رئيس التحرير
عصام كامل

محمد عبد العاطي.. «الروتيني»

فيتو
18 حجم الخط

لم تكن تجربة الدكتور حسام مغازي، وزير الرى السابق، وأول وزير من خارج منظومة «الموظفين»، ناجحة؛ لذلك عادت حكومة شريف إسماعيل في مارس 2016 لتقلب أوراقها القديمة، وتأتى بموظف كبير ليتولى الوزارة، ولم يكن هناك أنسب من الدكتور محمد عبد العاطي.


جاء الرجل صامتًا رغم اطلاعه على كافة الملفات الحيوية فيما يخص المياه، فهو رئيس قطاع مياه النيل قبل توليه الوزارة، شارك في الوفد الثلاثى لمفاوضات سد النهضة، والأهم أنه «موظف» يدرك مخارج ومداخل الوزارة وآلية العمل بداخلها، ولم يكن لقب «موظف» مجرد كلمة، بل هي منهج الرجل الذي بقى في منصبه لمدة تقترب من العامين حتى الآن.

ممنوع الحديث عن سد النهضة، أول قرارات «عبد العاطي» منذ تعيينه، وبحسب مصادر في مكتبه، فإن الوزير الجديد أدرك أن أحد أسباب إقالة حسام مغازى هو إسرافه في التصريحات حول سد النهضة، وبدلًا من أن يكون البديل سياسة متوازنة كان اختيار «عبد العاطي» هو السكوت تمامًا والأداء بشكل روتينى ووظيفى جدا، فمنع أي تصريح عن السد، وأصبحت وسائل الإعلام الإثيوبية والسودانية هي المصدر الأساسى للأخبار، وتزامنت تلك السياسة مع تولى وزارة الخارجية ملف سد النهضة بشكل أقوى من ذى قبل، فأصبحت الجهة التي تعلن عن أي خطوة هي وزارة الخارجية.

السكوت الإعلامي لم يكن يخفى وراءه إنجازًا، بل إن خبراء المياه يرون أن «عبدالعاطي» جزء من الأزمة، بارتكابه بعض المشكلات لعل أبرزها زيارته لموقع سد النهضة، والتصريح بأنه سد للتنمية وأنه لا تخزين للمياه، ذلك التصريح استغلته إثيوبيا في المحافل الدولية كأكبر دليل على حسن نيتها.. وبمجرد أن حصلت على ما أرادت عادت للمماطلة في المفاوضات حتى تعثرت نهائيًا، الغريب أن خبراء المياه حذروا وزير الرى من الإقدام على تلك الخطوة، ووصفوها له بأنها «فخ إثيوبي»!

“حملة إنقاذ النيل مستمرة، ولا هوادة مع المعتدين”، تصريح أطلقه محمد عبد العاطى بمجرد جلوسه على كرسى الوزارة، ليكمل بذلك مسيرة خلفه في الحملة التي استهدفت إزالة كل التعديات على النهر، والتي بلغت، وفق الأرقام الرسمية، 50 ألف حالة.

إخفاق الوزير الجديد في تلك الحملة كشفته الأرقام الرسمية نفسها؛ ففى الوقت الذي وصل عدد التعديات التي أزالتها وزارة الرى 20 ألف حالة خلال عامين، ظهرت تعديات جديدة وصل عددها ثلاثة آلاف، ما دفع الخبير المائى نادر نور الدين إلى وصف سياسات الوزير بأنها أشبه بمن يحرث في الماء.

في تبريرها لندرة المياه التي ضربت أراضى المحروسة يوليو الماضي، كشفت وزارة الرى في تقرير رسمى لها أن هذا يعود إلى التوسع في زراعة الأرز التي بلغت مساحتها مليون فدان، مقارنة بــ600 ألف في الوقت نفسه من العام الماضي، لتؤكد الوزارة، بحسب الدكتور ضياء القوصى خبير المياه الدولي، فشل منظومة تحديد زراعة الأرز التي وضعتها لتحديد مساحات لهذا المحصول الشره للمياه.

«حفر الآبار في مشروع الـ1.5 مليون فدان»، ربما كان أحد الملفات التي استطاع الدكتور حسام مغازى إنجاز شيء فيها؛ فبحسب بيانات الوزارة فإن ما تم إنجازه من آبار حتى فبراير 2016 هو حفر 400 بئر، أما في عهد «عبدالعاطي» فالأمر لم يختلف كثيرًا فبشكل مفاجئ توقفت وزارة الرى عن إصدار بيانات عن آخر تطورات المشروع.

لا يتعلق الأمر فقط بالملفات السياسية، فداخل أروقة الوزارة نفسها، وكما يؤكد الموظفون فإن الوزير «لا يهش ولا ينش»، ولم يجرِ تغييرات كبيرة في إدارة العمل أو في القطاعات، وكافة التنقلات تكون روتينية وفى موعدها، بجانب ذلك فإنه يقوم بجولاته منفردًا، بعيدًا عن مندوبى وسائل الإعلام والصحف، على النقيض من أسلافه.
الجريدة الرسمية