رئيس التحرير
عصام كامل

مذبحة الإعلام بسكين الخبراء


لا تخلو مناقشة قضية أو أزمة إلا وذكر فيها الإعلام، إما مشكو في حقه لتورطه في الترويج للرذيلة أو ملام على عدم أداء دوره المفترض عليه أو متهم بالبحث عن الإثارة.. وتصاعدت في الآونة الأخيرة الانتقادات ضد الإعلام بمختلف وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية.. تحول تحليل مختلف القضايا إلى شيطنة للإعلام فبات كما لو كان "شيطانا رجيما" و"ذنبا غير مغفور" و"كارثة تهدد مجتمعا آمنا مطمئنا تكتنفه الفضيلة ويظلله القانون والعدل ويفترش أهله قيم الأخلاق والحق"..


وللأسف الشديد يتورط في ذلك شخصيات عامة وأسماء على رءوس كبرى مؤسسات الدولة وبات الجميع في الانتقادات الموجهة للإعلام مأمومين يؤمنون على دعاء إمامهم..

إن الهجوم الأعمى على الإعلام وأهله تناسى الحقائق الواقعية والعلمية التالية: إن الإعلام لا يعيش في فراغ ولا يخلق شيئا من العدم فهو كراصد لما يحدث في المجتمع كـ"إناء ينضح بما فيه" وبالتالي هو مرآة عاكسة للمجتمع.

كما أن ممارسة الإعلام في دولة نامية ليست مطلقة السراح في تناول ما تشاء في أي وقت تشاء في ظل مطالبات متزايدة بالحرية، وضمان وضع تشريعي يحمي الصحفي والإعلام من الحبس المذل والغرامة قاصمة الظهر للمؤسسات الإعلامية ذاتها قبل العاملين فيها.

إن تعامل صانع القرار مع الإعلام باعتباره "مطيَّة" كارثة سياسية وأخلاقية فادحة، لأنه من ناحية تدمير لإحدى الطرق المتاحة لصانع القرار لـ"جث نبض الشارع والجمهور إزاء ما يصدره"، ومن ناحية أخرى "ترصد متطلبات الرأي العام وتوجهه" ليستنير صانع القرار قبل إصدار ما يريد من قرارات..

إن الرأي المعارض في بلد ديمقراطي متمدين لهو بمثابة كشاف الإضاءة لسيارة ظن سائقها ومُستقلوها خطئا أنهم يسيرون بسرعة نحو هدفهم في ظلام اعتبروه مع طغيان الشعور بالقوة نورا ومسعى نبيلا لخدمة الوطن، دون دراية منهم أنهم في خطر حقيقي.

إن رأيي هذا ليس معناه أن الإعلام رأس الفضيلة وأنه معصوم من الخطأ.. فمن العدل الاعتراف أن لدينا ممارسات لا علاقة لها بالإعلام.. نراها على الشاشات من أسماء علاقة أصحابها بالإعلام والصحافة كعلاقة كاتب هذه السطور بعلوم الفضاء.. لكن هذا ليس معناه تعميم السب والقذف بحق الإعلاميين، وكأنهم سبب كل كوارثنا فالإعلام قادر على تطهير نفسه، كما أن الأخطاء المشار إليها تتطلب تفعيل الحاجة إلى الإصلاح من قبل شيوخ المهنة بدلا من الهجوم الأعمى دون وعي.
الجريدة الرسمية