رئيس التحرير
عصام كامل

خالد غانم يكتب: «رسالة إلى المدمن»

الدكتور خالد غانم
الدكتور خالد غانم

أنت أخي في حال مصابك ومرضك، فقد كان رجل يشرب الخمر، وكان النبيُّ ـــ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـــ قدْ جلَدَه في الشَّرابِ، فأُتيَ بهِ يومًا فأمَرَ بِهِ فجُلِدَ، فقال رجلٌ مِنَ القَومِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، ما أكثَرَ ما يُؤتَى بهِ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا تَلْعَنُوه، فواللهِ ما عَلِمْتُ، إنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَكرانَ، فأمَرَ بضَربِهِ. فمِنَّا مَن يَضرِبُهُ بيَدِهِ ومِنَّا مَن يَضرِبُهُ بنَعلِهِ ومِنَّا مَن يَضرِبُهُ بثَوبِهِ، فلما انصرف قال رجلٌ: ما لَه أخْزاهُ اللهُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا تَكونوا عَوْنَ الشَّيطانِ علَى أخيكُم). أخرجه البخاري.


ورسالة إلى المدمن: أنت أخي ما دمت باحثًا عن ملاذ آمن، وثائبًا إلى ربك، يقول الله تعالى: ”قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ” الزمر ( 53،54).

ورسالة إلى المدمن: ما دمت إنسانًا فأنت أخي، لا فرق في ذلك بين دين أو جنس أو لون، فالله تعالى يقول : كما جاء في قصة ابني آدم (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ ـ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ )المائدة : (30، 31 ) ويقول سبحانه حكاية عن قوم سيدنا نوح ـــ عليه السلام ـــ وقومه كانوا مكذبين له : “ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ ” الشعراء:105، 106.

إن الفطرة الإنسانية النقية في أبسط صورها تخلق جوًا من المودة والمحبة والوئام داخل المجتمع الواحد ـــــ وكذلك بين المجتمعات المختلفة ـــــ وهذا من وجهة نظري هو التطبيق العملي لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) سورة الحجرات: (13).

إن الإسلام لا يلفظ أحدًا مهما أساء أو قصَّر، بل يرسم له طريقًا لتقويمه وتزكيته، شريطة أن يتوب ويثوب، ويبقى كائنًا نافعًا ومفيدًا، وهذه خاتمة في رسالة إلى المدمن.
الجريدة الرسمية