رئيس التحرير
عصام كامل

شكرا أيها المطر!


انزعج الجميع بشدة من مشاهد المياه وهي تأخذ في طريقها السيارات والمنازل والشوارع بمنطقة التجمع الخامس جراء الأمطار والسيول التي وقعت الأسبوع الماضي، ولم تتوقف التعليقات على صور المياه وهي تغطي "الجراجات" عن أخرها وبعض المولات التجارية الحكومة..


من جانبها اعتذرت عما حدث على لسان رئيس الوزراء، وأن ما حدث لن يتكرر، وأن كمية المياه التي سقطت كانت أكبر من تستوعبها شبكات الصرف الصحي من الأساس، أي إن الخسائر في المنازل والشوارع والسيارات كانت ستحدث مهما حدث ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فلا بد أن يتحمل أحد مسئولية التقصير، حيث تمت إحالة مسئولي جهاز القاهرة الجديدة إلى النائب العام وإحالتهم إلى المحاكمة.

واقعة غرق منطقة التجمع الخامس هي التي تحكم فكر الحكومة في جميع المواقع والهيئات الحكومية صباحا ومساء فكل شيء تمام حتى يحدث العكس وأن الأمور على ما يرام حتى تحدث المفاجأة بعدها يتم تبادل الاتهامات بين الجهات المسئولة.

قبل فترة قصيرة قام المهندس مصطفى مدبولي بأكثر من زيارة إلى منطقة القاهرة الجديدة، وتحدث عن اهتمام الدولة بالتنمية في المدن الجديدة، وأنها أنفقت المليارات على البنية الأساسية، وأن الدولة تتحرك من خلال خطة موضوعة وليس بعشوائية، وأنها تستهدف زيادة الاستثمارات خلال الفترة المقبلة في المدن الجديدة، وأن هذا لن يحدث سوى من خلال شبكة صرف صحي قوية وبنية تحتية..

ومع أول موجة أمطار غرقت المدينة التي أنفقت عليها الحكومة المليارات عن أخرها، واتضح بعدها أنه لا توجد شبكة قوية أو ضعيفة للصرف الصحى، وأن الشوارع والأنفاق يعلوها الأسفلت دون وجود شبكة للصرف الصحي أو بلاعات، وأن الأمور كلها تدور" بالبركة"، ولو وقعت الأمطار بكثافة في أي مدينة أخرى كان الأمر نفسه سيتكرر بالسيناريو نفسه، فالمدن الأخرى ليست أفضل حالا من القاهرة الجديدة..

الغريب في الأمر أن الوزير نفسه الذي تحدث عن قوة استثمارات الدولة في البنية الأساسية هو نفسه الذي تحدث عن وجود مشكلات في منظومة الصرف الصحي، علينا أن نعترف بأخطائنا، وأن نصارح أنفسنا بالمشكلة، ولا ننكر الواقعة ولا نكابر في معالجة الأخطاء، فإحالة عدد من موظفي جهاز القاهرة الجديدة لن يحل أزمة غياب منظومة الصرف الصحي في القاهرة الكبرى، فمع أول انسداد في شرايين البلاعات تتحول الشوارع إلى جحيم..

نتمنى أن تكون واقعة غرق منطقة التجمع بداية الاعتراف بالخطأ في معالجة المشكلات وتوقف ثقافة كله تمام ياريس، حتى تأتي الأمطار وتتكشف الحقيقة.
الجريدة الرسمية