكنا في السنة الثالثة، والتحقت بالعمل في الأخبار، وكنت وقتها أعمل بائع أقمشة في محل بشارع شريف، وجمعت بينه وبين العمل في الأخبار، وكان مصطفى بيه يدفع لي خمسة جنيهات في الشهر، وأول ما عملت في مشروع ليلة القدر بالموضوعات الإنسانية، وعلم باستمرارى بمحل الأقمشة نصحني بالتفرغ للصحافة حتى أنجح.

أما أول خبطة صحفية فكانت تغطية أخبار السفاح محمود أمين سليمان "بطل فيلم اللص والكلاب" وكان مصطفى أمين يوزعنا بنفسه على المناطق التي يحتمل وجود السفاح فيها، وكنت أخرج مع الزميلة حسنية عبد الجواد متنكرا في ملابس صعيدية، ومعنا صبرى غنيم وإسماعيل يونس، وكانت تحمل مشنة فيها سميط وبيض ودقة، وبدأنا بمنطقة الإمام الشافعى، ثم توليت تغطية وزارة الإسكان وتوارد على فيها عشرة وزراء، وغطيت بعدها وزارة الصناعة مع عزيز صدقى ثم البترول، ثم ساهمت في تأسيس وزارة الكهرباء مع الوزير عزت سلامة عام 1963.

* ماذا عن الصعاب التي واجهتها خلال مشوارك الصحفي؟
ــــ جيلى عانى كثيرا من الصعاب، فقد مرت على أيام لم أجد في جيبى قرشا واحدا، أو ثمن وجبة غذاء، وقد ساعدنى الأستاذ مصطفى أمين كثيرا، فكان من أول الشخصيات التي أثرت في نفسى وشخصيتى، كان يعطينى المال لشراء الكتب التي أحتاج إليها، أو مصاريف السفر لإنجاز مهمة صحفية، وجعلنى اقرأ في بداية حياتى كل ماكتب عن صحافة الإعلام في مصر والعالم، وبعد ذلك قضيت نصف عمرى في القراءة والبحث عن الحقيقة، ومن هنا أرى أن الأستاذ الحقيقى للصحافة هو مصطفى أمين، فهو صاحب مدرسة وعلم أجيالا، وليس محمد حسنين هيكل الذي لم يترك وراءه مدرسة صحفية، كان مصطفى أمين يرى أن القمة تتسع لأكبر عدد من النجوم، وأن الإنسان يكبر بزملائه وتلاميذه، كان يجتمع بالصحفيين في اجتماع الجمعة في مكتبه بالدور التاسع ويستعرض فيه الموقف السياسي أولا، ليعيش الصحفى في الجو السياسي حوله، ثم مناقشة أخطاء العدد السابق، ومناقشة العدد الجديد وتوزيع التكليفات، ومن هنا تحول إلى مدرسة في الصحافة، أما هيكل فلم يترك مدرسة بل ترك تابعين قلدوه في اللبس والسيجار وحتى طريقة الكلام.

