رئيس التحرير
عصام كامل

«رب الكون ميزنا بميزة».. حمو بيكا يتحدث عن «أيام الكحرتة» وسر تفوقه على «الهضبة»

مطرب المهرجانات حمو
مطرب المهرجانات "حمو بيكا"


لم تتغير حياة مطرب المهرجانات الشهير "حمو بيكا" كثيرًا بعد الشهرة، ما زال الشاب الثلاثيني يمارس طقوسه اليومية نفسها، أمام منزل أسرته الكائن بشارع الجيش بمنطقة الدخيلة في محافظة الإسكندرية.


بدايات "بيكا" الذي تصدرت أغانيه تريندات "فيس بوك" و"يوتيوب" مؤخرا، لم تكن مُبشرة بأي شيء، طفلٌ مشاغبٌ فُصل من مدرسته بعد تعديه على مُدرسته في الصف الأول الابتدائي، ثم رحلة طويلة تنقل فيها بين أكثر من مهنة، من الجزارة إلى النجارة، حتى انتهى به المطاف العمل كسائق "توك توك" قبل أن تلعب الصدفة لعبتها ويصبح أشهر مطرب مهرجانات في مصر.


«رب الكون ميزنا بميزة» أغنية مثل عشرات الأغاني التي غناها «بيكا» رفقة عدد من أصدقائه، لكنها حققت انتشارا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت وش السعد على ابن الإسكندرية محمد محمود المشهور بـ"حمو بيكا": "الحمد لله الأغنية فعلًا كانت سببًا كبيرًا في شهرتي، يمكن كنت معروفًا بشكل كبير في الإسكندرية لكن أغنية "رب الكون" خلت مصر كلها تعرفني".


داخل شارع «الجيش» بالدخيلة، تجد «بيكا» واقفًا أمام منزله المكون من ثلاثة طوابق وسط المنازل الشعبية القديمة، رفقة أصحابه وجيرانه، ورغم انتقاله للعيش بشقة جديدة فإن منزل أسرته ما زال حاضرًا في تفاصيل حياته اليومية: «حياتي كلها هنا على الناصية ماكنتش بعمل حاجة من يوم ما اتولدت غير إني أخلص شغل وأقف على أول الشارع، وأطلع البيت على النوم على طول، وبعد ما نقلت البيت الجديد بفضل واقف لما يكون مفيش عندي شغل».


«حمو» لم يعرف معنى الأجواء الدراسية، والتعايش مع أطفال جيله داخل المدرسة، فعِلاقته بالدراسة انقطعت في الصف الأول الابتدائي، بعد تسببه في مشكلة مع مدرسته، ولم تستطع أسرته معالجة الموقف سريعًا ليحصل على جواب فصل لمدة أسبوع كنوع من العقاب، لكنها أصبحت عقدة لازمته حتى خرج من المدرسة دون عودة: «عضيت المدرسة وأنا في أولى ابتدائي كنت لسه طفل ميعرفش حاجة خالص، بس في الآخر اتفصلت، ومتعلمتش بس كان نفسي أتعلم القراءة والكتابة زي باقي الناس المتعلمين، لكن طلبت من أهلي أني أسيب المدرسة لأني كنت عيل صغير مفهمش إن دي حاجة غلط، وأبويا قالي بلاش وأنا صممت إني أخرج، ولو حد تاني كان أبوه موافقش على الكلام ده ودخل ابنه المدرسة بالعافية بس أنا أهلي ناس بسطاء في التعامل وفي الآخر سابوني على راحتي».


حياة «بيكا» العملية بدأت مبكرًا، صاحبته الأزمات والمصاعب طوال حياته: «أنا عندي 29 سنة مفيش حاجة ماشتغلتش فيها، اشتغلت أول مرة في حياتي وأنا عندي 12 سنة عامل في محل كشري أمام منزلنا لمدة 9 سنين، وكان أجري وقتها 3 جنيهات في 12 ساعة عمل متواصلة، كنت أخلص الشغل أطلع البيت عشان أمي تاخذ الفلوس، بعد فترة اشتغلت نجار مسلح، وبعد فترة دخلت مجال الجزارة في محل بالقاهرة لأني بحب الجزارة، ثم تباع مع خالي، ولما ربنا كرمني وكان نفسي ماشتغلش عند حد وأرتاح من البهدلة اشتريت «توك توك».


