رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» تكشف في تحقيق استقصائي: سوق «الإرهاب الطائر».. بيع الطائرات «بدون طيار» في قلب القاهرة.. البيع في حارة اليهود يبدأ من 400 جنيه ومدى الطيران يتحكم في «قائمة ال

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
18 حجم الخط

حتى سنوات قليلة مضت كانت تكنولوجيا الطائرات التي يتم توجيهها عن بُعد لا تمتلكها إلا دول العالم الأول، وليس كلها، غير أنه بمرور السنوات، تحول الأمر إلى ما يشبه «الموضة»، فأصبح عاديا متابعة ضبطيات لهذه النوعية من الطائرات أثناء محاولة دخولها إحدى دول العالم الثالث، بعدما أصبحت في متناول الجميع، ليس هذا فحسب، لكن العقلية الإجرامية للجماعات الإرهابية، وجدت في التكنولوجيا المتطورة تلك ضالتها، فبدأت تستخدمها بعدما تراجعت أعداد الراغبين في تفجير أنفسهم بـ«الأحزمة الناسفة» أو التورط في عمليات حال إحباطها يكون مصيرهم الإعدام شنقًا، بعد توجيه اتهام «الخيانة العظمى» لهم.


ومؤخرًا.. أصبحت الطائرات المعروفة بـ«طائرات بدون طيار»، بضاعة رائجة، ليس للجماعات الإرهابية فقط، لكنها دخلت في عدد من المجالات، لعل أبرزها المجال السينمائى والرياضي، وأخيرًا وصلت إلى صالات الأفراح، دون أن يكون هناك قانون يحكم طريقة استخدامها، أو جهة معنية تعطى الإذن لمن يريد اقتناءها أو متابعة من يحاول استغلالها بطريقة غير التي وجدت من أجلها.

مطارات الأفراح الشعبية تستقبل «الطائرات الحديثة»
انتشرت في الآونة الأخيرة استخدام الكاميرات الطائرة اللاسلكية لتصوير الأفراح الشعبية، مقابل 1000 جنيه، كما يتم استخدامها في بعض الحفلات، وقد رصدت معدة التحقيق ثلاث حفلات استخدم مصورون مجهولون هذه الكاميرات لتصوير دون الحصول على تصريح من الجهات الأمنية.

وتتعدد أنواع الطائرات فمنها الطائرة العادية والطائرة بدون طيار وطائرات صغيرة الحجم، والطائرة التي تسير بسرعة الصوت، والطائرة الهليكوبتر والكاميرا الطائرة أو ما تعرف بـ DRONE CAMERA وهى طائرة لاسلكية تحمل كاميرا، وتطير لمسافات تصل إلى 300 متر، وتستخدم في تصوير الأفلام السينمائية ومباريات كرة القدم.

وهناك العديد من الوقائع التي تؤكد حظر مثل هذا النوع من الطائرات، حيث سبق أن أعلنت السلطات بمطار القاهرة عن ضبط باكستاني في مايو 2014، على متن طائرة تابعة لشركة “طيران الاتحاد”، القادمة من أبو ظبي، وبحوزته طائرة صغيرة، يتم تشغيلها باستخدام جهاز تحكم عن بُعد “ريموت كنترول”.

كما ألقت مباحث السياحة بالجيزة القبض على سائح كولومبي، لاتهامه باستخدام كاميرا طائرة ممنوع استخدامها بمصر لتصوير المنطقة الأثرية بالهرم، في أكتوبر 2016.

وألقت الأجهزة الأمنية القبض على أمريكى، من أصول إسرائيلية، لاتهامه باستخدام طائرة تعمل بدون طيار لتصوير المنطقة الأثرية بالهرم، في مارس 2017.

حارة اليهود.. منفذ بيع غير شرعي
في رحلة بحثها عن الأماكن التي يمكن الحصول منها على هذه النوعية من الطائرات، أجرت معدة التحقيق جولة بحارة اليهود بالموسكى وشارع عبد العزيز لشراء طائرة لاسلكية من محال لعب الأطفال أو شراء كاميرا طائرة من محال الإلكترونيات، واستطاعت التوصل إلى أحد المحال التي تبيع هذه الطائرات بحارة اليهود، ويبلغ سعر الطائرة التي تطير مسافة 20 مترا نحو 400 جنيه، بينما يبلغ سعر الطائرة الأكبر التي تطير إلى مدى 50 مترا والشبيهة بالكاميرا الدرون 1200 جنيه.

وتوصلت معدة التحقيق إلى بعض مواقع البيع أون لاين التي تسمح ببيع هذه الطائرات بأسعار تصل إلى 30 ألف جنيه داخل مصر.