* ماذا عن ذكرياتك مع تأسيس جريدة الوفد كجريدة معارضة؟
ـــ تمتعت بحرية الصحافة منذ بداية عملى بها حتى مايو 1960، حيث صدرت قرارات التأميم، وأصبح هناك رقيب يجلس بجوارى يمثل الدولة، ويعطى الموافقة والمعارضة على نشر الأخبار والموضوعات، في الستينيات كانت هناك موجة من تقييد القلم سائدة، فقبلت عرضا للعمل في دولة الإمارات، فلم يكن العائد المالى هو سبب تركى مصر أبدا، وأسست هناك أول صحافة يومية في أبو ظبي (جريدة الاتحاد) مع رفيق مشوارى الصحفى المرحوم مصطفى شردى، وكان معروضا على إبراهيم سعدة أن يكون معنا هناك، لكنه فضل العمل مراسلا لإحدى الصحف السعودية، وأمضيت في الخليج 11 عاما، وعندما عدنا من الإمارات، قمنا بتأسيس جريدة الوفد عام 1984 من أجل الدعوة إلى الحرية، وأتذكر أننا بدأنا بعشرة محررين منهم ثلاثة محررين من جريدة الأحرار، وانضم إلينا سعيد عبد الخالق من الجمهورية، وكان مصطفى أمين هو الذي رشحني لفؤاد سراج الدين رئيس الحزب للعمل في تأسيس الوفد من أجل المعارضة البناءة في مصر، وبدأنا في شقتين بعمارة عدلي المولد في المهندسين كمقر للجريدة، ثم انتقلنا إلى حي المنيرة وبعد الزلزال انتقلنا إلى قصر البدراوى في الدقى، وللعلم أنا من اخترت تاريخ 9 مارس 1987 لإصدار العدد الأول للوفد، وسألنى فؤاد سراج الدين "اشمعنى" قلت هو تاريخ بدء ثورة 1919 فوافق على الفور، وأذكر لفؤاد سراج الدين أنه أثناء التحضير للوفد الأسبوعى سألنا تفتكروا كم في المائة من مساحة الجريدة تخصص لأخبار الحزب وكم لأخبار الشعب؟ قلت له 5% فقط للحزب، خبط بيده على المكتب وقال ده كلام فاضى 1% فقط.

* ما شعورك مع حصولك مؤخرا على جائزة أحسن كاتب مقال؟
ــــ على فكرة مقالي (هموم مصرية) فاز بجائزة أحسن كاتب في مسابقة مصطفى أمين، لأنى أكتب في كل ما يوجع المصريين، الصحافة تصفق للسلطان، وأنا أصفق للمواطن، كتبت مقالى هموم الناس مع بدء صدور الوفد اليومى عام 1987، وشعرت أنى أحصل على مكافأة نهاية الخدمة، بدليل أننى المصرى الوحيد الذي يكتب مقالين يوميين في صحيفتين مختلفتين، وفيه سبب قوى لكتابتي للمقال اليومى، وهو تأخير الإصابة بألزهايمر -لا قدر اللـه- لكن لاحظت شيئا غريبا.. عندما كتبت عن الأكل زاد عدد القراء وذلك لأن المصرى همه على بطنه.

* لماذا لم تتخصص في كتاباتك منذ البداية فكتبت عن الطبخ والشوارع والأسواق والعادات؟
ــــ أتذكر مرة سألت مصطفى أمين أنت ليه بتكتب في كل شيء حتى القصة والفن فقال لى: هوه ده اللى أنصحك بيه، لأنك لو كتبت في السياسة فقارئك سيكون محدودا، وكل ما تتعدد جوانب الكتابة يتعدد عدد القراء، فطبقت كلامه ونصيحته، وأصبحت أكتب من طبيخ الأكل إلى الطبيخ السياسي، أيضا تعلمت من الأديب عباس العقاد كلمته الدائمة "أستطيع أن أكتب في الذَرَّة بالفتحة والذُّرة بالضمة بنفس التمكن".

* نقل عنك أنيس منصور قولك: (أعطني 100 ألف جنيه أردها لك مليونا بعد سنة لأني دمياطى) ما قصة هذا القول؟
ــــــ أولا أعترف أن أنيس منصور علمنى كيف أقرأ كتابا كاملا في يوم واحد، بقوله بقدر ما تقرأ كثيرا بقدر ما تنظر إلى صفحة الكتاب وتعدى التافه من السطور بنظرة عين، فتنجز قراءة المفيد من الكتاب، والقصة أن أنيس في هوجة ظهور شركات توظيف الأموال التي سادت مصر جيلين على الأقل، وكنت مسئولا ماليا في الوفد إلى جانب التحرير، سألنى لنفرض أعطيتك مائة ألف جنيه تشغلهم إزاي؟ قلت له أردهم مليون بعد سنة، حكى أنيس هذا الكلام لحسنى مبارك ونحن مسافرون، فقال لى مبارك: قل لى يا فالح إزاى؟ قلت في الحلويات ودوران رأس المال هنا 365 يوم في السنة ودى أعلى ربحية، ودلوقت مفيش مطعم بيخسر إلا الغشاشين، وفيه نشاط تجارى بيكسب كل يوم زي محال الأكل، وفيه نشاط بيكسب كل أسبوع زى صناعة الأحذية بتسلم في أسبوع، وفيه نشاط يربح كل شهر زي صناعة الموبيليا حيث يستغرق إنشاء الحجرة في الأثاث شهرا.