أراد « بيكا» بحديثه عن المهن التي امتهنها أن يوصل رسالة إلى الجميع مفادها «الشغل مش عيب»: «بقول للناس اللي بتعايرني بصوري وأنا شغال زمان ده تاج على رأسي بفتخر بيه طول عمري، فكرني هسَتَعر من كل الشغل اللي اتمرمطت فيه، أنا اتعلمت حاجات من الشارع ماكنتش ممكن أتعلمها في المدرسة أهمها إزاي أتعامل مع البشر.. ورغم كل الظروف والسخرية مني أنا عارف أن ربنا موجود وهو سبب كل الكرم والخير اللي الواحد فيه».


قصة دخول "بيكا" عالم أغاني المهرجانات، قصة غريبة ومُثيرة، في أحد الأيام وخلال عمله على التوك توك المملوك له توقف أمام أحد استديوهات الصوت المتخصصة في تسجيل الأغاني، دخل الاستوديو وطلب من المسئولين هناك تسجيل أغنية بصوته، ورغم غرابة الطلب وسخرية الحاضرين، وافق مسئول الاستوديو وسجل له أغنيته "قشطة" وأعطاها له على "كارت ميموري"، ساعات قليلة وكانت الأغنية منتشرة مع كل سائقي التوك توك بمنطقة "الدخيلة"، أيام قليلة وصار اسم حمو بيكا ذائع الصيت، وأصبح منتجو أغاني المهرجانات يبحثون عنه في كل مكان.


كان لوالد "بيكا" دور مهم في نجاح نجله: "على عكس كل الآباء.. أبويا كان دايما يشجعني على غناء المهرجانات وكان نفسه يشوفني مطرب، أنا ماكنش ليا في جو المهرجانات والأغاني بس أبويا طلب مني أغني وقالي نفسي أشوفك بتغني مهرجان يا حمو بس أنا كنت بقول يا أبويا أنا الشغلة دي مش بتاعتي ومش جاية معاية، لكن ماكنش ينفع أرفض لأبويا طلب».


السر وراء "وش الغضب" و"أخصام بيكا"، وافتكاسة فريدة من نوعها نجح بها حمو في الانتشار على «السوشيال ميديا»، وحقق من ورائها مكاسب كان ينتظرها بعد التخطيط بذكاء: «لو واحد فاتح شركة هايصرف ملايين على الدعاية عشان يجيب زبون ويكسب في الآخر.. أنا بصرف فلوس بـ"وش غضب" بدل القلوب بضحك وبقول يا بني بطل "تعملي وش الغضب".. أما بالنسبة للأخصام الحمد لله بحب كل الناس وماعنديش أخصام خالص بس هو نفس نوع الدعاية والتشويق عشان الناس تسأل مين هما، والحمد لله الناس عرفتني بالطريقة دي وبقا ليا أسلوبي، وجمهوري عارف أني بهزر».


يعتبر صاحب مهرجان «رب الكون» حالة الهجوم على مطربي «المهرجانات»، وتعرضه للسخرية والهجوم بشكل شخصي أمرًا طبيعيًا وخارج حساباته من الأساس، ولم يؤثر على شعبية مستمعي هذا النوع من الأغاني: «احنا مش بنفسد الذوق العام زي الناس ما بتقول.. التليفزيون أساس الفساد بس ماحدش يقدر يقول كده، لكن ممكن نهاجم مطرب مهرجان ومانقدرش نهاجم فنان سينمائي، كل واحد فينا بيعمل أغنية سيئة في بدايته ودي حاجة طبيعية، لكن بعد كده يطلع جديد وبيحاول يقدم نصيحة في الأغاني، وأنا أول مطرب مهرجان يحكي قصة الأفلام في الأغاني وأشهرها أغنية فيلم سلام يا صاحبي للفنان عادل إمام».


