رئيس التحرير
عصام كامل

قصة كفاح «أسماء علام».. من غرفة تمرينات بالهرم لـ«جناح العالمية» (فيديو وصور)

فيتو

في غرفة صغيرة، بإحدى الزوايا الفرعية في حي الأهرام، كانت البداية، فلم تكن ابنة الـ18 عاما بحاجة لأكثر من تلك الغرفة المقربة لها، لتتمكن من حفر اسمها في صخرة أبطال العالم في لعبة الكاراتيه، حصلت على الميدالية الفضية بدورة الألعاب الأفريقية، بالإضافة إلى حصولها على المركز الثالث على مستوى العالم وهي لم تتجاوز الـ18 عاما بعد.


بدأت أسماء علام الطالبة في الفرقة الأولى بكلية الآثار جامعة الزقازيق، مسيرتها مع التدريبات في مجال لعبة الكاراتيه منذ الثالثة من عمرها، فكانت متأثرة بإخوانها الأكبر سنًا، فأرادت أن تدخل عالم الكاراتية، والبداية كانت بغرفة صغيرة، يمتلكها مدربها الأول، وداعمها الأكبر «كابتن سامح»، وتمكنت من خوض البطولات الجمهورية والعالمية في السابعة من عمرها.

«الكاراتية بيدي ثقة في النفس وبيعلم تحمل المسئولية»، بهذه الكلمات وصفت "أسماء" سبب استكمالها اللعبة، وإصرارها على التفوق وخوض البطولات بها، بالإضافة إلى أن لعبة الكاراتيه كانت مفتاحها، للانفتاح على الثقافات الأخرى، من خلال السفر في دول العالم المختلفة.

لم يكن الحجاب عائقًا أمام تحقيق حلمها، حيث ارتدت حجابها في عمر الـ14، تزامنًا مع حصولها على المركز الثالث على مستوى العالم، أما عن الألسن السوداء، كانت دائمًا ما تردد حولها أن لعبة الكاراتيه ليست للفتيات، وإنما هي لُعبة جثمانيًا للشباب فقط، لكنها لم تستمع لما قيل ومن قال، وإنما استطاعت أن تكمل مسيرتها في عالم النجاح الصغير التي صنعته لنفسها.

«نفسي أتصور معاكي عشان العالم يعرف أن في العرب بنات محجبة وناجحة»، هكذا وصفت «علام»، أكثر موقف تمكن من قلبها خلال البطولة العالمية بالكاراتيه، حيث طلب منها أحد الحكام العرب بالبطولة العالمية للكاراتيه، التقاط صورة تذكارية معها بعد حصولها على المركز الثالث بالبطولة، لنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وليعرف العالم أن العرب يدعمون بناتهم حتى النجاح.

جاءت دورة الألعاب الأوليمبية لهذا العام، مباشرة عقب امتحانات الثانوية العامة لعام 2018، لكنها لم تتقاعس عنها، وقررت خوض البطولة دون قلق، لكن الأمر لم يكن متيسرًا في البداية، فتعارضت مواعيد الامتحانات بالمرحلة الثانوية مع البطولة، لذا تقدمت بطلب لتستطيع حضور التمرينات، وهو ماحدث بالفعل وتمكنت من خوض اختبارات البطولة وحصدت بها المركز الأول، واستمرت في التمرينات حتى قبل الامتحانات بيوم واحد، وبعد نهاية الامتحانات، ذهبت لمعسكر المنتخب لخوض التمرينات المؤهلة للبطولة.

«بطلة التشيك، المركز الأول ببطولة العرب، المركز الأول ببطولة البحر المتوسط، المركز الثالث بتركيا»، كانت أبرز البطولات التي حصلت عليها «علام»، في عمرها الوردي، حتى عام 2017، حيث خاضت معسكرا مغلقا لمدة 6 شهور، بموجب ثلاثة تمارين باليوم، وخاضت البطولة العالمية بألمانيا وحصدت بها المركز الأول، متفوقة على أقرانها بأوروبا.

«تمرين ساعتين وساعة للمواصلات، وباقي اليوم للدراسة»، كانت هذه الخطة التي صارت عليها بطلة العالم بالكاراتيه، خلال المرحلة الثانوية، حتى حصلت على مجموع 93.5%، بالثانوية العامة، وتمكن من حصد مكان لها بكلية الآثار جامعة الزقازيق، أما عن محل سكنها بشبرا الخيمة، فكان الداعم الأهم لها في مسيرتها وسط الأهل والجيران المحبين لها فكانت «علام»، مصدر الفخر لهم حيث حصلت على لقب «فخر المنطقة».

في بداية مشوارها الرياضي، وصفها أحدهم بـ«الفاشلة»، التي لن تتمكن من الحصول على مكانة واسعة في عالم الكاراتيه، ولم يستكمل مدربها الأول تمرينها، مؤكدًا أنها لا تمتلك ما يؤهلها لتستطيع أن تحقق ذاتها به، «هتبطلي كارتية وشخصيتك مش هتقدر تكمل وتحصل على بطولات»، هكذا وصفها مدربها الأول، وكانت هذه البداية التي انطلقت منها.

«كابتن سامح داعمي الأول»، استطاع «الكابتن سامح»، أن يُعيد ثقتها بنفسها مرة أخرى، فبعد أن تركها مدربها الأول، بدأ في تمرينها بعمر العاشرة، «إنتي مشروع عالمي»، بكلمات بسيطة كالسابقة، تمكن من إعدادها من جديد، وبالفعل بدأ تمرينات مشروعه العالمي، وتمكن من حصد البطولات التي حققتها تحت إشرافه، وتمريناته في غرفة الأهرام الصغير، حتى تمكن من الوصول لجناح العالمية بعد سنوات قليلة من التمرين تحت قيادته.

لحظات عصيبة مرت على ابنة الكاراتيه الصغيرة، حيث أثر الروتين اليومي خلال معسكرها بالمنتخب لمدة 6 شهور على نفسيتها، منحصرة بين التمرينات والطعام الصحي فقط، دون ترفيه، أو راحة، كذلك ضغط التمرينات الصعبة.

تغير المدربين بالمعسكر من حين لآخر، كان السلاح الذي استخدمه المعسكريين في استكمال يومهم الروتيني، بتقليل وزيادة التمرينات حسب المدرب، حتى استطاعت تحقيق اللبنة الأولى من حلمها، أما عن القادم فتعد له من الآن، محاولة تصعيد إسمها بين نجوم الألعاب الرياضية المحلقة في القمة دائمًا.
الجريدة الرسمية