* تقول دائما إن الصحافة الورقية إلى زوال.. ما الحل لعودتها إلى مكانتها؟
ـــــ هناك جريمة وقعت في عالم الصحفيين بعد التأميم، في أخبار اليوم مثلا كان كل رئيس مجلس إدارة جديد يأتى معه برجاله، حتى خالد محيى الدين أتى برجاله معه، وهذه كانت بدايات التخمة الصحفية العددية، ومن هنا بدأت معاناة الصحافة بوجود جيش من الصحفيين.. عشنا فترة كان الصراع على التوزيع هائلا..الأخبار أصبحت صحافة الملايين، الأهرام الجريدة الرسمية، كما خرجت يمين ويسار في الصحف، وظهرت الصحف الحزبية الأحرار برئاسة صلاح قبضايا، وجريدة مصر برئاسة وجيه أبو ذكرى، والأهالي.. وكلمنى مصطفى كامل مراد، وأنا مدير تحرير الوفد أن أعمل معه رئيسا لتحرير الأحرار بعد خروج وحيد غازي، وكان الوسيط سمير عبد القادر، ورفضت فقال لى رشح بديلا فاخترت جلال عارف، قال لى ده ناصرى، فرشحت له محمود عوض الذي اشترط عدم تدخل رئيس الحزب في شئون الجريدة، ووافق وفعلا نهض عوض بالأحرار وتعدت الــ300 ألف نسخة.

ما أصابنا كصحافة أننا انتقلنا من صحافة الملايين إلى صحافة المئات من النسخ، وهل تعلمين أن إجمالي توزيع الصحف المصرية الآن لا يتجاوز 350 ألف نسخة، بينما الوفد في أحد أعدادها الأسبوعية وصلت إلى 800 ألف نسخة، والأخبار مليون.. وكانت بدايات انحدار الصحافة المصرية، وتتلخص مشكلات الصحافة الورقية في أولا تخمة أعداد العاملين فيها، وارتفاع أسعار الورق ومستلزمات الطباعة، وثالثا انهيار حصيلة الإعلانات بعد توسع الإعلانات التليفزيونية حتى أصبحت الصحافة عبئا على من يعمل بها، وقد وصل العدد إلى ما يزيد على 12 ألف صحفي، كما أن انهيار الصحافة الورقية قادم لا محالة بسبب الصحافة الإلكترونية، وهذا هو السبب الرابع، وبالتالي انهار التوزيع والإعلانات وبالتالي الخسائر.

* وما الحل إذن لهذه التخمة الصحفية؟
ــــ أيضا هناك أكثر من 40 كلية للإعلام وأقسام الصحافة في مصر، والحل في كليات الإعلام اللهم إلا إذا كان بعض الطلبة يحلمون بأن يكون كل منهم محمود سعد أو إبراهيم عيسى أو عماد أديب، وربما تكون الصحافة الرياضية أطول عمرا بحكم أننا من عشاق الرياضة، وكذلك الصحافة الإقليمية، وإن كانت الدولة ترفع يدها تدريجيا عن دعم المعيشة في مصر، فهى لن تمد يدها إلى دعم الصحافة الورقية ويكفى ما عليها من ديون.

