رئيس التحرير
عصام كامل

«الأرانب» أكلته المُفضلة وتغسيل «المشير» الموقف الأصعب .. رقية السادات تكشف جوانب مجهولة في حياة «بابا الرئيس»

فيتو

من بين كل أبنائه، حظيت رقية السادات بمكان خاصة في قلب أبيها، كانت دلوعته وفتاته المدللة، ولم تحظ أي من بناته بمثل ما حظيت به "راكا" كما كان يحب أن يناديها، اقتربت منه وعاشت إلى جواره وعرفت عنه ما لم يعرفه أحد.


لأكثر من ثلاثين عاما، احتفظت رقية بأسرارها مع الرئيس الراحل، وفشلت معها كل المحاولات لكتابة مذكراتها مع والدها، حتى نجح رسام الكاركاتير الشهير عمرو فهمي في اقناعها بفتح خزائن أسرارها لتصدر عام 2013 ما تيسر من سيرتها مع أبيها في كتاب اختارت له عنوان "ابنته" كشفت فيه أسرارا وحكايات تروى لأول مرة عن الجوانب الإنسانية في حياة الرئيس الراحل.

في غمار الأحداث الملتهبة وقتها، لم ينتبه كثيرون لما ضمه الكتاب بين جنباته، من معلومات ووقائع كشفت رقية النقاب عنها، وفي السطور التالية نلقي الضوء على بعض منها.

بعاطفة ابنة محبة لأبيها تحدثت رقية عن أيام طفولتها، وكيف أن والدها كان مطاردا بسبب نضاله ضد الإنجليز، وتحدثت عن المرة الأولى التي تم القبض عليه فيها وكان عمرها عاما واحدا فقط، وكانت والدتها تصطحبها في زيارته بسجن الأجانب الذي كان مقره في ميدان رمسيس، ومن بعدها تكررت الاعتقالات وتكررت معها الزيارات من منقباد إلى سجن الزيتون.

لا يعرف كثيرون أن السادات بعد هروبه من سجن الأجانب تخفى في منطقة المرج وأطلق على نفسه اسم "محمد نورالدين"، وخلال تلك الفترة عمل في العديد من المهن منها (سائق _ تباع _مقاول) وغيرها من المهن، وتؤكد رقية أن والدها أنشأ كمقاول في ذلك الوقت حمام سباحة في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية لا يزال اسمه المستعار (محمد نور الدين) موجودا على جدرانه حتى الآن كمقاول منفذ للمشروع.

في إحدى المرات التي تم اعتقاله فيها، طلب السادات رؤية رقية داخل محبسه، وبعد استخراج التصاريح اللازمة لها، وحين ذهبت مع جدها للقاء أبيها كانت المرافقة أنها التقت يومها الفنان الكبير صلاح ذو الفقار الذي كان وقتها هو الضابط المسئول عن السجن، حين كان في خدمته قبل أن يتقدم باستقالته ويتجه للفن، وتؤكد رقية أنها ذكرت ذو الفقار بالموقف فرد عليها قائلا: "إنتي المفعوصة الصغيرة اللي جبتلك يومها شيكولاتة".

بعد انفصاله عن زوجته وعودته للخدمة في الجيش سافر السادات إلى ميدان القتال في رفح وسافرت رقية له في إحدى المرات رفح وعاشت معه أياما ما زالت عالقة في ذهنها، وكان يدللها ويحكى معها وقبل النوم يغني لها أغنية تقول: "رحت سوق الفول ولقيته جبر.. ربنا رزقني بولادي غجر".

طوال وجوده في خدمته كان السادات يواظب على إرسال الخطابات لبناته عبر زميله وصديقه جمال عبدالناصر الذي كان يسكن في نفس المنطقة (كوبري القبة) التي يسكن بها بناته رقية وكاميليا وراوية، وكان حريصا في خطاباته على الاطمئنان على أحوالهم، وكان عبد الناصر يستلم الخطابات من السادات في رفح، وحين يصل القاهرة تذهب رقية لاستلامها منه وحين تنتهى إجازته ويسافر إلى رفح كانت رقية تعطيه خطابا إلى السادات للرد على خطابه.

وتكشف رقية في كتابها، كيف تم تكليف السادات بالإشراف على دفن وتغسيل المشير عبدالحكيم عامر بعد وفاته وتقول: "كان أبي هو المسئول عن كل شيء يخص تغسيل المشير عبدالحكيم عامر وتكفينه وجنازته ودفنه في مسقط رأسه قرية أسطال بمحافظة المنيا وقد أخذ معه عمي طلعت في تلك المهمة، وقبل عام 1967 كان أبى وعمى عبدالحكيم في استراحة برج العرب وفى هذه الجلسة وصى كل منهما الآخر على أولاده من يمت أولا يرع الثاني أولاده وقد أوفى أبي بالوصية وكان يرعى أبناء المشير رعاية فائقة لدرجة أنه حينما كان رئيسا للجمهورية كان هناك خط تليفون برقم خاص ومباشر كان موجودا مع أبناء المشير عامر وليس موجودا معنا".

رغم الروايات الكثيرة عن سر استخدام السادات لـ "البايب" في التدخين إلا أن رواية رقية تبقى هي الأصدق تقول: " كان السادات مدخنا شرها وخلال مرافقته لجمال عبدالناصر في إحدى الزيارات للاتحاد السوفيتي أجرى بعض الفحوصات الطبية هناك وأكد الأطباء خطورة التدخين على صحته وطالبوه بالتوقف عن التدخين فورا، لكن السادات رفض وقال: "الإنسان بدون مزاج لا يستطيع أن يعيش، وأنا مزاجى في السيجارة"، نصحه البعض بسجائر النعناع فلم تعجبه، نصحوه بالسيجار لكنه لم يرتح إليه، فنصحوه بالبايب ومن يومها بدأت رحلة عشقه للبايب، وكان يشرب كابيتان رائحته نفاذة وجميلة".

كان السادات مولعا بالأكل المصري، وكانت له طقوس خاصة على السفرة وتتحدث رقية قائلة: "كان أبي من عشاق الأرانب ويحب أكل لحومها دائما، خاصة الأرانب المسلوقة وجاء هذا الحب من خلال تربية الأرانب خلال أيام سجنه في المعتقل مع الكاتب الصحفي موسى صبري، وشرح في كتابه البحث عن الذات كيف كانوا يذبحونها ويسلخونها وكيف أصيبوا بأحد الأمراض فامتنعوا عن أكلها".

ظل السادات وفيا لكل من تعامل معهم قبل اعتلاء المناصب وقت أن كان ضابطا صغيرا، ومن قصص الوفاء التي ذكرتها رقية أنه أثناء مطاردته من البوليس بعد هروبه من المعتقل ركب مع سواق في الزقازيق واختفى عنده في البيت لفترة من الوقت، وبعد أن تولى رئاسة الجمهورية ظل يبحث عنه لمدة شهرين وبالفعل وجده، ومن الصدف العجيبة أن حفل زفاف ابنته تزامن مع معرفة السادات بمكانه فذهب الرئيس وحضر فرح نجلته.
الجريدة الرسمية