رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية ترقية وزير العدل.. رئيسا لمجلس الدولة


كان ومازال مجلس الدولة منذ التحم عام 1946 بنسيج السلطة القضائية عند حسن الظن به، فقد قدم الدليل القاطع والبرهان الساطع على أنه أقوى من الظلم وأشد من البطش وأعتى من الطغيان، حيث لم تفرق لغة أحكامه منذ بداية عهده إلى الآن بين المالك والمملوك أو الأبيض والأسود أو الغني والفقير أو القوى والضعيف، ولم يمالئ المواطن على حساب الدولة ولم يجامل الدولة على حساب المواطن.


ونعلم جميعًا مرور التنظيم القضائي في مصر بمرحلتين بدأت بمرحلة القضاء الموحد ثم مرحلة القضاء المزدوج، وحتى 17 أغسطس 1946 تاريخ صدور القانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة لم تكن تعرف مصر نظام القضاء المزدوج أو القضاء الإداري المستقل بل كانت تأخذ بنظام القضاء المزدوج، حيث كان القضاء العادي يتكون من المحاكم المختلطة التي أنشئت عام 1875 والمحاكم الأهلية التي بدأت عام 1883.

كانت المحاكم المختلطة تتولى الفصل في المنازعات بين المصريين والأجانب أو بين الأجانب مختلفي الجنسية أو بين الأجانب مختلفي الجنسية أو بين الأجانب والإدارة المصرية.

أما المحاكم الأهلية كانت تقوم بالفصل في المنازعات التي تقع بين الأفراد المصريين أو بينهم وبين الإدارة المصرية، ثم ألغيت المحاكم المختلطة عند إلغاء الامتيازات الأجنبية عام 1937 التي صفيت أعمالها في 15 أكتوبر عام 1949، حتى أصبحت المحاكم الوطنية هي صاحبة الولاية العامة بالنسبة للمواطنين والأجانب فيما يتعلق بالمنازعات الخاصة والإدارية على السواء.

ورغبة مصر من عهد بعيد في الأخذ بنظام مجلس الدولة تم تقديم المشروع مع مذكرته الإيضاحية عام 1945 لمجلس النواب الذي قرر إحالته إلى لجنة الشئون التشريعية لنظره على وجه الاستعجال، فرأت الحكومة من جانبها حينذاك أن تستوفي هذا الموضوع دراسة، حيث أثمرت هذه الدراسة عن صدور القانون رقم 112 لسنة 1946 في 17 أغسطس 1946.

ولم يكتف المستشار الدكتور كامل باشا مرسي "الرئيس الأول لمجلس الدولة" الذي عين وزيرًا للعدل بتاريخ 17 فبراير 1946 بدوره في إعداد مشروع قانون مجلس الدولة، وتحديد اختصاصاته وتوعية الرأي العام بدوره في حياتهم ــ وإنما كان مدافعًا بارعًا وسدًا منيعًا في مواجهة محاولة إرجائه مهددًا بتقديم استقالته، وأصر على ذلك إذا أرجئ مشروع القانون قبل فض دورة المجلس النيابي.

كان يوم الثاني عشر من شهر سبتمبر سنة 1946 يومًا مجيدًا في حياة المستشار الدكتور كامل مرسي، وهو اليوم الذي عين فيه رئيسًا لمجلس الدولة، حيث علق إسماعيل باشا صدقي، رئيس الوزراء في هذا التوقيت على التعديل الوزاري بمناسبة خروجه من وزارة العدل بقوله: "أما كامل باشا مرسي فقد رقي إلى وظيفة أعلى وأسمى" وهي رئيس مجلس الدولة.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية