رئيس التحرير
عصام كامل

رُسل العَلْمَانيّة.. «1»


لندخلْ في الموضوعِ مباشرةً دونَ مُقدماتٍ طويلةٍ ونسألُ: لماذا يكرهُ معظمُ المصريين العلمانيةَ، ويلفظونَ كلَّ منْ ينسبُ نفسَهُ إليها؟ والإجابةُ -باختصارٍ أيضًا- تكمنُ في أنبياءِ العلمانيّةِ ورُسُلها الذينَ يمتلكونَ "خطابًا مُنفّرًا"، يفوقُ في قُبحِهِ خطابَ المتأسلمينَ المتشددين، كلاهُما وجهٌ لعُملةٍ واحدةٍ.. رُسُلُ العلمانيّةِ في مِصرَ، إمّا يفهمونَها خطأً، أوْ يتّخذونَها "مطيّةً" للطعنِ في الإسلامِ ورميْهِ بكلِّ النقائصِ.


العلمانيونَ المصريونَ، أوْ من ينسبونَ أنفسَهم ظُلمًا للعلمانيَةِ، السابقونَ منهم والمعاصرونَ، يتخذونَ الإسلامَ عدوًَّا لهم، حتى وإن تماكروا وتحايلوا، يخوضونَ معَ الخائضينَ، دونَ علمٍ رصينٍ، أوْ عقيدةٍ مُخلصةٍ، يهتفونَ لأىِّ انحرافٍ أخلاقىٍّ، ويُصفّقونَ لكلِّ سلوكٍ مُعوجٍّ، يُروجونَ لاستئناسِ الرذيلةِ وزرعِ قيمٍ مُنحلّةٍ وضربِ العقيدةِ في العُمقِ، رأيناهم يتصدرّونَ مواكبَ المؤيدينَ لـ"مظاهرةِ المثليينَ" وظاهرةِ "سنجل ماذر" وجميعِ العلاقاتِ المُحرّمةِ دينًا وعُرفًا.

رُسُلُ العلمانيّةِ الجُددُ يخوضونَ في كتابِ اللهِ بغيرِ علمٍ، ويسخرونَ منْ السُنَةِ ومنْ الصّحابةِ، ويُجهدونَ أنفسَهم في تشكيكِ العوامِّ وضعافِ العقيدةِ في دينِهم، يستهزئون بالثوابتِ ويُحرّضونَ على هدمِها، يتطلعونَ إلى مجتمعٍ مُنحرفٍ أخلاقيًا، لا احترامَ فيهِ لأىِّ شيء، "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ، وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ، يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ".

ولنضربْ لكمْ الأمثالَ، أحدُهم لم يتركْ دينًا إلا وخاضَ فيه، ولا نبيًّا إلا وشتَمَه، وثانيهُما كان "مثليًّا" فأعدَّ بحثًا طويلًا ادّعى فيه إن الإسلامَ لمْ يُحرّمْ الشذوذَ، وثالثتُهما عانتْ منْ طفولةٍ بائسةٍ فهدّمتْ جميعَ الأديانِ ونفتْ وجودَ خالقٍ لهذا الكونِ، ورابعُهما لا يزالُ، رغمَ سنِّه المتقدمةِ، يتقمصُ دورَ "رأسِ المنافقينَ" في عصرِ النبوّةِ.

أمّا الأشبالُ الذينَ وجدوا في العلمانيةِ "بابًا واسعًا" للشهرة، لمْ يحققوها من خلالِ أعمالِهم الأساسيّةِ، فحدّثْ عنهمْ ولا حرجَ، فذاكَ يناطحْ الأزهرَ الشريفَ ورجالاتِهِ، وتلكَ تنفى نبوةَ نبىِّ اللهِ "إبراهيم" وتسخرُ من شعيرةِ الأضحيّةِ، وهذا صبىُّ وجدَ ضالتَه في سبِّ الصحابةِ والتابعينَ..

والقائمةُ، بكلِّ أسفٍ، طويلةٌ.. والحقَّ أقولُ: إنَّ العلمانيّةَ، لو نطقتْ، لكفرتْ بأقوالِ وتخرُّصاتِ هؤلاءِ الصغار، ولتبرأتْ مِنْ كلِّ مَنْ ينالُ من أىِّ دينٍ سماوىٍّ أوْ أرضىٍّ، فمؤسسُ العلمانيّةِ نفسُه البريطانىُّ "جورج هوليوك" يقولُ: "لا تفهمواْ العلمانيةَ بأنَّها ضدَّ الدينِّ، هىَ – فقطْ- مستقلةٌ عنْه، ولا تفرضُ مبادئها وقيودَها على منْ لا يودُّ أنْ يلتزمَ بها، والعلمانيَةُ تهتمُّ بهذهِ الحياةِ، وتسعى للتطورِ والرفاهِ، وتختبر نتائجَها في هذه الحياة".. وللحديثِ بقيّةٌ بإذنِ اللهِ.
الجريدة الرسمية