رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

3 ملاحظات على قانون الصحافة


كل المعارك التي خاضتها الجماعة الصحفية على مدار 75 عاما من عمر النقابة كانت تهدف إلى الدفاع عن الحريات الصحفية وإلى إلغاء الحبس في قضايا النشر، وعدم تفتيش مسكن الصحفى أو مكتبه، ليس من قبيل تمييز أنفسنا لا سمح الله أو أن على رأسنا ريشة دون باقى البشر، ولكن لإيماننا بأن الصحافة ليست جريمة، وأن الصحفى يحاكم مثل أي مواطن إذا ارتكب جريمة جنائية.


غير أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذي سيقره البرلمان خلال ساعات نَصَ للأسف في الفصل الثالث باب واجبات الصحفيين مادة 39 -للأسف- على أنه "لا يجوز الحبس في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية ومنها الحبس الاحتياطى، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد".

لقد تمخضت معركة الصحفيين ضد قانون اغتيال حرية الصحافة السالب للحريات رقم 93 عن صدور القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، وكان ينص في المادة 41 على عدم جواز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي تقع بواسطة الصحف إلا في الجريمة المنصوص عليها في المادة 179 من قانون العقوبات وهى إهانة رئيس الجمهورية.

نحن إذن بصدد توسيع دائرة أسباب الحبس الاحتياطي للصحفيين من تهمة واحدة في القانون القديم إلى ثلاث تهم في "الجديد" أخطرها العبارة الثالثة المطاطة وهى الطعن في عرض الأفراد.

وللأسف أباح القانون الجديد الذي سيقره البرلمان تفتيش مسكن الصحفى أو الإعلامي بسبب جريمة من الجرائم التي تقع بواسطة الصحف بواسطة عضو نيابة عامة رغم أن من حقه عدم إفشاء سر المعلومات والوثائق التي يحصل عليها أو كشف مصدره.

لا يمكن إنكار أن المواد المضيئة في القانون كثيرة بعضها جاء استجابة لمطالب الجماعة الصحفية وعالجت الترهل الإدارى والمؤسسى وصححت أوجه خلل كثيرة قائمة، وواكبت مستجدات تمثل الفارق الزمنى بين القانونين القديم والجديد "22 سنة"، وتداركت تداعيات إغلاق الصحف وتشريد صحفييها، والاعتراف بالمواقع الإلكترونية وإدخال محرريها النقابة، وتقنين أوضاع شباب الصحفيين تحت التمرين ومنحهم مشروعية وإلزام المؤسسات التي يتدربون فيها بتعيينهم قبل مرور عامين، ووضع ضوابط لاختيار رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ورؤساء التحرير وخلق آلية ديمقراطية تعالج توحشهم وتوغلهم في السلطة، وعدم جواز فصل الصحفى وغيرها الكثير.

لكن أغرب مواد القانون هي المادة 19 من الفصل الثالث باب واجبات الصحفيين التي ساوت في العقوبة بين الموقع الإلكترونى العام والموقع الإلكترونى الشخصى والمدونة الإلكترونية الشخصية والحساب الإلكترونى الشخصى الذي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف أو أكثر، وهو مايعنى أن رئيس المجلس الوطنى للإعلام من حقه إغلاق صفحة أي شخص على صفحات التواصل الإجتماعى أو مدونته الإلكترونية مالم يلتزم بالضوابط المنصوص عليها بالقانون، أتفهم أن يكون لرئيس المجلس الوطنى للإعلام حق إغلاق المواقع الإلكترونية باعتبارها أصبحت معترفا بها مثل الصحيفة الورقية، ولكن ما علاقته بالصفحات الخاصة للأشخاص؟

استوقفنى أيضا المبلغ المتدنى الذي تم تحديده لإصدار الموقع الإلكترونى "100 ألف جنيه" والمبلغ الخيالى لتأسيس صحيفة يومية " 6 ملايين جنيه"، هذه الأرقام باختصار ستجعل من الصعب بل من المستحيل إصدار صحف ورقية جديدة في مصر وستفتح الباب أمام كل من "هب ودب" لإطلاق موقع الكترونى.

كنت أحتفظ بديباجة مشروع القانون الأصلية وكانت تنص في باب شروط التأسيس على أن تتخذ الصحف التي تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة شكل تعاونيات أو شركات مساهمة، ولا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن ثلاثة ملايين جنيه إذا كانت الصحيفة يومية، ومليون جنيه إذا كانت أسبوعية، و500 ألف جنيه إذا كانت شهرية، و500 ألف جنيه للصحيفة الإلكترونية، و500 ألف جنيه للصحيفة الإقليمية اليومية و200 ألف جنيه للأسبوعية و100 ألف جنيه للشهرية.

هذه الديباجة السابقة التي كانت مقبولة ومنطقية تغيرت وتبدلت، فأصبح يشترط في تأسيس الصحف الخاصة إيداع مبلغ ستة ملايين جنيه إذا كانت الصحيفة يومية، ومليونى جنيه إذا كانت أسبوعية، ومليون جنيه إذا كانت شهرية أو إقليمية يومية، وأربعمائة ألف جنيه إذا كانت إقليمية أسبوعية، ومائتى ألف جنيه إذا كانت إقليمية شهرية، وفى حالة الصحف الإلكترونية يكون رأسمالها مائة ألف جنيه، على أن يودع نصف هذه المبالغ أحد البنوك المرخص لها في مصر قبل بدء إجراءات تأسيس الصحيفة ولمدة سنة، للإنفاق على أعمالها ولسداد حقوق العاملين فيها في حال توقفها عن الصدور، وفي هذه الحالة تكون الأولوية لسداد حقوق العاملين عن غيرها.

بقى أن أقول إن القانون "استوى على نار هادئة" وأخذ حقه في المناقشات والاستماع إلى وجهات نظر كل الأطراف المعنية وهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة ونقابة الصحفيين، لكن العبرة بالنهايات، والنهاية هي أن القانون صدر بـ"هوى" لجنة الإعلام والثقافة والآثار ومكتبى لجنتى الشئون الدستورية والتشريعية والخطة والموازنة بالبرلمان، وفى نفس التوقيت الذي غاب فيه الحراك عن الجماعة الصحفية وأصابها التكلس.

فهل يستجيب البرلمان في اللحظة الأخيرة لمطالبنا ويلغى نهائيا الحبس في قضايا النشر ويمنع تفتيش مسكن ومكتب الصحفى، نتمنى.

Advertisements
الجريدة الرسمية