رئيس التحرير
عصام كامل

أمان «البنات» في الشارع


شاهدنا ما حدث من تقدم أحد الشباب إلى بنت تنتظر وسيلة مواصلات لطلب تناول القهوة معا، واختلفت الآراء هل هذا تحرش أم أنه غزل محمود؟!. انتشرت الفيديوهات اللاحقة لكل من الطرفين، الشاب والبنت، لكي يدافعون عن وجهة نظر كل منهما حيث يقول الشاب أن ذلك عادى وأنه لم يتحرش بها وهى تقول إنه قام بمضايقتها حتى قبل أن ينزل من سيارته إليها.


لماذا اختلفت المعايير في مجتمعنا إلى الدرجة التي جعلت الأمور الواضحة الجلية تؤول إلى الجدال، ولماذا لم يعد الصحيح صحيحا والخطأ خطأ؟!.

لماذا يتغير المجتمع إلى اللون الرمادي -بدلا من اللون الأبيض والأسود- والذي يمكن لاى فرد فيه أن يقوم بما يريد و"براحته" دون أن يخضع للقانون بكل حزم، بل للأسف تكون المسئولية على الطرف الأضعف، وهي البنت؛ لأنها وضعت ماكياجا أو بدون حجاب، فهل يمنع الحجاب التحرش؟!.

يقولون كلمات مؤسفة غريبة لا يمكن قبولها أساسا حول ملبس الفتاة، إذا السؤال المهم الذي كان يجب أن يوجه إلى الشاب وماذا تريد أنت منها؟ هل يرضى أي إنسان في مجتمعنا لأخته أو لابنته أن تذهب لتناول القهوة مع شخص غريب عن الأسرة.

عيب، ولا بد أن نعلم أولادنا العيب، لأن السنوات السابقة ومع إيقاع الزمان السريع لم تعد كلمة "عيب" متداولة، بل كانت الأخلاق أصبحت في مهب الريح وليتها تعود إلى من فقدوها حتى تخرج مصر من قائمة الدول الأخطر على أمن البنات.. ويمكن الاطلاع على ذلك بسهولة لنعرف كيف يصفوننا في الخارج بناء على مواقف فردية وشبابنا من ذلك بريء .. إلا أن الحقيقة أن حالة واحدة كفيلة بإظهار صورة للمجتمع وتعبر عنه.

صورتنا سنحافظ عليها، صورة الشاب المصرى المتربى الذي يخاف على بنات الناس، ولا يتسبب لهن في ضيق حتى ولو بالنظرة التي حرمها الله تعالى ولا يحاصرهن ولا يخاطبهن إلا مع سابق معرفة أو للضرورة، وفيما عدا ذلك فليمش في حاله.

وأقول كما تدين تدان، وما عند الله الديان كفيل أن يكون الجزاء لكل من يتسبب في ضيق للخلق.. فلنحترم بناتنا ولا نخرجهن للحياة معقدين يتهمون المجتمع أنه مجتمع ذكوري لن يهتم بهن ولا بمشكلاتهن.. وهن في النهاية جزء مهم من المجتمع؟

هُن الأمهات اللاتي تربي الجيل القادم، ولا نُرد أن تكون الأم إلا مثالا راقيا للاستقرار والأمان فإن أهملنا بنت الْيَوْمَ وأم الغد أهملنا تربية جيل بأكمله.

هل لم يعد لبناتنا مكانا يعيشون فيه حياتهن أم أنه على كل بنت أن تختفى سريعا تحت أي ساتر خوفا من تعرضها للمضايقات؟!.

عيب علينا أن نرضى بذلك وأن ندفع البنات للخروج من المجتمع إلى العزلة والتزام المنزل خوفا من مشكلات هم ليسوا سبب فيها إنما الأخلاقيات انحدرت مع مر السنين.

فلنحترم أنفسنا ونراعى الله في بنات الناس.. فلك أخت وابنه وأم وزوجة وكما تدين.. تدان.. الديان موجود.. ولا ينس ربك أحدا وسنقف جميعا أمام الحق بالمظالم يوما ما.. ترى ماذا ستقول له؟
الجريدة الرسمية