رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الله غيث «موهبة إلهية».. علوان أبو البكري وعباس الضو أشهر أعمال ملك المسرح.. اختاره يوسف وهبي خليفة له.. بكت عليه جيهان السادات.. ومات أثناء تصوير ذئاب الجبل

فيتو

الموهبة هي العطية، والموهوب هو من أعطاه الله شيئا تميز به عن الآخرين، وتبرز تلك العطية في الفنان العبقري عبد الله غيث، فملامح وجهه الحادة، ونبرات صوته المميزة، وعيناه شديدتا التعبير، جعلته ملك الأداء المسرحي بلا منازع.


كل الصفات السابقة عجنها عبد الله غيث داخل بوتقة التدريب المستمر، مضيفا لها تواضعا جما، ليصبح علامة مميزة في فن التمثيل، وإن كان لم يلقى التقدير المناسب من جمهور السينما الذي دفع أنصاف الموهوبين في حقبة أفلام المقاولات إلى صفوف «نجوم الشباك».

علوان أبو البكري
«سلام سلم يا سلام سلم، علوان في الغدر بقى معلم، قتل موجة وخنق ياسين خلى البدري يتألم».. بتلك الكلمات اشتهر الدور الأبرز للفنان عبد الله غيث في مسلسل ذئاب الجبل، علوان أبو البكري، الذي لم يمنحه القدر فرصة استكماله وتوفى قبل انتهاء دوره فيه، حيث غنى المغني الشعبي رشاد عبد العال رائعة من روائع فن الكف نظرًا لتميز دوره وتأثيره على المشاهدين.

ولا يقل ذلك عن دوره بمسلسل المال والبنون، والذي اشتهر بدور عباس الضو خاصة بعد أن ردد الممثل أحمد عبد العزيز جملة "عباس الضو بيقول لأ"، عدة مرات في مشهد تجسد خلاله كافة أنواع الفن من ملامح وتأثيرات وصوت امتدت حتى وقتنا الحالي، بخلاف أدواره المميزة مثل حمزة بن عبد المطلب، أدهم الفيومي، وأدهم الشرقاوي.

ولد عبد الله غيث في 28 يناير 1930، في محافظة الشرقية لأب من عين أعيانها، وكان أصغر إخوته، وعرف عنه هروبه الدائم من المدرسة للذهاب إلى المسرح والسينما وخلافه لمشاهدة ما يعرض، وحصل على الإعدادية وتوقف عن التعليم وعمل بالزراعة لمدة 10 سنوات، ثم غادر بلدته ليتجه إلى القاهرة ويلتحق بمعهد الفنون المسرحية بمساعدة أخيه حمدي غيث بعد عمله كأستاذ بالمعهد بعد دراسته الفن بباريس.

التحق عبد الله غيث بالمسرح القومي وهو لا يزال طالبًا في المعهد ولم يصادف أي مشكلة في دخوله عالم الفن، حصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1955، كما رشحه عميد المسرح «يوسف بك وهبي» ليخلفه على خشبة المسرح، وبكت عليه السيدة جيهان السادات عندما مات في "الوزير العاشق".

يرفض التنازلات
كما رفض التنازلات الفنية ليظل أحد أبرز نجوم المسرح العربي طوال خمسين عامًا، وكانت بدايات غيث السينمائية عم 1962 بمشاركته في فيلم «لا وقت للحب»، وشارك عام 63 في فيلم «رابعة العدوية»، وفي 1964 «ثمن الحرية»، و«أدهم الشرقاوي»، وبدأ عمله بالمسرح القومي بأعمال مترجمة وأهمها "وراء الأفق - حبيبتي شامينا - الخال فانيا - دنشواي الحمراء - كفاح شعب - مأساة جميلة - تحت الرماد – الدخان – الكراسي - الوزير العاشق - مرتفعات وذرنج - ملك القطن - آه يا غجر - والزير سالم"، ويرشح دائمًا للأدوار الصعبة فهو بطل من تراث خاص.

ولعب عبد الله غيث دور البطولة في فيلم الرسالة، النسخة العربية، ونجح في تجسيد دور حمزة بن عبد المطلب، وأعجب به الممثل العالمي "أنتوني كوين، قائلًا "لو كان يعرف الإنجليزية لتفوق على".

ونال عبد الله غيث، لقب النجم الأول للمسرح على مستوى الوطن العربي، بعد نجاحه في المسرحيات الشعرية، والذي أدى أدواره بها عن اقتناع بعد أن كان يحلم بأن يكون فنانًا أو فلاحًا، لحبه الشديد للريف واشتهر بارتدائه الجلباب والجلوس على «المصطبة» بعيدًا عن أي مظاهر خداعة، مرتين أسبوعيًا، وتم اختياره عمدة لقريته، ولكن نظرًا لانشغاله بالفن تنازل عنها لابن عمه.

عرف عن الفنان الراحل رفضه لتقديم أي تنازلات مهما كان الثمن، وكان دقيقًا في اختيار ما يناسبه فنيًا، وعرف عنه أنه يمثل كهاوي، دون وجود أي منافس للأدوار التي يختارها.

رحل عبد الله غيث عن محبيه بعد اكتشاف إصابته بسرطان الرئة في مراحله المتأخرة في 13 مارس 1993، وفقد الفن المصري شخصية من أمتع من قدمت أدورًا تعايشت معها أجيال عديدة حتى الآن.
الجريدة الرسمية