داخل غرفة كبيرة بالدور الأول فوق مقهى «أطوطة» بالدخيلة، يقضي «بيكا» يومه الطبيعي في عالم المهرجانات من الخامسة عصرًا، حتى صباح اليوم التالي بين تسجيل الأغاني والاتفاق على الحفلات بمساعدة «أبو جيكا» مدير أعماله والعقل المدبر: «مابعملش حاجة في حياتي غير إني بنزل من البيت أطلع الاستوديو الساعة 5 أسجل في الأغاني للناس واتفق على الشغل، وعايش حياتي كلها هنا هو البيت والقهوة وكل حاجة ممكن الناس تتخيلها».


تفوق «حمو» على «الهضبة» عمرو دياب، أمر غير عادي على الإطلاق، وهو ما شكل صدمة للبعض، بعد تصدره الترتيب الأول بتريند موقع «يوتيوب»، بمهرجانه «رب الكون ميزنا بميزة»، وهي الواقعة الأولى من نوعها التي يحتل فيها مطرب مهرجانات الترتيب الأول بالموقع، ليدخل عالم الشهرة من أوسع أبوابه بطرق مختلفة: «أولًا أنا فرحان وباشكر ربنا وعمري ما كنت أتوقع أني أوصل الأول على اليوتيوب وأتخطى الهضبة، بس عاوز أقوله رسالة "أنا أخوك ومتزعلش مني الدنيا يوم فوق ويوم تحت وهو النجاح كده وربنا لما بيريد حاجة محدش يقدر بيقف قدامه وهو عاوز كده».


استقباله خبر التريند كان مفاجئا: «فيجو الدخلاوي الموزع بتاعنا اتصل بيا وأنا سايق وقالي الخبر ومكنتش مصدق، بس النجاح والخير ده بدعوة أمي وحب جمهوري ليا وستر ربنا عليه الحمد لله عشان أنا عارف أنه بيحبني».


اعتلاء «بيكا» قمة اليوتيوب، جعله يفكر بشكل آخر، وهو مواجهة المعارضين لأغاني المهرجانات منذ ظهورها حتى وقتنا هذا: «أنا بقيت تريند من لا شيء وأنا لسه ولا حاجة، بس أنا حققت حاجة لأخواتي المطربين في مجالنا محدش عملها من سنين وهيا أننا نكون رقم واحد، وهي دي الرسالة اللي أخوهم الصغير وصلها.. المهرجان مش وحش».


الشهرة التي يحظى بها «بيكا» في الآونة الأخيرة، لم تكن أمرًا مفرحًا بالنسبة له: «أكيد أي إنسان بيفرح بالنجاح في شغله، وأنا كده بس نظرة الناس ليا مجنناني، كنت عايش بطبيعتي مع الناس بهزر وأضحك مع طوب الأرض بعد كده فضلت أسمع كلام الناس وأشوف الحقد والغل وأنا مش عارف السبب اللي يقول ده راكب عربية من بعد التوك توك وناس تقول بيغني بالعافية، بقيت من بعد ما بعيش عادي وسط الناس، مبنزلش وأمشي في الشارع غير لما كله ينام عشان متعرضش لكل ده».


نظرة «بيكا» لمستقبله بعد نجاحه الساحق وشهرته الجارفة تغيرت: «حياتي دلوقتي كلها شغل ومش بفكر في حاجة غيرها، والفترة الجاية داخل أصور فيلم هيكون مفاجأة للناس.. وعندي رسالة واحدة للناس اللي بتسمعني أو مابتسمعنيش أنا شقيت وتعبت في حياتي من وأنا عيل صغير ومحدش شافني غير وأنا بضحك وبهزر، لكن أنا اتمرمطت كتير أوي ومحدش كان بيسندني غير ربنا عشان كده هو كان عالم بحالي وظروفي وإني كنت بكسب بمجهودي.. سبب النعمة اللي أنا فيها ربنا ولو أنا بعمل حاجة غلط ربنا يصلح حالي».
الجريدة الرسمية