رئيس التحرير
عصام كامل

الأكثر تلوثًا في العالم!


عندما اختارت مجلة "فوربس" الأمريكية الشهيرة في نهاية شهر يوليو الماضي مصر كأفضل وجهة سياحية في العالم لعام 2018 (لأسباب موضوعية بالطبع ذكرتها بالتفصيل)، تبارت القيادات العاملة في مجال السياحة في مصر في الإشادة باختيار المجلة وإسباغ العديد من الصفات الحميدة عليها، وعندما اختارت نفس هذه المجلة مدينة "القاهرة" منذ أيام على رأس قائمة أكثر 10 مدن تلوثًا في العالم (لأسباب موضوعية أيضًا بالطبع ونعلمها جميعًا)، قامت نفس هذه القيادات بمهاجمة المجلة واتهامها بالمبالغة في تقريرها لضرب حركة السياحة في مصر، وطالبت الحكومة بالرد عليها!


كنت أتمنى بالطبع ككل مصري يعشق وطنه ويرجو أن يراه في أعلى مكانة، أن تسلك هذه القيادات سلوكًا مغايرًا عما اعتدنا عليه منهم (ومن العديد من السادة المسئولين) في مثل هذه المواقف من إخضاع كل ما هو سلبي في بلادنا لنظرية "المؤامرة" ولا شىء سواها، لأن الخطوة الأولى الصحيحة في علاج أي مرض هي سرعة وحسن تشخيصه..

لذا فإنه من المهم هنا بدلًا من صب كل اهتمامنا نحو نفى وتفنيد ما جاءت به المجلة، أن نوجه قصارى جهودنا نحو الوقوف على الأسباب الحقيقية (المبنية على القياسات العلمية، والحقائق الرقمية) التي جعلتنا نتصدر هذه القائمة المخجلة، والتي يأتي على رأسها بالطبع (حالة السبهللة والعشوائية الرهيبة) التي باتت تشكل أسلوب حياتنا اليومية سواء على المستوى الجماعي أو الفردي، وكذلك المخالفات البيئية الجسيمة غير القانونية التي يعج بها كل شبر في بلادنا (وليس القاهرة فقط بالتأكيد).

يجب أن تكون غيرة الحكومة على الوطن مضاعفة استشعارًا منها بمسئوليتها الوطنية، وفى هذا الشأن تحديدًا الذي يؤذى بالتأكيد مشاعر جموع المصريين ويؤثر على سمعتنا الدولية من حيث مدى إيماننا وقدراتنا على الحفاظ على صحة المواطنين والزائرين، من المهم أن تدرك الحكومة أن إجراءاتها البيئية الحالية لخفض نسب التلوث المختلفة في أنحاء الجمهورية ما زالت غير كافية وتحتاج إلى أسلوب أكثر فعالية وصرامة مما نحن عليه الآن..

ويجدر الإشارة هنا إلى أننا لو استسهلنا وألقينا بعبء هذه المسئولية الجسيمة في ملعب وزارة البيئة فقط دون النظر إلى أهمية توحيد وتكامل جهود وزارات ومؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة، ومؤسسات المجتمع المدنى في هذا الشأن فلن نتقدم في هذا الملف قيد أنملة.

كل التمني والرجاء أن تعلن علينا الحكومة في أقرب وقت ممكن رؤيتها المحكمة في هذا الشأن شديد الأهمية، حتى تستعيد (مصر البهية) هواءها النقي ورونقها البديع اللذين دمرهما مع الأسف بالتدريج "ذئاب المحليات".
الجريدة الرسمية