قطع الاحتلال واحدة فـ«وهبوا الثانية للمُتعة».. فريق أبطال غزة «قدم واحدة تكفي للفرحة»
طوال حياته كان فؤاد أبو غليون، عضو اللجنة البارلمبية الفلسطينية، المشرف الرياضي في جمعية دير البلح لتأهيل المعاقين، مهتمًا برياضات ذوي الاحتياجات الخاصة، يمنحها من وقته وحياته الكثير، ولكنه كان أيضًا مهتمًا بالرياضات الخاصة بذوي البتر بشكل خاص بدافع من تجربة شخصية مع أحد أفراد أسرته جعلته يستشعر معاناة هذه الفئة.

فريق الأبطال في دير البلح بقطاع غزة.. أول فريق كرة قدم فلسطيني لذوي الأطراف المبتورة

فؤاد أبو غليون مؤسس فريق الأبطال - عدسة: محمد متعب
مع مواصلة البحث تملكت الفكرة من فؤاد أبو غليون، وقرر طرحها على عدد من مبتوري الأطراف في بلدته دير البلح بقطاع غزة، الذين فقدوا أطرافهم في مواجهات مع قوات الاحتلال الصهيوني، ليبدأ بعدها رحلة جديدة للبحث عن مؤسسة ترعى فكرته وتدعمها، إلى أن اكتملت الأركان بتقديم جمعية دير البلح لتأهيل المعاقين دعمها، وأصبح حلم فؤاد حقيقة بتأسيس فريق، أطلق عليه اسم "الأبطال"، وبدأ التدريب الأول له في 30 من شهر مارس 2018.

جانب من أنشطة فريق الأبطال

قوات الاحتلال تتعمد إصابة المتظاهرين الفلسطينيين في منطقة الركبة
في البداية لم يكن عدد أعضاء فريق الأبطال كبيرًا، فلم يكن إقناع أشخاص يعانون من البتر بالخروج من بيوتهم لممارسة كرة القدم أمرا سهلا نظرًا لما يشعرون به من ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية، ولكن مع بعض الجهود من قبل بعض أعضاء الفريق الذين غيرت الرياضة حياتهم وبعد عدة زيارات منهم لمنازل أقرانهم من مبتوري الأطراف، زاد عدد الأعضاء وتوسع الفريق وانتشرت الفكرة ولاقت استحسانا وأصبح "الأبطال" "يساع" محترف كرة القدم والهاوى، الصغير والكبير، فأعضاؤه تتراوح أعمارهم ما بين الـ 13 والـ 43، اجتمعوا جميعًا على عشق الساحرة المستديرة.

لم يكن الأمر بيسير لإقناع أشخاص يعانون من البتر بالخروج من بيوتهم لممارسة كرة القدم
أغلب لاعبي فريق الأبطال فقدوا أطرافهم في مواجهات مع قوات الاحتلال يقول أبو غليون: «75% من إصابات أعضاء الفريق سببها الحروب واعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي والباقي إصابات حوادث أو أمراض كالسرطان، في العموم إحنا بنتعامل مع البتر بصورة عامة وبنستوعب أي أحد ولكن نهتم بإصابات الحروب والاعتداءات اللى في عندنا كتير منها، مثل، إبراهيم خطاب أصغر لاعبي الفريق اللى يبلغ من العمر13 عاما، كان بيلعب كرة القدم أمام بيته وهو في التاسعة من عمره، أثناء قصف على منطقته أصيبت قدمه بالبتر، وناجي ناجي لديه بتر فوق الركبة بفعل انفجار جسم مشبوه، وحسن كريم أصيب ببتر في القدم إثر قصف على منطقته "المغازى"، أما حارس المرمى إسلام أبو أموم فلديه بتر يد كاملة منذ 2014 في قصف أيضًا أمام منزله، وعبد الرحمن نوفل، لديه بتر في مظاهرات العودة الأخيرة وهو تحت 16 عام ويتلقى العلاج حاليًا، وكذلك بهاء عياش مصاب بالبتر من مسيرة العودة وانضم إلى الفريق حديثًا".

