رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية أقدم خياط للجلباب الصعيدي بقنا (فيديو وصور)

فيتو

"فكم لله من لطف خفي.. يدق خفاه عن فهم.. وكم أمرًا تساء به صباحًا فتأتيك المسرة بالعشي.. إذا ضاقت بك الأحوال يومًا فثق بالله ذي الفضل العلي"... من الأقوال المأثورة للسيدة زينب، لافتة مكتوبة بالحبر على أحد أركان محل صغير في زقاق ضيق بشارع السوق بمدينة قوص.


يجلس رجل يتعدى عمره الستين، بيده أدوات الخياطة يرتكز على أحد حوائط المحل الصغير وبجواره ماكينة الخياطة وأرفف بها أقدم أدوات الحياكة، وورقة تحمل أرقام هواتف وصور لبعض الصالحين ومشايخ الطرق الصوفية، ويعمل بمفرده دون وجود مساعدين.

عند الدخول للمحل تشعر من الوهلة الأولى أنك بمكان من زمن الفن القديم، وتشم في المحل عبق التاريخ.. وبالحديث مع عبدالستار سلمي محمود، أحد أقدم الخياطين للجلباب الصعيد، بقري مركز قوص، جنوب محافظة قنا، قال:"احترفت المهنة منذ أن تخرجت في المعهد الديني منذ عام 1967، وتعلمتها على يد أحد العاملين القدماء بها ويدعي محمد المعراوي، وكان من المهرة في خياطة هذا الجلباب".

وأضاف "عبدالستار"، أنه لم يستغرق وقتًا طويلًا في احتراف هذه المهنة، خاصة عندما يريد أن يتعلمها الإنسان، متابعا: "يختلف عندما يذهب الشخص لتعلم حرفة غصب عنه، ويتقن فنونها، فهذه الحرفة لايستطيع أحد إتقانها بسهولة".

وتابع "عبدالستار":"أنواع خياطة الجلباب تختلف من رجل لآخر ومن قرية إلى أخرى، فهناك البعض الذي يفضلها بنصف "لياقة" وآخرون "لياقة" كاملة، هذا بالإضافة إلى الطول والقصر والوسع والضيق فالشباب مثلًا يفضلون الحجر الضيق، عكس الكبار في السن التي يكون حجرها أوسع، والبعض يفضل الكم الطويل والآخر قصير، ولا تختلف القرية عن البندر كله واحد ولكنها بحسب طلب الزبون".

وعن الأسعار قال:"الأسعار اختلفت قديمًا عن الوقت الحالي بشكل جنوني كاد أن يصل إلى الضعف تقريبًا، وذلك بسبب ارتفاع أسعار البضاعة من المواد الخام" التي ارتفعت أضعافا مضاعفة".

وأرجع "عبدالستار" سبب انقراض خياطة الجلباب الصوف منذ عدة سنوات بسبب توقف غزل المحلة عن صناعة القماش الصوف، مؤكدًا على أنه لا يوجد صوف في الأسواق حاليًا، مردفا: قائلا "انضف صوف بتاع غزل المحلة، أما الآن فإن الموجود بالأسواق مستورد من الخارج".
الجريدة الرسمية