رئيس التحرير
عصام كامل

«ناتو عربي».. من يواجه ومن يدفع الفاتورة؟


على هامش اجتماعات الدورة الـ73 للجمعية العامة التي أنهت أعمالها الأسبوع الماضي، عقد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اجتماعا مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الستة، بالإضافة إلى وزيري خارجية مصر والأردن، ناقشوا فيه إنشاء (تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي) أو ما يعرف حاليا باسم "الناتو العربي"، ويضم 9 دول عربية هي دول مجلس التعاون الست بالإضافة إلى مصر والأردن والولايات المتحدة!


نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون الخليج العربي قال إن الإدارة الأمريكية تخطط لعقد قمة في يناير المقبل لتدشين هذا التحالف الذي يهدف إلى التصدي للعدوان الإيراني والإرهاب والتطرف وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وإن هذا التحالف سيكون بمثابة نسخة عربية من حلف شمال الأطلنطي!

الحقيقة أن هذه الدعوة تثير الشك وتطرح العديد من الأسئلة الصعبة منها..

* هل دول الخليج الست موقفهم واحد من إيران لتحقيق هدف التصدي للتوغل الإيراني في المنطقة؟

* هل دول الخليج الست مفهومها واحد للإرهاب والكيانات الإرهابية حتى يمكن للتحالف أن يتصدى للإرهاب والتطرف في المنطقة؟

* هل ترغب كل دول الخليج في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط؟

* هل ترى كل دول الخليج الست أن إيران هي العدو الرئيسي الذي يهدد منطقة الخليج؟

* لماذا تم في السابق رفض الطرح المصري بضرورة إنشاء قوة عربية مشتركة تواجه الإرهاب والتطرف وتحمي الأمن القومي العربي؟

* ما موقف إسرائيل من هذا التحالف الذي يضم الولايات المتحدة الداعم الأكبر لها؟

* ما الذي يضمن أن لا تغير الولايات المتحدة الأمريكية موقفها بين يوم وليلة كما غيرته مع كوبا وكوريا الشمالية وفقا لمصالحها وكما تغيره مع أي دولة تتعارض مصالحها مع مصالح تلك الدولة؟

* في حالة نشوب حرب.. هل يحارب الجيش الأمريكي أم أن المواجهة ستكون عربية إيرانية؟

* هل التحالف فقط سيكون عسكريا ونسخة من تحالف الأطلسي أم أنه سيستخدم نواة لخلق صراع سني / شيعي في المنطقة يستمر إلى حيث لا نعلم مداه ولا نملك القدرة على إيقافه، وإذا كان كذلك.. لماذا لا تنضم إليه دول المغرب العربي السنية التي لبعضها موقف من إيران؟

* هل ترغب الولايات المتحدة بشكل حقيقي القضاء على الإرهاب، وهي وبعض دول الغرب من صنعوه وحافظوا عليه حتى الآن؟

* ماذا فعل التحالف الدولي الذي بدأ من أكثر من 4 سنوات للقضاء على داعش والإرهاب في المنطقة، وكم دفعت دول المنطقة من أموال وثروات بلا نتيجة حتى الآن؟ هل عادت العراق وسوريا واليمن كما كانوا من قبل، وهل رفرفت الحرية والديمقراطية على شعوبها؟

أسئلة لن تنتهي وإجابات لن تقنع أحدًا، والغريب أن وزارة الخارجية الأمريكية على لسان مايك بومبيو تشدد على ضرورة إلحاق الهزيمة بداعش والمنظمات الإرهابية الأخرى، بالإضافة إلى إنهاء الصراعات في سوريا واليمن وتأمين العراق ووقف النشاط الإيراني الخبيث في المنطقة!

الخلاصة الأولى أن هناك فخا تَنصبه إدارة ترامب – وهي إدارة لا يمكن التعويل عليها أو الثقة فيها – للمنطقة خصوصا الخليج، وأنها لو كانت نواياهم صادقة لأرغمت ذيلها الثاني (قطر) على الانصياع لمطالب الرباعية العربية ووقف دعمها لإيران والإرهاب ومنعها من التدخل في شئون المنطقة –وهي تملك ذلك– قبل أن تفكر في طرح فكرة الناتو العربي.

الخلاصة الثانية.. الولايات المتحدة تريد أن تظل المنطقة في حالة صراع وحروب حدودية لتظل مصانع السلاح تنتج بلا توقف لصالح الاقتصاد الأمريكي ليحقق ترامب وعده الانتخابي بإصلاح الاقتصاد ورفع مستوى معيشة المواطن الأمريكي!

الخلاصة الثالثة.. أمريكا لديها القدرة على إنهاء الصراع في سوريا وفي ليبيا وفي اليمن، ولديها مفاتيح القضاء على الإرهاب لكنها لا ترغب ولا تريد.. هي تريد فقط الجزء الأكبر من التورتة!

الخلاصة الرابعة.. هل تجيب أمريكا.. كيف تشدد على القضاء على داعش وهي من تنقلهم بسلاحهم وعتادهم إلى أماكن لا نعرفها لتكون منصات جديدة للإرهاب وهي من تمنع سوريا من تطهير آخر معاقل داعش في إدلب؟

الخلاصة الخامسة.. أعتقد أن القيادة السياسية في مصر لن توافق أن ندفع فاتورة مواجهة لن تتحمل أمريكا منها شيئا، وأعتقد أن هذه الأسئلة وإجاباتها واضحة في عقل صانع القرار في مصر وفي رؤية دولة 3 يوليو.. والله من وراء القصد.
الجريدة الرسمية