* ما رأيك في اللغط الخاص بتعديل الدستور ومد فترة الرئاسة؟
ــــ هل نعود إلى عصر فايدة كامل أيام السادات التي اقترحت مع عضوة أخرى تعديل مدة الرئاسة، وبحرف واحد تغير النص القديم وقلب الموازين، كان النص القديم (مدة أخرى) تغيرت التاء إلى دال، وأصبحت مددا أخرى، والغريب أن السادات لم يستفد من التعديل بل استفاد حسنى مبارك وأكمل 30 سنة، ونعترف أن إنجازات حسنى مبارك في العشرين عاما الأولى كانت طيبة، ويكفى أنه أبعدنا عن أي صراعات إقليمية ومنع خروج الجيش المصرى خارج حدوده، لكن ظهور قضية التوريث كانت الضربة التي أصابت السنوات العشر الأخيرة، لكن لى رأى غريب بالنسبة إلى حكاية الأربع سنوات للرئيس وأرى أنها قليلة جدا، في النظام الأمريكى 4 سنوات ثم 4، والفرنسى 7 سنوات ثم 6 سنوات أخرى، وكان الأصوب لمن وضعوا الدستور الحالى أن تكون 6 سنوات ثم 6 أخرى، وهذه كافية لأن ينفذ أي رئيس مشروع النهضة والتنمية، خاصة أن مصر واجهت في الفترة الأخيرة مشكلات عديدة، وأصبحت المدة غير كافية، وربما هذا هو الذي شجع المصريين الآن على الكلام عن تعديل فترة رئاسة رئيس الجمهورية.

* هناك مآخذ كثيرة على الإعلام ما تعليقك؟
ــــ اعترف أن قضايا مصر الآن يجب أن نتفق على كيفية حلها، وإذا كان جمال عبد الناصر لجأ إلى تأميم الصحافة تحت مسمى تنظيم الصحافة، وتطور الأمر أيام السادات.. وهنا نتذكر ذكاء السادات وخبثه، عندما أظهر أمام الرأى العام أنه من مؤيدى حرية الصحافة، وألغى الرقابة المباشرة عليها.. لكنه جعل من رئيس التحرير الرقيب الأساسى، وبما أن الرئيس هو الذي يعين رؤساء التحرير فكان كل رئيس تحرير يحرص على أن يحافظ على كرسيه، جعل مثلا موسى صبرى أقرب الصحفيين إليه يمنع نشر مقالات جلال الدين الحمامصى الذي أخذ بيد موسى صبري في بداياته، وعمل معه في صحف الزمان والأساس، وكان الرقيب أيام عبد الناصر في المكتب المجاور لى في الأخبار وكانت ماكينة الطبع لا تدور إلا بعد توقيع الرقيب على كل سلخة، ثم تذهب بروفة كاملة إلى المخابرات لأخذ موافقتها قبل الطبع.. والآن نحتاج إلى وحدة في الرأى، وإلى حسم كثير من القضايا، ولكن لا يعنى هذا أن تصبح كل الصحف نسخة واحدة، وهل هذا يعنى توقف البرامج الحوارية وانتشار وسيادة برامج الطبيخ فيها، إن مصر تحتاج إلى رؤية جديدة لمهام الإعلام خاصة مع تفاقم الحملات التي تهدف إلى تدمير مصر ومعظمها خارجى، وبعضها داخلى، وما يجرى الآن من شائعات رهيبة خير مثال.

نعم نحتاج وحدة الرأى وان ندعم كإعلاميين مشروعات إعادة بناء الوطن، وأن نترك للرأى الآخر أن يشارك بتسليط الضوء على المشكلات وليس بهدف التشهير بالحكومة.

* ما رأيك في فكرة دمج الأحزاب بعد زيادة عددها بدون فاعلية؟
ـــــ أنا مع فكرة دمج الأحزاب تماما، وأتحدى أن يعرف أي رئيس حزب أسماء جميع الأحزاب الأخرى أو أسماء رؤسائها، كيف يقبل وجود 106 أحزاب في بلد واحد بهذا الشكل، ففى أمريكا اثنان فقط، وفى بريطانيا ثلاثة، وفرنسا خمسة أو ستة، هذه جريمة كبرى في حق الوطن، ويفتت معنى المعارضة البناءة، ويحولها إلى معارضة مصالح، ويجب ألا تتعدى خمسة أو ستة أحزاب.

