رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رئيس دار الكتب: لا نعرف كيف تم تهريب المخطوطات النادرة.. واستحداث إدارة جديدة لرصدها

فيتو



  • سوق تهريب المقتنيات ضخمة للغاية.. ونحاول محاربتها بشتى الطرق بالتنسيق مع الوزارات المعنية 
  • صالات المزادات تتفاوت في استجابتها لطلبات "وقف البيع".. وضوابط جديدة للحفاظ على تراث مصر 


إذا أردت تعريف بلد بعينه فاسأل عن مبدعيه وتاريخه، فهم التاريخ الحقيقي لأي وطن وأمة في العالم، لذا لا يختلف اثنان حول كون دار الكتب والوثائق القومية هي الجهة التي تملك تاريخ مصر في جميع المجالات، حيث تملك في باب المخطوطات ما يقارب الـ60 ألف مخطوط، يرصدون عصور مصر المختلفة منذ بداية التاريخ حتى يومنا هذا.

لذا لا عجب أيضًا من حالة الاهتمام التي يشهدها الوسط الثقافي عندما يتنامى إلى عمله، بيع أحد المخطوطات المملوكة بالأساس لدار الكتب في إحدى صالات المزادات العالمية، لما يمثله الأمر من كارثة في حق التاريخ المصري.

في الفترة الأخيرة أعلنت دار الكتب عن نجاحها في التواصل مع عدة جهات معنية لإيقاف بيع مخطوط "قنصوة الغوري"، وفي حوارنا مع الدكتور هشام عزمي رئيس دار الكتب والوثائق القومية، ناقشنا الخطوات التي تتخذها الدار لحماية ممتلكاتها، وكيف خرجت تلك المخطوطات من الدار، وما الإجراءات التي سيتم اتخاذها للحفاظ على تراث مصر.. وإلى نص الحوار:

برأيك لماذا يعتبر العامة أن المخطوطات أهم ما تملكه دار الكتب برغم ثراء المقتنيات التي تملكها؟
أتفهم بالطبع اهتمام الرأي العام بالمخطوطات على وجه الخصوص لندرتها، ولكن لدينا عدد كبير من المخطوطات والمقتنيات، ومن المهم الإشارة إلى أن المخطوطات ليست وحدها المقتنيات الثمينة التي تملكها الدار، فلدينا أوائل مطبوعات وكتب نادرة ودوريات، وهي ببساطة شديدة ثروة قومية تمثل الإبداع والإنتاج الفكري المصري بكافة صوره وأشكاله.

ما الإجراءات التي تتخذها الدار بعد علمها ببيع إحدى مقتنياتها في الخارج؟
التركيز الأساسي في البداية حول نقطتين، أولا نحاول التدخل بشكل سريع لإيقاف عملية البيع من خلال التواصل مع الجهات المعنية، خاصة أن الوقت الذي يكون متاح لنا لإيقاف البيع يكون قصير للغاية، فأتذكر على سبيل المثال عندما تم استرداد "المختصر في علم التاريخ" كان الوقت المتاح لنا هو شهر ونصف فقط، وعلى الرغم من ذلك استطعنا إعداد ملف كامل يثبت ملكية الدار للمختصر، وتم إرساله للجهات المختصة التي استجابت لطلب وقف البيع واسترداده مرة أخرى.

أما ثانيًا لا نكتفي بإيقاف البيع فقط، وإنما نحاول التوجه نحو خطوة أبعد، تتمثل في كيفية اتخاذ خطوات تمنع حدوث الأمر مرة أخرى، من خلال عدة خطوات أمنية وتنسيقية يتم العمل عليها حاليًا.

هل تستجيب صالات المزادات لطلبكم أم تواجهون صعوبات في اقتناص موافقتها على إيقاف البيع؟
الاستجابة للمطالبات تتفاوت ما بين صالة مزادات وأخرى، خاصة أن مجال وسوق تهريب المخطوطات والمقتنيات الثمينة هو سوق عالمي كبير ومتشابك، فهناك صالات ذات سمعة جيدة تستجيب على الفور لطلبنا وتقوم بالرد علينا، وهناك صالات أخرى لا تستجيب من الأساس ولا تقوم بالرد على خطاباتنا الرسمية، ما يضطرنا للجوء للجهات المختصة في هذا البلد، وتكون تلك الصالات ذات سمعة مشبوهة وتقوم أعمالها بالأساس على المقتنيات المهربة.

كيف تتلقى الدار البلاغ عن بيع المقتنيات، أي هل هناك لجنة مختصة بمتابعة أنشطة المزادات حول العالم؟
نعمل حاليًا على استحداث إدارة لمتابعة المزادات، وهو أمر متداول في عدة وزارات مثل إدارة الآثار المستردة في وزارة الآثار، والتي تقوم بالتنسيق معنا في حال إيجادها لأي مقتنى من مقتنيات الدار في المزادات العالمية.

وستعمل الإدارة على متابعة أنشطة المزادات والصالات لرصد أي مقتنى من مقتنيات الدار، ولكن أود الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون جميع المخطوطات التي تعرض في صالات المزادات تتبع دار الكتب والوثائق، فهناك ملايين المخطوطات حول العالم.

