رئيس التحرير
عصام كامل

مصر.. وتوقعات الكساد بأمريكا


الكساد هو مرحلة التوقف عن الاستثمار، بمعنى أن من لديه مال سيتوقف عن ضخه للاستثمار خوفا من خسارته ولذلك ستزداد الأموال في البنوك وتقل تكلفتها بنقص الفائدة المدفوعة عليها، وهو ما يكون سببا في انخفاض قيمة الدولار مثلا، حيث سيتم استبدال الدولار بالعملات التي حافظت على الثبات تقريبا، مما يشكل بيع أكبر للدولار وانخفاضا لقيمته وزيادة تدخل الدولة -أمريكا- في القطاع الخاص لجني المزيد من الضرائب مما يزيد من معدلات الركود.


نقول ذلك ونُوضحه بسبب توقعات الكساد في الاقتصاد الأمريكي، لذا يجب أن نستعد لكل الاحتمالات للحفاظ على استقرار اقتصادنا، فمن المعروف الاحتياطي النقدى المصري لا يرتبط فقط بالدولار الأمريكي بل ويتوقع الاحتياطي ليكون حائط صد، خصوصا في مجال شراء السلاح لأننا سنرغم على شراء مستلزماته فيما بعد، لذا يجب تفعيل مناطق الاستثمار في مصر وتشجيع التنافس بينهم (مثلا منطقة الاستثمار الصيني- منطقة الاستثمار الألماني).

ولمواجهة الكساد المحتمل في الاقتصاد الأمريكي يجب أن تكون الودائع المصرية بعملات مختلفة أما الديون مع العالم الخارجي لتكون بالدولار وتفعيل اتفاقيات التكامل الثنائي العربي.

كذلك العقود الآجلة لبيع الصادرات البترولية يفضل أن تكون بعملات متنوعة مع الترويج لصناعات البتروكيماويات التي تعطي القيمة المضافة للبترول وليس بيع المنتج الخام.

أما عن تأثير ذلك الكساد المحتمل على مصر فقد لا يكون بالحدة نفسها التي تؤثر بها على الدول الصناعية والدليل أن ما حدث خلال أزمة التمويل العقاري قد أثر على أوروبا بعد الولايات المتحدة الأمريكية ولَم نشعر له في مصر بتأثير إلا قليلا.

أما عن عدوى الكساد فتحدث بين الدول التي ترتبط صناعيا وتجاريا بها خصوصا الدول التي تتبع النظام الرأسمالي الحر أولا.. أما مصر فليس لديها ابتكارات التقنية إنما دولة تستعمل التقنية.. إذا ما تتمتع به مصر ويمكنها استغلاله هو العمل الزراعي أولا وبالتبعية المنتجات التي تعتمد على الزراعة والتركيز على وفتح أسواق متعددة لترويج منتجاتنا الزراعية ثم التجارة وجعل مصر مركز لوجيستي عالمي سيكون الأفضل.

إسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا وإنجلترا بعد الخروج من الاتحاد وخسران مزايا السوق الأوروبي.. سيتأثرون بنسبة كبيرة وستبقى ألمانيا الأكثر استقرارا في المنطقة الأوروبية.

المواطن الأمريكي يعيش على الديون وبمعدلات استهلاك عالية وعلى ذلك فإن أثر الكساد على الولايات المتحدة سيكون أكبر.

لذا ستتعاون الدول التي لها احتياطيات لدى الولايات المتحدة لمحاولة رفع قيمة العملة الأمريكية حفاظا على قيمة الاحتياطيات المحفوظة لديها، وهو ما قد يدفعها إلى تقديم المعونات وتأجيل المطالبات لحين استعادة العملة الأمريكية وحفظ قيمة احتياطاتها.

الإجراءات الإصلاحية التي قام بها ترامب وانعكست على انخفاض معدلات البطالة ليست إلا مسكنات، إذ إن الواقع مختلف في ظل دولة بها اختلالات هيكلية قاربت على الإفلاس منذ ٢٠٠٨، حيث رفض الكونجرس خطة إنقاذ الاقتصاد الأمريكي، كما طالبت الدول الأوروبية أن تتحمل أمريكا وحدها تبعات سوء القرارات إبان الأزمة المالية العالمية.

والآن ما الذي على الولايات المتحدة فعله لكي تنأى بنفسها عن الركود؟

أولا التوقف عن طباعة الدولار دون غطاء، مع تعديل النظام الضريبي ليكون متوجها بالقيمة المضافة، ومنح إعفاءات للمشروعات الصغيرة وتخفيض الائتمان من أجل الاستهلاك.. التوقف عن التصريحات غير المناسبة، والتوقف عن التلويح باستخدام القوة.. وتخفيض الإنفاق على التسليح واستبداله بالإنفاق على تنمية الدول المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي..

البحث عن مصادر المواد الخام وإقامة شراكات طويلة الأجل، هذا بالإضافة إلى تعديلات على السياسة النقدية والسياسة المالية المرتبطة بسياسة توسعية متكاملة ليست من طباعة النقد دون غطاء واكتساب مزايا من شهرة الدولار إنما بالحفاظ على قيمته بإجراءات سياسية مستقرة إذا أن الاقتصاد دوما مرآة للسياسة والسياسة مرآة للاقتصاد.
الجريدة الرسمية