* نصيحتك لشباب الصحفيين؟
ـــــ هي كثيرة وأخطرها "إياكم وصحافة الألو" والاعتماد على السوشيال ميديا للحصول على المعلومات، ذلك لأن 60% منها مغلوط، وصحافة "ألو" هي بداية الكسل الصحفى، وخير لك أن تؤجل خبرا إلى أن تتأكد من صحته، بدلا من أن تقع في خطأ يضر بالبلد وبالمواطنين، أيضا نصيحتى ألا يتوقف الصحفى عن القراءة.

* موقف أغضبك عام 2018 ؟
ــــ شروع الرئيس السابق للوفد في رفع قضية سب وقذف ضدي، لكن رد طاقم من المحامين بأنه ليس هناك موجب لرفع الدعوى، لأن المشكو في حقه يملك مستندات نعلمها تبعده عن تهمة السب والقذف، فانتهى الأمر وأختلف مع السيد البدوى في أشياء كثيرة، ويحز في نفسي أن أموال الوفد كانت تتعدى 112 مليون جنيه انتهت، وأصبح الحزب بلا مصدر مالى، ولا يستطيع أحد أن يتهرب من المسئولية بعد أن وصل الحال بجريدة الوفد هكذا، وطول مدة عملى في الصحافة أكثر من نصف قرن لم ترفع ضدى قضية سب وقذف واحدة، لأنى درست فن الكتابة الصحفية دون أن أقع تحت مظلة السب والقذف، وكنا نراعى ما ينشر وما لا ينشر.

* أمنياتك لعام 2019 ؟
ـــــ حقيقى أنا أؤيد خطوات الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنها بالفعل تضع أقدامنا على بدايات نهضة حقيقية، تبدأ بإصلاح ما تلف وهو كثير بالفعل، وأقول إن السيسي محمد على جديد بنى دولة عصرية تخشاها دولة الخلافة في إسطنبول، لكن أرى أن السيسي هو الرئيس "المصلح " لكن مشكلته مع الزمن وتنفيذ أكبر إنجازات في أقل فترة ممكنة مما يزيد الأعباء على المواطن، وأتمنى تحقيق النهضة وإنجاز ما بدأه الرئيس السيسي.

* موقف ما زلت تتذكره؟
ــــ أذكر لصديقي صلاح قبضايا موقفا يوم 8 يونيو 1967 كان واقفا في صالة التحرير، عائدا من الجبهة التي كان يغطي أخبارها وكان يرتدى الزى العسكري وهو يبكى، وفى مكتب موسى صبرى جاء خبر على التيكرز أن الجيش المصرى يحارب في خط الدفاع الثاني، فقال محمود أمين العالم ــ وكان رئيسا لمجلس الإدارة ـــ دى حاجة عظيمة جدا، قلت له إيه ده أنت عارف أن خط الدفاع الثانى هو غرب القناة، يعنى خلاص إسرائيل دخلت علينا، وهذا الموقف هو ما جعل قبضايا يترك عمله كمحرر عسكري.

* أسعد يوم في حياتك؟
ـــــ هو اليوم الذي شاهدت فيه أحد الجنود المصريين يحمل مدفعا، ويقف على تبة عالية رافعا علم مصر ويهتف الله أكبر.. صورة رائعة لن أنساها فقد حققنا النصر بعدها على الأعداء ومحونا عار النكسة.

* حكمتك المفضلة؟
ـــ القناعة كنز لا يفنى، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد.

*اللحظة التي تفرح فيها كثيرا ؟
ــــــ هي لحظة إصدار كتاب جديد، وهى فرحة لا توصف، والمتعة هي أن تكتب للناس خلاصة تجربتك.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية