رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد السعيد يكتب: أبو الشنبات؟!!

أحمد السعيد
أحمد السعيد

يا معلم أبو الشنبات اهدى على نفسك شوية؛ الأمور إللي زي دي.. ما تتاخدش قفش كده الله لا يسيئك؛ وبعدين المثل بيقول "جوز الاتنين يا قادر يا فاجر"، وأنت راجل ليك هيبة ومعروف بين الناس، فأنا شايف أنه ما يصحش تعمل في روحك كده، وبكره تقول أبو الأشواق قال لي...


هكذا كان المعلم شوقي السيد يحاول جاهدا أثناء رفيق عمره الحاج أحمد أبو الشنبات عن إتيان الحماقة الكبرى من وجهة نظره؛ إثر قراره المتهور بالزواج من الشابة شربات المنوفي ذات العشرين ربيعا بعدما وصل من العمر أرذله، وبلغ من الكبر عتيا، ليجيبه الأخير دون تروي: بقولك إيه يا أبو الشوق... إشمعنى افتكرت لي المثل المهبب ده، ونسيت المثل الثاني الحلو الجميل بتاع "الدهن في العتاقي"، انت ناوي تغمني وبس يا جدع أنت ولا إيه؟!

شوقي السيد موضحا وجهة نظره: يا عم انت... أنا بحاول أنورك، عشان بكره بعد ما تقع الفأس في الرأس لا سمح الله، ساعتها هاتقعد تلطم على صدغك زي الولايا وتغني ويًا أم كلثوم الله يرحمها "تفيد بابه يا ندم، وتعمل إيه يا عتاب"، وبعدين يعني هي الحاجة زينات الكمل الأميرة كانت عملت إيه لده كله؟ لأجل ما تبليها على آخر الزمن بضره وعيشه مّرة!!

يقاطعه أبو الشنبات بحدة قائلا: عملت؟ لأ دي عملت.. وعملت كمان! يرضيك أقول لها ما تيجى يا وليه نطلع على رأس البر نشوف نفسنا شوية وندلع الليالي، تقوم قايلة لي ما تختشي على دمك بقى يا راجل يا بركة، وتراعي سنك وبص لولادك وأحفادك دإ انت حي الله حسن الختام؟! أنا راجل بركة أنا؟! أنا حسن الختام أنا! وتقول لي كمل وأميرة... ماشي يا زينات يا بنت عدلات أما كنت أوريك، وأخليك تلفي حوالين نفسك ميت مرة؛ ما أبقاش أنا المعلم أبو الشنبات والأجر على الله!!

شوقي السيد محاولا تدارك الموضوع: يا أبو الشنبات يا حبيبي مش عشان كلمتين هايفين زي دول؛ تشخرم حياتك كلها وتقرف نفسك وعيالك طول العمر استهدي بالله وارجع لعقلك يا حبيبي، دا انت أبو الشنبات، اللي يعرفوه جميع القبضايات والفتوات، وبيضربوا بيه المثل في الفتوة والجدعنة والحمشنة، دا انت شنباتك دي علامة مميزة؛ دا حتى الحكومة بذات نفسيها سمت حارتنا حارة أبو الشنبات على اسمك وصيتك المسمع، فبلاش وحياتك غيظك من كلمة مرا، يجيبك ورا، والنسوان... مورستان، وعلى رأي أمي الله يرحمها من عملهم تجارته، يا خسارته، فكر كويس قبل ما تروح في أبو نكلة، وترجع تقول ياريت اللي جرى ما كان.

لا يستمع المعلم أحمد أبو الشنبات لنصيحة صديقه شوقي السيد ويتزوج شربات المنوفي رغم أنف زينات بنت عدلات، ليحدث ما لم يضعه أبو الشنبات يوما في حساباته؛ وما لم يتصوره حتى في أسوأ كوابيسه، فقد أخذت الزوجتان تتصارعان على قلبه وعقله وماله؛ حتى قلبتا حياته رأسا على عقب، وحولتاها إلى جحيم مقيم، فما أن تطلب إحداهما شيء حتى تقاتل الأخرى للحصول على مثله، حتى وصل الأمر بهما للصراع على فردتي شنبه وشعراتها، فما أن يذهب إلى شربات وترى في شاربه شعرة بيضاء حتى تبادر إلى انتزاعها بالملقاط أو بإصابعها، وهذا هو عينه ما كانت تفعله زوجته القديمة زينات، فما أن تلمح شعرة سوداء حتى ولو كانت بفعل الصبغة حتى تجتثها من أصولها؛ وفي ليلة لم يطلع لها صبح شاهد الجميع المعلم أبو الشنبات يفر مسرعا عبر دروب الحارة إلى غير رجعة قبل أن يستوقفه في آخرها رفيق دربه شوقي السيد معاتبا بحزن بالغ قائلا: أومال راحت فين شنباتك يا معلم أبو الشنبات؟!
ليجيبه صديق عمره المسكين قبل أن يواصل الفرار باكيا بحرقة: يا ريتني كنت سمعت كلام يا شوقي.. ما بين زينات وشربات... ضاعت الشنبات!!.

الجريدة الرسمية