رئيس التحرير
عصام كامل

ورطة مفتى مصر


الدكتور "شوقى علَّام" مفتى الديار المصرية، نحسبُه عالمًا جليلًا، ولا نزكِّى على الله أحدًا.. عندما تم تعيينه قبل 5 سنوات، في زمن جماعة الإخوان الإرهابية كان صمتُه يفوقُ كلامه، ظهوره الإعلامي كان محدودًا إن لم يكن معدومًا، اعتبرناه زُهد العلماء.. شيخ الأزهر الأسبق الشيخ "جاد الحق على جاد الحق" كان كذلك، رغم أنه كان عالمًا جليلًا لا يخشى قول الحق.


مؤخرًا.. تغيرتْ الأحوالُ، صار الدكتور "علَّام" أكثر حضورًا وأغزر تصريحًا، لا يتركُ شيئًا دون أن يُدلى فيه بدلوه، حتى ولو كان منقطع الصلة بالدين.. ربما يكونُ الدكتور "علَّام"، ذو السبعة والخمسين عامًا، مدفوعًا بالرغبة في البقاء بمنصبه، أو استوزاره لـ "الأوقاف" في وقتٍ لاحقٍ.

قد يقولُ قائلٌ: "لا ضيرَ في ذلك، فهذه أحلامٌ مشروعة، ومن حق علماء الدين أن يحلموا ويخططوا لتحقيق أحلامهم، حتى وإن لم يتوقفوا عن تلقين العامَّة من أمثالنا دروسًا في الزهد والرضا بالقليل"، وقد يكونُ هذا رأيًا مقبولًا، ولكن ما نخشاه هو المساسُ بالصورة المثالية للإسلام وتشويهها والنيلُ منها تدريجيًّا.

مولانا ورَّط نفسه في تصريحاتٍ صحفيةٍ مؤخرًا، وحمَّلَ جماعاتٍ مُحددةً بتزايد وتيرة الإلحاد في مصر، وأسهب في تحميلها أوزار تفشى تلك الظاهرة البغيضة في بلد الألف مئذنة، ولكنه لم يقتربْ من المؤسسات الدينية الرسمية، ودار الإفتاء واحدة منها، رغم أن دورها قد يكون أكبر.

هذه المؤسسات لا تخجلُ من أن تُورِّط نفسها في إشكاليات سياسية واقتصادية واضحة ومكشوفة، وجعلتْ الدين خادمًا للسياسة "المتقلبة".. هذه المؤسسات التي تفشل يومًا بعد الآخر في تنفيذ رؤية الرئيس في تجديد الخطاب الدينى، ولا تزال تتركه أسيرًا لحالة من الجمود والتجميد، تتحملُ المسئولية الأكبر في تخلى الناس عن الدين، أو تغير نظرتهم له في أفضل الأحوال.

الناسُ لم تجد القدوة الحسنة الحقيقية بين علماء الدين، ورأتْ كيف تحول الدين في زمن الإخوان ومريديهم وغيرهم إلى "بضاعة.. مجرد بضاعة" تضعونها في خدمة من يدفع ومن يُعزُّ ويُذلُّ..

مولانا مفتي مصر..لا تورط دار الإفتاء في معارك خاسرة، وعُدْ إلى سيرتك الأولى، وأصلحْ بيتك من الداخل، اجعلْ مهمتك خدمة الإسلام، وليس خدمة نفسك أو غيرِك، فالمناصبُ زائلة يومًا ما، ولن يبقى إلا وجهُ اللهِ ذو الجلال والإكرام.
الجريدة الرسمية