ولكن إذا كان هناك مخطوط مصري يباع في الخارج ولا تمتلكه الدار، ألا يجدر بالدار إيقاف بيعه بصفتها الجهة المعنية بالمخطوطات في مصر؟
بالطبع، نقوم بذلك من منطلق واجبنا الوطني ومنطلق أننا الجهة الرسمية في مصر المعنية بالأمر، ولكن ليس بالضرورة أن تكون جميع المخطوطات المصرية التي تعرض في الخارج تعود ملكيتها لدار الكتب، فيمكن أن تكون مملوكة لإحدى الوزارات أو الهيئات الأخرى.

كيف تثبت الدار ملكيتها لمخطوط يتم بيعه؟
من خلال سجلات ودفاتر الدار القديمة منها والحديثة، إضافة إلى الأختام والتي تعمل عدة صالات على إخفائها، ومن ثم تقوم الدار بإعداد ملف كامل يخص المقتنى أو المخطوط، ويتم إرساله للجهة المعنية أو القائمة على بيع المقتنى لإثبات ملكيتنا له.

كيف تخرج تلك المخطوطات أو المقتنيات من الدار بالأساس؟
لا يمكنني الجزم بكيفية طريقة خروجها، فالأمر يتضمن عدة احتمالات، خاصة مع دار عريقة مثل دار الكتب يعود نشاطها لعام 1870 حتى اليوم، فهذا التاريخ الكبير يتضمن عدة أحداث تم فيها نقل مقتنيات الدار بالكامل من مقر إلى مقر آخر، فالنقل الأول كان عام 1904 عندما انتقلت الدار من مقرها الأول في درب الجماميز، عندما ضاقت الدار على المقتنيات، ثم تم النقل الثاني من دار الكتب في باب الخلق إلى مقر الدار الحالي على كورنيش النيل في منتصف السبعينات، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن ما فقد من مخطوطات تم فقده خلال عملية الفقد، فهذه احتمالية من الاحتمالات.

والاحتمالية الثانية أن تكون قد خرجت تلك المخطوطات أو المقتنيات بطريقة أو بأخرى من الدار نفسها أو من خلال موظف، ولكن لا يسعنا معرفة متى خرجت تلك المخطوطات بالتحديد، لذا لا يمكنني معرفة من هو الموظف أو المتسبب الحقيقي وراء الأمر، لأنه قد يكون أحد الموظفين الذين كانوا يعملون في الدار منذ عشرات السنين، فعلى سبيل المثال كان آخر ظهور لمخطوطة قنصوة الغوري في سجلات الدار عام 1892، فكيف يمكنني الآن محاسبة موظف توفي منذ عشرات السنين.. ولكن المهم الآن هو أن نضمن ألا يتكرر ما حدث مرة أخرى.

ألم يتم نقل أي من مقتنيات الدار إلى دار الوثائق في الفسطاط بعد افتتاحها؟
تم نقل بعض المقتنيات لمرة واحدة فقط تحت حراسة أمنية مشددة، ولكن ما زال المستودع الرئيسي لمخازن الدار في مقرها الرئيسي بكورنيش النيل، وعلى الرغم من أننا نفكر في نقل بعض الوثائق إلى هناك في الوقت الحالي، ولكن هذا لم يتم بعد، فدار الوثائق بالفسطاط تحمل الطابع الخدمي أكثر من كونها مخازن.

ما الضمانات التي ستتخذها الدار في الفترة القادمة؟
سنعمل على مستويين، أولهما: وضع مجموعة من الضوابط والتدابير التي تكفل عدم ضياع مقتنيات الدار، وليست المخطوطات فقط، فكل ورقة في الدار تعنينا، وهنا نتحدث عن الضوابط الأمنية وأمن المخازن والإنذارات.

أما الثاني: وضع ضوابط وآليات لمعرفة المتسبب في الأمر، وموعد خروج المقتنى من الدار في حالة تكرر الأمر مرة أخرى في المستقبل، من خلال عمليات الجرد والحصر والتسجيل والتحديث الشامل للبيانات مع الحرص على دقتها، فنحن بصدد اتخاذ تلك الخطوات بشكل عملي خلال الفترة المقبلة.

اهتم حاليًا بوضع نظام شامل يضمن أنه في حال فقدان أي مقتنى في المستقبل، أن يكفل معرفة تفاصيله وموعد الفقد والمتسبب فيه.

هل هناك ضوابط وشروط محددة يجب توافرها في أفراد الأمن في الدار؟
قطاع الأمن في الدار يخضع لضوابط عديدة، ولسنا الجهة الوحيدة التي تشترك في اختيار أفراد الأمن الذين يعملون على أمن الدار، فهناك عدة جهات تشارك في اختيار كل فرد فيهم بما يتناسب مع معايير أمنية محددة يجب توافرها في الشخص.

ما الضوابط أيضًا التي يجب توافرها في الموظفين العاملين في مخازن الدار والقائمين على التعامل مع المخطوطات أو حراستها؟
بالطبع توجد ضوابط عديدة، فيجب أن يتم فحص ملف كل شخص سيعمل في هذا المجال نظرًا لحساسيته الشديدة، لذا تتم مراجعة ملفه الذي يجب أن يكون جيد للغاية ليتم قبوله، وأن يكونوا أشخاص محل ثقة، ويملكون سجلا وظيفيا نظيفا خاليا من أي علامات استفهام أو شيء قد يثير الشك والريبة.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
Advertisements
الجريدة الرسمية