رئيس التحرير
عصام كامل

في وسط الحروب.. كيف تنعم الكنيسة بالسلام

الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية

تتابع الأحداث، وتتسارع وتيرتها، يكسو الحزن الوجوه، أصوات الرصاص أعلى من تراتيل السلام، الحروب في كل مكان، الأرض تشبعت من الدماء، الحاجة أصبحت ملحة إلى سلام حقيقي، بعيدا عن الشعارات.


جميع الأحداث والحوادث التي تعيشها البلدان، لا يمكن فصلها عن السياسة، خاصة أن السياسة الصالحة دائما ما تخدم السلام.. الكنيسة أيضا تلعب دورا توعويا بضرورة الوصول إلى السلام، عبر سياسات ناضجة صالحة.

ويحتفل العالم في الأول من يناير 2019 بيوم السلام العالمي، الفاتيكان أصدرت بيانا تؤكد فيه أن «السياسة الصالحة تكون في خدمة السلام».

الكنيسة الكاثوليكية ترى أن كل مواطن هو مسئول في الحياة السياسية لوطنه بالأخص من عليه واجب حماية الوطن وقيادته، خاصة أن هذه الرسالة تكمن في خلق مناخ مناسب للحوار في المجتمع، وبين الأجيال المتعاقبة أيضا والثقافات المختلفة فيه.

الكنيسة الكاثوليكية تشير إلى أنه لا سلام بدون ثقة ولا ثقة إلا باحترام الوعود والكلمات، وكما يؤكد القديس يوحنا الثالث والعشرين في وثيقة «سلامًا على الأرض» (1963)، عندما يتم احترام حقوق الإنسان ينبت فيه الإحساس بواجب احترام حقوق الآخرين.

كما أكد الأب هانى باخوم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر، أن يوم السلام العالمى والذي سيتم الاحتفال به في الأول من يناير المقبل هو اليوم العالمى رقم 52 وقد اعتاد الفاتيكان على إصدار رسالة خاصة بهذا اليوم ترسل لكل المعنيين والمهتمين بالأمر.

في وسط الأحداث الدامية التي تشهدها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بعد استشهاد 7 في استهداف حافلة بطريق دير الأنبا صموئيل، ما زال أبناؤها ينعمون بالسلام، حيث قاد الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبوقرقاص، ليلة صلاة بالشموع، وذلك من أجل أن يخفف الله الألم عن المتألمين لفقدان أحبائهم، وينعم عليهم بالسلام.

ولا يمكن فصل الكنيسة عن السياسة، في ظل الأحداث التي شهدتها البلاد، خاصة الأحداث الطائفية التي تتطلب إدارة حكيمة تستطيع إحداث توازن، وعدم التصعيد، في ظل رغبة البعض باتخاذها ذريعة للهجوم وانتقاد النظام.

ويعرف الجميع أن البابا تواضروس جلس على كرسى «مارمرقس» في ظروف استثنائية، التركة لم تكن ثقيلة بقدر ما كانت الأجواء آنذاك ملبدة بالغيوم، الإخوان يعتلون حكم مصر، وثمة مشاحنات حادة بين المصريين وأبناء المرشد، وهو ما أثقل الحمل على الرجل، ودفعه لخوض السياسة مبكرا وهو الذي كان بعيدا عنها تمامًا.

الأمور منذ وصول البابا لكرسى «مارمرقس» لم تكن هادئة، فسرعان ما ضربت الاضطرابات الشارع، فبعد ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب اندلعت مواجهات دامية بين الشرطة ومعارضين لحكم المعزول محمد مرسي، وخرجت دعوات مطالبة بالعصيان المدني، ووسط هذا الاضطراب خرج البابا داعيا إلى التحلى بالحكمة قائلا: «الأوضاع السياسية المتأزمة تقتضي التعامل معها بحكمة من كل الأطراف، والحكمة يجب أن تكون في كل ما يصدر من تصريحات من أولى الأمر».

السياسة وصلت في عهد البابا إلى أبواب الكاتدرائية، حيث إن الأجواء في 2013 لم تكن صافية، الغيوم تلقى بظلالها، فحكم الإخوان في الرمق الأخير، لذا كان الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية سابقة لم تحدث من قبل، اختبارًا حقيقيًّا للبابا الجديد، وهو ما نجح فيه، واحتوى الأزمة بروح الأب، في الوقت الذي وصف فيه الاعتداء بأنه تخطى الخطوط الحمراء، وحمل الرئيس مرسي وجماعته المسئولية.

وخلال ثورة 30 يونيو 2013 شارك البابا في الاجتماعات التي سبقت عزل مرسي، كما كان حاضرا خلال إلقاء المشير عبد الفتاح السيسي، آنذاك، بيان عزل مرسي، ونجح بحكمته في أن يقف في الصف الوطني، معلنا بذلك أن الكنيسة دائما ما تكون رقما إيجابيا في المعادلة الوطنية.

وعقب فض اعتصامى رابعة ونهضة مصر يوم 14 أغسطس 2013، شن أعضاء الجماعة الإرهابية هجمات أحرقوا ودمروا خلالها عشرات الكنائس في مختلف المحافظات، وكالعادة احتوى البابا غضب الأقباط، رافضا في الوقت نفسه التدخل الأجنبي، وقال عبارته الشهيرة: «وطن بلا كنائس خيرٌ من كنائس بلا وطن».

وخلال زيارته للقدس، اعتذر عن عدم قبول دعوة الرئيس الفلسطينى محمود عباس لزيارة رام الله، مؤكدًا أنه لن يدخل الأراضى الفلسطينية أو القدس إلا بصحبة شيخ الأزهر.
الجريدة الرسمية