أماكن بيعها عالميًّا
حاولت معدة التحقيق التواصل مع شركة (DJI)عن طريق البريد الإلكتروني للحصول على رد بشأن هذه الكاميرات الطائرة، لكنها لم تتلق ردا حتى كتابة هذه السطور، مع الأخذ في الاعتبار أن شركة (DJI) تعتبر واحدة من أكبر الشركات العالمية التي تبيع هذه الطائرة عبر الإنترنت.

مصر تنضم لـ”نادي منع الطائرات”
وكان مجلس النواب قد وافق في 19 ديسمبر 2017 على مشروع قانون جديد بشأن تنظيم استخدام الطائرات المحركة آليًّا أو لاسلكيًّا وتداولها والاتجار فيها.

وتنص المادة الثانية من القانون على “حظر على وحدات الجهاز الإدارى للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والشركات وغيرها من جهات ذات الشخصية الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأشخاص الطبيعيين، استيراد أو تصنيع أو تداول أو حيازة أو الاتجار أو استخدام الطائرات المٌحركة آليًّا أو لاسلكيًّا، إلا بعد الحصول على تصريح بذلك من الجهة المختصة - وزارة الدفاع - وذلك وفقًا للأحوال والشروط والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون مع مراعاة أحكام قانون الطيران المدنى الصادر بالقانون رقم 28 لسنة 1981”.

كما نصت المادة الثالثة على “معاقبة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز الـ7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز الـ50 ألف جنيه لمن يخالف إجراءات التصريح، وقد تصل العقوبة لتكون بالسجن المؤبد إذا ارتكبت أيا من الأفعال المُحرمة في الفقرة السابقة لغرض إرهابي، وتكون العقوبة الإعدام إذا نشأ عن الفعل وفاة شخص، وفى جميع الأحوال تحكم المحكمة بمصادرة الآلات والأدوات المستخدمة في الجريمة لصالح القوات المسلحة”.

طائرة سينمائية
تستخدم هذه الطائرة لأغراض فنية سينمائية، حيث استخدمتها قنوات dmc في التغطية الإعلامية لمهرجان “القاهرة السينمائي” الدورة الـ39، حيث كانت هذه القنوات راعيا رسميا للحفل، قد استخدمت (dmc) هذه الكاميرات لتوثيق الحفل بعد الحصول على تصريح أمني من الجهات المختصة.

وفى سبتمبر من العام 2016 استخدمت الشركة الراعية لمباراة كأس السوبر الإماراتي، حيث تقام مباراة الأهلي دبي والجزيرة في فعاليات السوبر الإماراتى في مصر، الكاميرات الطائرة لتغطية المباراة وتصوير الأجواء الخارجية للملعب.

ورغم الانتقادات التي طالت مصر بزعم منع لعب الأطفال، فإن القاهرة ليست الدولة الوحيدة التي تمنع هذه الكاميرات، فقد منعت السويد استخدام هذه الكاميرات.

كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلى منع استخدام هذه “الكاميرا الطائرة” في الضفة الغربية المحتلة، كما تمنع الأردن والسعودية والعراق استخدام هذه الكاميرات دون الحصول على موافقات أمنية من الجهات المسئولة هناك.

طائرة بقدرات خاصة
سماء عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض لم تسلم هي الأخرى من الطائرات اللاسلكية “طائرات الدروان”، فقد حلقت الطائرة فوق حى الخزامى ونشرت الذعر بالحى من احتمالية وقوع هجوم إرهابي في 21 أبريل الماضي.

من جهته، قال الدكتور أيمن قاسم، رئيس قسم الطيران بكلية الهندسة جامعة القاهرة: الطائرة التي أثارت الذعر بالسعودية تسمى كواد وتشبه في شكلها علامة إكس، وهي شبيهة في طريقة عملها بالطائرة الهليكوبتر، كما أن هذه الطائرة لا تحتاج إلى ممر أو مطار لتقلع منه، ويمكن تركيب أي نوع من الكاميرات عليها، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الطائرة بدأت كلعبة.

وأوضح «قاسم» أن هذه النوعية من الطائرات يمكن تثبيتها للطيران فوق أي مكان، كما تحافظ على توازنها خلال التصوير بزاوية معينة، على عكس الطائرات العادية التي لا تتوقف أثناء طيرانها، لكن كواد يمكن أن تقف مثبتة في الهواء تلتقط صورا حية وتتميز بجهاز تحكم عن بعد للتحكم في زوايا التصوير وسرعة الطيران، والطائرة يمكنها إرسال واستقبال إشارات عبر الإنترنت، كما يمكن استخدام أي نوع من العدسات الدقيقة للكاميرا المثبتة عليها.

من جهته قال أسامة هيكل، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار بالبرلمان: مدينة الإنتاج الإعلامي تستخدم هذه الطائرات لكن بعد الحصول على الموافقات الأمنية، وهذه الطائرات تستخدم لتصوير بعض الأعمال الفنية بزوايا محددة، ويلتزم القائمون على العمل الفني بكافة ضوابط الاستخدام التي تحددها الجهات الأمنية سواء كان التصوير داخل المدنية أو في الشارع المصري.

