رئيس التحرير
عصام كامل

مدير إدارة الآثار المستردة: استعدنا 8 آلاف قطعة أثرية مسروقة في 17 عاما

فيتو

  • الآثار المهربة المصدر الثالث لتمويل الإرهاب بعد السلاح والمخدرات
  • اتفاقية مع 10 دول أوروبية لوقف التجاوزات 
  • قضايا استرداد الآثار تستغرق وقتا طويلا
  • إصدار قائمة نهائية بالمفقودات بعد انتهاء جرد المخازن

قال شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار: إن الإدارة نجحت طوال 17 عاما مدة تأسيسها في استرداد ما يقرب من 8 آلاف قطعة أثرية مهربة للخارجة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من أشهر أسواق بيع القطع المسروقة. 

عبد الجواد شدد على أن قضايا استرداد الآثار المهربة تحتاج إلى وقت طويل للغاية، مشيرا إلى أن إحدى القضايا استمرت لما يزيد على الـ7 سنوات، مؤكدا في الوقت نفسه أن هناك بعض القطع غير المسجلة خرجت من مصر بطرق غير شرعية، ويصعب استردادها.. وإلى نص الحوار: 

في البداية.. نود أن نعرف تاريخ تأسيس وإنشاء إدارة الآثار المستردة بالوزارة؟
الإدارة تم إنشاؤها بقرار من الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في عام 2002، أي منذ 17 عاما، وكان من ضمن أهدافها متابعة كل مزادات وصالات عرض وبيع الآثار على الإنترنت بالخارج، والتي خرجت من مصر بطريقة غير شرعية، وينقسم عمل الإدارة إلى مرحلتين الأولى في الفترة من 2002 وحتى 2011، وخلال تلك الفترة تم استرداد نحو 6 آلاف قطعة أثرية مختلفة الأحجام والأشكال، ولعل أشهرها مومياء الملك رمسيس الأول من متحف كارلوس ميوزيم في 2003، والمرحلة الثانية هي الفترة من بعد 2011 وحتى الآن، وكانت الأوضاع الأمنية غير مستقرة خلال السنوات الأولى من تلك الفترة، نتيجة اندلاع ثورتين 25 يناير و30 يونيو، ورغم ذلك استطاعت الإدارة استرداد نحو 2200 قطعة أثرية، وهذا رقم مهم جد، وذلك بدون القطع المستردة من إيطاليا، والتي تضم 21 ألف قطعة عملة أثرية.

وكم عدد القطع المستردة من الخارج في 2018؟

بدأ العام باسترداد 3 قطع من الولايات المتحدة الأمريكية عبارة عن رأس وكفي مومياء تم تهريبهما عام 1927 بعدما اشتراهما رجل أمريكي من وادي الملوك بالأقصر نتيجة الحفر خلسة، وتم الاحتفاظ بهما فترة طويلة جدا حتى تم عرضهما في أحد بيوت بيع الآثار بنيويورك، وبعد تتبع القطع تم التأكد من تهريبها، وفي ذلك الوقت كان مطبقا قانون قسمة الآثار مع البعثات، الذي صدر سنة 1912، ولكن لحسن الحظ هذا الرجل لم يكن عضوا في أي بعثة أجنبية، ولذلك استطاعت الإدارة إثبات أن القطع خرجت من مصر بطريقة غير شرعية، بالإضافة للقطع المضبوطة في الحاوية المهربة إلى إيطاليا، والتي تعتبر أهم قضية في 2018 وكانت تضم 195 تمثالا أثريا و21660 قطعة عملة، وتم استردادها في أقصر وقت ممكن، وكذلك القضية التي شغلت الرأي العام في هذا العام، وهي تهريب تابوت الكويت عن طريق ميناء القاهرة الجوي، والذي تم استرداده وحفظه في مخازن المتحف القومي للحضارة، بالإضافة إلى استرداد قطعة أثرية تم سرقتها من المتحف المفتوح بمعبد الكرنك عام 1995، وظهرت في إحدى صالات بيع الآثار في لندن، وهي موجودة في السفارة المصرية بلندن، وقريبا جدا سيتم عودتها إلى مصر، واختتمت إدارة الآثار المستردة العام باسترداد 26 قطعة من سويسرا، وهناك وقائع أخرى نعمل بها لمواصلة استرداد الكنوز المصرية المهربة للخارج.

وما الحصيلة الإجمالية للآثار المستردة منذ 2011 وحتى الآن؟
في عام 2011 تم استرداد 28 قطعة أثرية، ثم استرداد 68 قطعة أثرية في 2012، وفي عام 2013 تم استرداد 16 قطعة فقط نتيجة أحداث ثورة 30 يونيو، أما في عام 2014 فتم استرداد 70 قطعة أثرية، وارتفعت الأرقام في عام 2015 حيث تم استرداد 446 قطعة أثرية، وخلال عام 2016 تم استرداد 363 قطعة أثرية، وفي عام 2017 استطعنا استرداد 586 قطعة أثرية، وخلال عام 2018 حتى شهر يونيو تم استرداد 221 قطعة أثرية، بالإضافة إلى 21360 قطعة عملة أثرية وإجمالي القطع المستردة منذ عام 2011 يبلغ نحو 2000 قطعة أثرية باستثناء العملات.

وما أهم القطع الأثرية التي تم استردادها من الخارج؟
من أهم القطع الأثرية المستردة لوحة الزيوت السبعة، والمشكاوات المسروقة من متحف الحضارة، وبعض القطع الأثرية المسروقة من سقارة ومعبد الكرنك ومعبد حتشبسوت وحشوات قبة الخلفاء العباسيين وقطع مسروقة من متحف القنطرة شرق.

ما أسرع قضية وأطول فترة لاسترداد الآثار من الخارج؟
أسرع قضية استرداد قطع أثرية من الخارج هي القضية الأشهر في 2018، الخاصة بالقطع المضبوطة في الحاوية المضبوطة بإيطاليا، والتي استغرقت شهرين فقط، حيث تم الإعلان عنها في مارس وتم استردادها في شهر مايو الماضيين، حيث تم استنفار كل أجهزة الدولة لاسترداد هذه القطع، وساعدنا في ذلك الاتفاقية القضائية الموقعة معها واتفاقية استرداد الآثار والتي ساعدتنا كثيرا في استرداد الآثار بسرعة كبيرة، ومن أطول القضايا القطع الأثرية التي تم ضبطها في ميناء "شارل ديجول" بفرنسا عام 2010 وتم استردادها على مرحلتين، مجموعة تم استردادها في 2015 وأخرى تم استردادها في 2017، وهذا يبين مدى صعوبة قضايا استرداد الآثار للتعامل مع دول مختلفة منها من تسمح قوانينها ببيع وتداول الآثار، ومنها من تحتضن أسواقا لبيع الآثار وتسمح بإقامة مزادات وصالات عرض لبيعها بالإضافة إلى قوانين تضع على عاتق بلد المنشأ إثبات ملكيتها للقطع الأثرية، وليس العكس ولذلك قضايا الاسترداد تحتاج للصبر الطويل والسرية في المعلومات.

وما أشهر صالات بيع الآثار بالخارج؟
هناك صالات كبرى لبيع الآثار بالخارج أهمها كريستيز وسوثبي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي من بلدان الأسواق، وهناك صالات مزادات في فرنسا وبلجيكا وإنجلترا والدنمارك وسويسرا، ويوجد مزادات في ألمانيا، وهذا يجعلنا حريصين أن نكون سابقين بخطوة دائما بتوقيع الاتفاقيات الثنائية.

وما خطة الإدارة للتقدم بخطوة على صالات عرض وبيع الآثار؟

توقيع الاتفاقيات الثنائية وأهمها مع الاتحاد الفيدرالي السويسري، وهذا ساعدنا كثيرا في استرداد الآثار، وكذلك تم توقيع اتفاقيات ثنائية مع إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا والأردن وقبرص واليونان والسعودية، ونعمل على توقيع اتفاقيات مع دول الجوار لوضع حزام حول مصر لتسهيل عمليات استرداد الآثار، ولذلك نسترد آثارا من دول كثيرة وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي نسترد منها آثارا سنويا.

وكم عدد الدول التي من المقرر توقيع اتفاقيات ثنائية معها؟
نستهدف توقيع اتفاقيات مع الدول غير الموقعة على اتفاقية اليونسكو، وفي مجال استرداد الآثار لا نستطيع تغيير الماضي، ولكن يمكن تغيير المستقبل، وهناك خريطة تضم أكثر من 10 دول أغلبها بالاتحاد الأوروبي، نستهدف توقيع اتفاقيات ثنائية في مجال استرداد الآثار خلال السنوات المقبلة، والصين كانت لا توجد بها صالات لبيع الآثار، ورغم ذلك وقعنا معها اتفاقية ثنائية لاسترداد الآثار، وبعدها تم إقامة صالة لبيع الآثار بهونج كونج.

ما أهم المعوقات أمام استرداد القطع الأثرية من الخارج؟

المعوقات تبدأ من الداخل، وهي القطع المهربة نتيجة الحفر خلسة، وتعتبر أيدي الوزارة فيها مشلولة، لأنه لا يوجد حصر بها أو تسجيل لها ولم نرها أصلا، وعندما ندخل في تقاضي مع أي دولة تخص هذه القطع تطلب إثبات تسجيلها في مصر، ومؤخرا تم تقليل عدد قضايا الحفر خلسة، ولكن هناك مشكلة أن مصر الجديدة مبنية فوق مصر القديمة، وهذا يتطلب المزيد من الوعي لدى المواطنين للحفاظ على حضارة وإرث أجدادنا المصريين القدماء وعدم تهريبها للخارج.

وما المعوقات المتعلقة بالدول الأخرى؟
المعوقات التي تتعلق بالدول التي نتعامل معها، هي قضية غسيل الآثار، وتداول القطع الأثرية بين أكثر من دولة، واستخراج شهادات لها من هذه الدول، وعند المطالبة بها يبرز شهادة شرائها من هذه الدول، وهذا ما نحاول تجنبه والقضاء عليه في الاتفاقيات الثنائية مع الدول، واشتراط أن يكون لدى حائز القطع الأثرية شهادة من بلد المنشأ، وليست من بلاد الترانزيت أو بلد المرور، بالإضافة إلى قوانين الدول التي تسمح بتجارة الآثار، وتطلب من بلد المنشأ إثبات ملكيتها للقطع، ومؤخرا البرلمان الألماني عدل قوانينه وأجبر صالات بيع الآثار على إثبات ملكيتها للقطع الأثرية، بالإضافة إلى استغلال الجماعات الإرهابية للآثار في عمليات التمويل، وهي تعتبر المصدر الثالث للتمويل بعد تجارة السلاح والمخدرات.

وهل هناك خطط للتغلب على هذه المعوقات في المستقبل؟
نحاول التغلب على هذه المعوقات بالاتفاقيات الثنائية، عمل مشروع لتسجيل الآثار على مستوى الجمهورية، وقرار وزير الآثار بعرض القطع الأثرية المكتشفة في المتاحف وتسجيلها بدلا من وضعها بالمخازن، وكذلك عرض القطع المستردة من الخارج في المتاحف، للحفاظ عليها بتسجيلها وتوثيقها وهي فكرة عبقرية من وزير الآثار.

هل هناك تشابه بين حضارات الدول العربية؟
كل حضارة لها طابع خاص يميزها، وخصوصا الحضارة المصرية متفردة، وليست متشابهة مع أي حضارة أخرى، وهذا يعطيها ثقلا بين حضارات الدول.

وهل تضيف الآثار المصرية للدخل القومي؟
بالتأكيد الآثار المستردة تضيف للدخل القومي، لأنها تباع في الخارج بملايين الدولارات، والأهم من ذلك الإضافة الثقافية والحضارية.

وأيهما أكثر هوسا بحيازة الآثار المصرية في الخارج الأفراد أم المتاحف؟

لا أستطيع تحديد ذلك، ولكن المتاحف بالخارج لديها أخلاقيات تحافظ عليها وتمنعها من شراء قطع أثرية مسروقة أو مشكوك في أثريتها، ولكن المجموعات الخاصة المملوكة لأفراد تخفي القطع الأثرية من الوجود، وهي من أهم المخاطر لإخفاء الآثار وبعض الأفراد الذين يحوزون قطعا مصرية بالخارج قد تدفعهم الظروف في النهاية إلى بيع القطع الموجودة لديهم.

وكيف تتعامل الإدارة مع القطع الأثرية التي يتم بيعها بصالات المزادات قبل استردادها؟
نصارع في الآثار المستردة عامل الوقت الذي يعد بمثابة سيف على رقابنا، وخصوصا أن قوانين صالات بيع الآثار لا تسمح بالإفصاح عن مشتري القطع إلا إذا قدمنا لهم ما يثبت ملكيتنا للقطع الأثرية التي تم بيعها وسرقتها من مصر، وإبلاغ الانتربول بها حتى بعد بيعها بأي مزاد، وفي هذه الحالة تفصح صالة البيع عن مشتري القطع، ويسترد أمواله وتسترد مصر القطع الأثرية المملوكة لها.

وهل هناك حصر بعدد المفقودات من مصر؟
هناك حصر مبدئي لا نستطيع الإفصاح عنه في الوقت الحالي لعدم الانتهاء من جرد كل مخازن الآثار من جانب اللجنة العليا للجرد، وفي ذات الوقت يكون لدينا قائمة نهائية بعدد المفقودات الأثرية من مصر وسيتم الإعلان عن العدد وقتها.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية