رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

التتبع الصحيح!


انتشرت للأسف في السنوات الأخيرة في مصرنا المحروسة ظاهرة ذميمة للغاية أصبح يعانى منها عدد كبير من الناس ألا وهى ما يمكن أن نطلق عليه: "تتبع أحوال الآخرين والتدخل في أدق شئونهم الشخصية بصورة فجة"، ومما لاشك فيه أن هذا الانتشار المتنامى لهذه الظاهرة السيئة ذات التأثير شديد السلبية على المجتمع قد نتج في الأساس من تردى منظومة التعليم، وعدم الاهتمام بمنظومة الثقافة، وانهيار منظومة القيم والأخلاق، لأنهم الثالوث المسئول عن البناء المتكامل لفكر، وثقافة، وأخلاق الإنسان.


أرجوك إن كنت ممن يمارسون هذا السلوك غير المحمود (سواء عن قصد أو بدون قصد) والذي يؤذى بشدة مشاعر الآخرين، أن تتأمل قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، وأن تذكر نفسك دائمًا قبل أن تنتقد أي شخص أو تسمح لنفسك بأن تتدخل في أدق شؤونه، أنه يجب ألا تتوقع من الآخرين أن يحبوا ما تحب، ويكرهوا ما تكره، فحكمة الله جل وعلا أنه قد خلقنا مختلفين في طريقة التفكير، والطباع، والعادات، والسمات الشخصية..

لذا فإنه من المهم أن تدرك أن ما قد يشكل لديك قناعات راسخة ليس بالضرورة أن يشكل نفس القناعات لدى الآخرين، وقد لخص الدكتور "تونى اليساندرا" عالم التنمية البشرية الشهير ذلك فيما أسماه "القاعدة البلاتينية" وهى: "عامل الناس كما يحبوا أن يعاملوا، وليس كما تحب أن يعاملوك".

جرب أن تضع نفسك مكان من تقسو عليه بنصل سيف كلماتك وسهامها، جرب أن تقلل تدريجيًا من أن تتبع وتعلق على شئون الآخرين لأن "من كثر كلامه قل فعله"، وجرب بدلًا من ذلك أن تتبع وتسعى في حاجة فقير، أو مظلوم، أو مريض، أو مكلوم، أو يتيم، أو غارم، لأن ذلك هو "التتبع الصحيح" الذي يفى حقًا وصدقًا بحاجات المجتمع ويرتقى به.

إن مجاهدة النفس عن التحرر من التدخل في شئون الآخرين لهو من أعظم الإنجازات التي يمكن أن تهديها لنفسك لو أردت، وسكتشف لو فعلت، أنك قد أضعت في اللغو والفضول وقتًا ثمينًا جدًا كان يمكن أن يعود عليك بكل ما هو أجدى وأنفع.

يقول أمير الشعراء أحمد شوقى: "لو طلب إلى الناس أن يحذفوا اللغو وفضول القول من كلامهم، لكاد السكوت في مجالسهم يحل محل الكلام".

Advertisements
الجريدة الرسمية