%75 من إصابات أعضاء الفريق سببها الحروب واعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي

وحيد رباح.. أكبر لاعبي "الأبطال" عمرًا عدسة: محمد متعب
"كرة القدم لها خصوصية لأنها تعد حكرا على الأسوياء، لكن بعد ما دخلنا على هذه اللعبة الجديدة صرنا بننتظر يوم التمرين بلهفة وبنتمني يكون أكثر من يوم واحد لأنه غير إننا بنمارس رياضة بننبسط وبنشوف الشباب وبنتفاعل معهم ونضحك ونلعب وبنتنافس وبننفعل وبنغضب وبننبسط لما نجيب هدف، بقى عندنا أسرة ثانية في الملعب"، يحكي وحيد الذي يعلم أن مستقبله كلاعب ليس بالكبير ولكنه آمن باللعبة ويعمل على نشرها واستكمال مسيرته فيها في الإدارة : "إحنا باللعبة بنغير روتين الشباب المصابين وبنطلعهم من القوقعة لأنه البعض من مصابي البتر بعد الإصابة نفسيتهم تعبت وبيضل في البيت فبنعطيه دفعة نفسية لما بيشوف مصابين من نفس إصابته وبنحاول من خلال اللعبة كمان نغير واقع ذوي الإعاقة بصفة عامة اللي بيتم النظر ليه في المجتمع الفلسطيني كأنه فرد غير منتج وهذا من خلال خططنا للمشاركة في المحافل الدولية وتحقيق الإنجازات".

وحيد رباح في الملعب
قواعد لعبة كرة القدم لذوي الأطراف المبتورة هي نفسها المتبعة في كرة القدم العادية، ولكن مع بعض الاختلافات التي تناسب طبيعة اللاعبين، فالشوط الواحد مدته 25 دقيقة، ولا تعتمد قاعدة التسلل، وتُلعب رمية التماس بالقدم وليست باليد، أما الفريق فيكون مكونًا من 7 لاعبين، ستة منهم يكون لديهم يدان وقدم واحدة لا إصابة بهم والعكاز المعدني يكون بديل عن القدم الأخرى، والسابع هو حارس المرمى الذي يجب أن يكون بيد واحدة مبتورة وقدمين لا إصابة فيهما.

حارس المرمى يجب أن يكون بيد واحدة مبتورة وقدمين لا إصابة فيهما.. عدسة: أشرف أبو عمرة

فريق الأبطال.. بدأ فكرة ومع الوقت لاقى استحسانا وإشادة ودعما
بالرغم من أحلامه المشروعة فإن ضعف التمويل والدعم يقيد خطوات فريق الأبطال، وعن المصاعب التي تواجه الفريق يحكى فؤاد: "توجهت حتى الآن إلى أكثر من مؤسسة لكن الظروف التي نعيشها في غزة أثرت على القطاع الخاص، وليس لدينا سوى جمعية دير البلح هي التي تدعمنا وتقدم لنا الملعب ساعتين مجانًا أسبوعيًا، ولكن احتياجاتنا كثيرة لكى نتمكن من المنافسة، فنحتاج إلى ثلاثة أيام للتمرين بدلًا من يوم واحد، وملعب مستقل بمدرجات خاصة وغرف لتغيير الملابس، وعكاز بجودة أفضل من ذلك الذي يستخدمه اللاعبون ولا يتحمل ضغط الركض، وأحتاج إلى دعم مادى يوفر وسيلة لتحرك اللاعب ووسيلة لتوصيله إلى التمرين وهذا ما قد يحرم الكثير من الموهوبين من المشاركة مع الفريق".

العكاز الذي يستخدمه اللاعبون لا يتحمل ضغط الركض.. عدسة: أشرف أبو عمرة

السفر خارج غزة.. رحلة ومعاناة