وحول الموقف القانوني من الطائرات تلك، قالت الدكتورة فوزية عبد الستار، عميد كلية حقوق جامعة القاهرة سابقا: استخراج تصريح التصوير يكون بمعرفة وإذن الجهات الأمنية والإعلامية، وهي التي تحدد من يستحق الحصول على تصريح للتصوير، مضيفة أن التصوير في الشارع يحتاج إلى موافقة من الشخص الذي يتم تصويره وأخذ إذنه.

مصلحة الجمارك، لعبت دورًا كبيرًا في إحباط عدد كبير من عمليات تهريب الطائرات الممنوعة تلك إلى الداخل المصري، وعن هذه الضبطيات قال أحمد شحاتة، مدير المكتب الفنى لرئيس مصلحة الجمارك بوزارة المالية: المصلحة تعاقدت على 100 جهاز أشعة سينية أو أشعة X-Ray للكشف عن هذه الطائرات المحظورة، كما أن 40% من المطارات المصرية بها أجهزة متقدمة لكشف التهريب، موضحا أن هناك نسبا متفاوتة للتهريب وهى أقل من 5% ونتصدى لها.

“شحاتة” أكد أن أحد أسباب وجود هذه الطائرات هو حالة الانفلات الأمني بعد ثورة 25 يناير، وكانت عمليات التهريب تحدث في وضح النهار وتحت تهديد السلاح.

جهاز حماية المستهلك
بدورها.. تواصلت معدة التحقيق مع سعاد الديب، رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك، التي نفت معرفتها بوجود تطبيقات إلكترونية أو محال تبيع مثل هذه الطائرات، ونفت تلقى الجهاز أي شكوى بخصوص هذه الطائرات، مضيفة أن هذه الطائرات خطر على الأمن القومي.

وأمام هذه المعلومات، تقدمت معدة التحقيق بشكوى رسمية في الجهاز ضد أحد التطبيقات الإلكترونية المصرية التي تبيع هذه الطائرات، في جهاز حماية المستهلك برقم إيصال الشكوى 2064624.

الأجهزة الأمنية
وحول التعامل الأمني مع الطائرات غير المشروعة، قال اللواء فؤاد علام، عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة، مدير أمن بورسعيد الأسبق: القانون المصري يمنع استخدام الطائرات نظرا لخطورتها إلا أن ضعاف النفوس يبيعونها ضمن لعب الأطفال، مع الأخذ في الاعتبار أنه تصعب مواجهة هذه الطائرات، خاصة أن بعضها حجمه صغير جدا ويسهل تهريبه، وتكون على شكل قلم والساعة وغيرها، وتستخدم لأغراض تصوير تجسسية، وبعض التنظيمات الإرهابية تستخدمها لتنفيذ مخططات إرهابية تضر بمصر.

“علام” في سياق حديثه كشف أن جماعة الإخوان المحظورة والإرهابية استخدمت الكاميرات الطائرة اللاسلكية خلال فترة الاعتصام المسلح برابعة العدوية والنهضة للتأكد من عدم دخول أي شخص غريب إلى الاعتصام، وكانت ترسل الصور ومقاطع الفيديو إلى القنوات المعادية لمصر لنشر صورة مغلوطة وكاذبة عن مصر والاعتصام.

في السياق قال اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق: هذه الطائرات ممنوعة من دخول مصر لإمكانية استخدامها في العمليات الإرهابية، ويعاقب القانون المصرى كل شخص يستخدمها أو يبيعها أو يمتلكها بدون تصريح أمني بالحبس والغرامة، وهذه الطائرات تدخل إلى مصر بريا عن طريق الحدود المصرية السودانية والليبية، والتي تمتد مسافة أكثر 1800 كيلو متر.

من جانبه قال اللواء أركان حرب حمدى بخيت، الخبير العسكري والإستراتيجي، عضو لجنة الدفاع بمجلس النواب: الطائرات اللاسلكية ممنوعة نظرا لخطورتها على الأمن القومى وتدخل إلى مصر وسط لعب الأطفال، ويمكن استخدمها لتصوير أهداف واستخدام هذه الصور لاستهداف مواقع مدنية أو عسكرية كما أن هذه الطائرات يمكنها متابعة الأهداف، موضحا أن الطائرات الورقية لا تعتبر ضمن هذه الفئة.

وأوضح أن “هذه الطائرات تستخدم في الاستطلاع القذفى والحروب الإلكترونية، والإخوان استخدموا طائرات بسيطة لتأمين اعتصامهم المزعوم”، رافضًا استخدام هذه الطائرات في الأعمال الفنية.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية