رئيس التحرير
عصام كامل

بلد أبوهم!!


عذرًا إذا طال هذا المقال أحدًا بالتلميح أو التصريح، فعلى المستوى الإنساني.. للجميع منا الاحترام، وعلى المستوى المهني.. لنا مع البعض وقفة، ليس من قبيل التصيد أو الأستاذية.. لكنها الشراكة التي تُحتم المراجعة ليعرف كل ذي حق حقه، ولأن الإعلام شراكة بين المذيع والمتلقي، ودون أحدهما لا تكتمل الرسالة.. أصبح من حقي كشريك أن أُبدي رأيي فيما أتلقاه، ربما يقترب رأيي من النصيحة، أو التوجيه، لكنه في الحالتين لا يقبل المزايدة، وإذا قبلها.. فلتكن المواجهة.


لماذا يُصر بعض المذيعين على مخاطبة المشاهدين وعيونهم على الرئيس السيسي؟! ولماذا يعتقدون أنه كلما تطاولوا على الشعب ضمنوا البقاء على الشاشة ونالوا رضا الرئيس ومن حوله؟! أتحدى أن يكون أحد من هؤلاء توقف أمام خطاب واحد للرئيس ليعرف ما يحمله من رسائل؟ وأتحدى لو رصد أحدهم كلمة واحدة تحمل إهانة للشعب، ففي كل خطاباته ترضية وإشادة بالشعب وبقدرته على تحمل نتيجة الإصلاحات الاقتصادية المؤجلة، وكان آخرها منذ بضعة أيام في ذكرى الاحتفال بثورة يونيو..

وأهم من يعتقد أن تطاوله على المُشاهد يمنحه صك الوطنية، وجَاهل من يظن أن تجاوزه في حق المواطن يرضي الرئيس، وعاجز من يفشل في إقناع الناس أن معاناتهم وقتية، وأن أحلامهم في بيت وعلاج وتعليم في طريقها إلى واقع سوف يلمسونه قريبًا، وأن أبناءهم لن تطالهم هذه المعاناة.

أحد من نعنيهم راح في وصلة تخويف للشعب من داعش (يا ريت بعد ما تطفح وتشرب شايك وتشرب الجوزة.. تقعد مع نفسك وتتخيل داعش وأنت بتسلم بنتك لأبو بكر البغدادي، شعب يخاف ميختشيش) هذا جزء من كلامه، ثم أقحم الرئيس في جملة غير مفيدة، والسؤال.. هل هذا الكلام يليق بشعب مصر الذي يطبطب عليه الرئيس في كل لقاءاته؟ وهل هذه وطنية من مقدم البرنامج؟

هذه الطريقة تفسد العلاقة بين الشعب والنظام، وتسعى لهدم ما يبنيه الرئيس من علاقة إنسانية مع الشعب بدأت منذ إجباره على خوض الانتخابات قبل أربع سنوات، كنت أتمنى أن يهتم مقدم البرنامج بمتابعة خطاب واحد للسيسي ليدرك أنه يرتكب جرائم في حق الاثنين (الشعب والرئيس) وأُحيله إلى الخطاب الأخير ليعرف كيف يتعامل السيسي مع الشعب عندما يصفه بصانع الأمل وقاهر المحن، وكيف أنه يشعر بمعاناته، وأنه قادر على التحمل في كبرياء وشموخ.

وقال أحدهم.. اللي مش عاجبه البلد ياخد جواز سفره ويمشي، هل بهذا الخطاب نستطيع إقناع الناس بقبول قرارات الإصلاح الاقتصادي؟ وهل تنسجم هذه الطريقة مع علاقة الرئيس بالشعب؟ وهل من تفسير آخر لهذه الطريقة غير استفزاز المشاهدين؟ ولماذا يتعامل البعض على أن مصر بلد أبوهم؟ فجوة كبيرة بين الإعلام والمتلقي بسبب هذه اللهجة، وللأسف.. يسعى إعلام الخارج المتربص للتسلل إلى عقل المواطن المصري مستغلًا هذه العشوائية، وهذا التعالي غير المبرر.

أما صديقي توفيق عكاشة فقد تجاوز الزمن ما أطل به علينا، كنت أتمنى أن يعود بشكل آخر يُضيف إلى رصيده، ويتصدى مع الدولة للخطر الذي يتهددها، لكن إطلالته ورسالته كان مردودها سلبيًا، فما كان يصلح للأمس لم يعد يصلح لليوم، لقد تعجل الرجل الظهور، وتعجل من تحمسوا له، فكان بما قدمه طوبة جديدة في جدار يفصل بين الإعلام والمواطن.

ارفعوا أيديكم عن علاقة إنسانية تجمع بين السيسي والشعب، ولا تخاطبوا الرئيس، فقط.. ارجعوا إلى خطاباته، ستجدون فيها دروسًا في كيفية التعامل مع المصريين.
basher_hassan@hotmail.com

الجريدة الرسمية