رئيس التحرير
عصام كامل

محمود علوان يكتب: فضيحة «التعليم» في بيان نعي تلميذ الدقهلية

محمود علوان
محمود علوان

فاجعة وفاة إبراهيم محمد حسن عبد ربه الطالب بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة الزهراء الابتدائية التابعة لإدارة بلقاس التعليمية، اكتفى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور طارق شوقي فيها ببيان نعي من 15 سطرًا لا يثمن ولا يغني من جوع.


الوزير الذي جاء ليعلن أن التعليم لا بد وأن يكون عبارة عن رحلة ممتعة وأن المدارس ليست دور لشقاء التلاميذ، وإنما هي دور للعلم القائم على الأنشطة المحببة لنفوس الطلاب خاصة في المرحلة الابتدائية، هو نفسه الوزير الذي سبق وأعلن – في أزمة التغذية المدرسية العام الماضي- أنه ليس وزيرًا للتغذية المدرسية، وهو ذاته الذي يصب جام غضبه ليل نهار على منظومة التعليم القديمة، بزعم أنها سفينة مهترئة، وهو أيضًا من استغل حادث انتحار أحد الطلاب في أثناء امتحانات الثانوية العامة قبل شهرين للترويج لنظامه الجديد، وأكد أن إقدام بعض الطلاب على الانتحار أمر يجب أن يستوقفنا كثيرًا وطالب بدراسة ما أسماه بالظاهرة من أجل معرفة أسبابها ومواجهة تلك المأساة، ثم أعلن أن المنظومة الجديدة تخفف العبء والضغط النفسي والعصبي على الطلاب من أجل حياة أفضل.

تخيل أن الوزير الذي انتفض لانتحار طالب في الثانوية العامة قبل شهرين، هو ذاته الوزير الذي استقبل نبأ وفاة طفل لم يتجاوز عامه التاسع بعد ببيان نعي " ركيك" عباراته غير متماسكة ويحمل تناقضًا فاضحًا، وتعاملت الوزارة – في بيانها الرسمي- مع الفاجعة وكأنها مخالفة تنتهي باستبعاد مدير المدرسة وإحالة بعض المعلمين المسئولين عن الإشراف ومراقبة الأدوار للتحقيق.

لم ينتفض وزير التعليم أو أحد قيادات وزارته ليزور المدرسة محل الواقعة ليتحقق بنفسه من رواية المدرسة والإدارة التعليمية؛ بل استقبلوا تقارير المدرسة والإدارة والمديرية وكأنها عين الحقيقة، وبناء عليه جاء بيان الوفاة مفضوحاَ، ويحمل تناقضًا عجيبًا، يجعلنا نتساءل عن كيفية مروره على المسئولين وهل وافقوا عليه وهم مقتنعين بما جاء فيه على هذا النحو.

إذ يقول بيان الوزارة ما نصه: "صرح الإعلامي أحمد خيرى المتحدث الرسمى باسم الوزارة بأن التلميذ إبراهيم محمد حسن عبد ربه طالب في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة الزهراء الابتدائية التابعة لإدارة بلقاس التعليمية في قرية بسنديلة توفى في مستشفى القرية بعد نقله من المدرسة حيث وقع على الأرض نتيجة تدافع زملاؤه، حيث إنه أصيب بخدوش وكدمات لا تؤدي للوفاة، وعلى الفور تم نقله لمستشفى بلقاس المركزي ولكن كان قد وافته المنية، وسيتم عمل تقرير لتحديد سبب الوفاة، وتم إلغاء تكليف مدير المدرسة وإحالته للتحقيق بالشئون القانونية، وكذلك تحويل مشرفي الأدوار والطابور ومدرس الفصل للتحقيق بالشئون القانونية."

تلك العبارات مكتوبة، وكأنها مصاغة من قبل مدير المدرسة محل الواقعة بهدف إبعاد الشبهة عن المدرسة، فالطالب كما يزعم البيان توفي بعد نقله من المدرسة وكأنه ليس مهما أنه توفي المهم أن الوفاة حدثت بعيدًا عن المدرسة. 

الأغرب من ذلك أن البيان – على لسان متحدث التعليم- يقول إن الطالب أصيب بخدوش وكدمات لا تؤدي للوفاة، وعلى الفور تم نقله لمستشفى بلقاس المركزي ولكن كان قد وافته المنية، هنا لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله! الوزارة أقرت أن الطفل أصيب بخدوش وكدمات لا تؤدي للوفاة وهي لم تذكر من أين جاءت بهذه المعلومة وهل هذا من تقرير الطب الشرعي أم لا علمًا أن بيان الوزارة صادر والواقعة قيد التحقيق؛ ولكنها جزمت بأنها كانت خدوش وكدمات، ثم في العبارة التي تليها تبدأ بحرف الاستدارك ( لكن) وتتبعه بفعل ماض ناقص (كان) وهي جملة غريبة كيف يدخل ناسخين على بعضهما البعض هذه يحتاج إلى علماء في اللغة لتفسيره!! المهم هنا أن بيان الوزارة المفروض فيها تربية وتعليم النشء حمل بعد الناسخين جاء حرف (قد) والذي يفيد التحقيق وبعده وافته المنية، فكيف إذا طفل أصيب بخدوش وكدمات إثر تدافع ثم يموت هكذا، ولماذا لم يشر بيان الوزارة إلى الرواية التي يرويها ذوي الطفل من أنه تعرض لضرب مبرح وأنه أصيب بسكتة قلبية من الخوف، وأنه لو كان حدث تدافع لأصيب طلاب آخرين؟
وما يؤكد أن بيان الوزارة كان مقصودًا بما حملة من عبارات، التصريحات التي أدلى بها وزير التعليم لإحدى الفضائيات تعليقًا على الحادث، حيث قال إن الحادث عادي ومثله كان متوقعًا، وأضاف: "وطبعا لما يكون عندنا 55 ألف مدرسة فيها أكثر من 20 مليون تلميذ لا شك هتحصل الحوادث دي".
الجريدة الرسمية