رئيس التحرير
عصام كامل

الواسطة الحقيقية!


اكتشفت عقب عام كامل من محاضراتى لقطاع الشباب أن أحد أسوأ المفاهيم التي ترسخت في أذهانهم فيما يخص العمل نتيجة العديد من الممارسات الخاطئة التي يرونها حولهم في المجتمع، أنه لا يمكن أبدًا أن يحقق أمله في الالتحاق بالوظيفة التي يرغبها وأن يحقق النجاح فيها إلا عن طريق الواسطة، وقد أثبت لهم عن طريق عشرات الأمثلة لقصص كفاح ونجاح حقيقية (عايشتها ورأيتها رأي العين)، عدم صحة هذا المفهوم على الإطلاق.


لأنه حتى لو فرض وساعدك أحدهم في الالتحاق بعمل ما، فإنه لن يمكنه أبدًا أن يضمن لك النجاح والاستمرار فيه، لأن ذلك لا يتحقق إلا بواسطتك أنت عن طريق جدك ومثابرتك وانضباطك وإبداعك في عملك، لذا فإن "الواسطة الحقيقية" التي ستعينك على تحقيق كل ما تأمله وتصبو إليه هي "أنت نفسك" ولا أحد سواها..

ويحضرنى في هذا الشأن أحد أهم قصص النجاح الواقعية التي عايشتها عن قرب في بداية حياتى المهنية، وتعلمت منها المعنى الحقيقى لأن تكون "أنت" خير واسطة لنفسك، فلقد كان يزاملنى في مقر عملى صديق عزيز أكبر منى بعامين، وكان نموذجًا يحتذى في التميز المهنى والأخلاقى، وكان يأمل كجميع قرنائه النابهين أن يحصل على إحدى الدورات التدريبية التخصصية في إحدى الدول الكبرى بالخارج، ولكنه كان دائمًا يصطدم بعائق عدم تحقيقه للحد الأدنى من الدرجات المطلوبة في إختبار اللغة الأجنبية..

وتكرر ذلك مرتين متتاليتن، فقرر بكل ما يملكه من إصرار وعزيمة وثقة بالنفس أن يتغلب تمامًا على هذا العائق، بل ويغير من خلاله مساره التخصصى كله، فاجتهد وثابر بدأب شديد على احتراف اللغة الإنجليزية، وتقدم هذه المرة لاختبار بعثة "معلم لغة إنجليزية"، واجتازها بنجاح..

وعندما سافر للدراسة بالخارج حقق نجاحًا باهرًا، والتحق بعد العودة بـ"معهد اللغات" في وظيفة "معلم لغة" وتميز للغاية في عمله وسافر بعدها في العديد من البعثات الخاصة بمجال عمله الجديد حتى تولى قمة المكان الذي يعمل فيه.

كما أرجو أن نتذكر دائمًا الكلمات الخالدة لبطلنا الأسطوري الذي أبهر العالم لاعب تنس الطاولة "إبراهيم حمدتو" الذي يلعب ماسكًا المضرب بفمه لأنه فقد ذراعيه في حادثة قطار عندما كان عمره 10 سنوات حيث يقول:
"الإعاقة ليست في الذراعين والقدمين، الإعاقة هي ألا تسعى وراء ما تريد تحقيقه".
الجريدة الرسمية