رئيس التحرير
عصام كامل

تحول المناخ كارثة تنتظر الكوكب الأزرق.. الخبراء: سخونة الأرض تهدد بجفاف شرق أفريقيا.. 800 ألف طفل معرضون للموت.. الهجرات وتصاعد النزاعات بالقائمة.. والعلماء للشعوب: أنقذوا أنفسكم قبل فوات الأوان

فيتو

سخونة الأرض ليست مشكلة تطال فقط البيئة، بل هي تمس كل مجال في حياتنا اليومية بحيث إن الجواب عنها يجب أن يكون شاملا، ويفيد الخبراء بأنه لاتزال هناك فرصة لتدارك الوضع.

وتتعرض الكرة الأرضية لسخونة أكبر، وهذا ما يلمسه المزارعون الذين تضررت محاصيلهم هذا الصيف في جنوب أوروبا وآسيا والولايات المتحدة الأمريكية، كما أصبح الأمر حقيقة ملموسة لأولئك الذين خسروا بيوتهم من جراء حرائق الغابات في جنوب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وتطور الطقس إلى قوة مميتة كما أظهرت ذلك الأعاصير الأخيرة في منطقة الكاريبي وفي خليج المكسيك، وتحذر منظمات إغاثة أنه بعد فترات جفاف طويلة في أجزاء واسعة في شرق أفريقيا بات 800 ألف طفل مهددين بالموت من الجوع.

ويقول باحثون في البيئة إن ارتفاع درجات الحرارة هو المسبب لهذا الجفاف القاتل، وإن النقص في الأغذية قد يؤدي إلى هجرات ويصعد النزاعات.

وفي أكتوبر حذر معهد بوتسدام لبحوث البيئة:"إذا تزعزع المناخ، فإن ذلك سيزعزع أيضا المجتمع، وسخونة الأرض لا تتسبب فقط في خسارة اقتصادية، بل ستضر بصحتنا وتتسبب في مزيد من الهجرة وتضر بفرص النمو لدى الدول الفقيرة".

نظرية تتحول إلى حقيقة
الباحث في المناخ والاس بروكير استخدم في 1975 مفهوم "السخونة العالمية"، وأصدر نتائج بحوثه تحت عنوان "تحول مناخي: هل نقف على هامش سخونة عالمية؟".

وقال :"لم يكن حجم السخونة في تلك اللحظة معروفا، بل فقط مجموعة ضيقة من العلماء والنشطاء اهتمت بالموضوع، لكن بعد مرور أربعة عقود تبين أن سخونة الأرض مشكلة بيئية حقيقية لها انعكاسات على الصحة والمجتمع والسياسة والاقتصاد، وتحول المناخ وتأثيراته لم تعد تناقش فقط من قبل علماء، والمجتمع الدولي يريد العمل ضد هذا التطور".

وأضاف :"ابتداء من الـ 6 من نوفمبر يلتقي خلال مؤتمر المناخ العالمي في بون ممثلون حكوميون وزعماء دول من 200 بلدا تقريبا لبلورة إجراءات ملموسة لتطبيق اتفاقية باريس، والتزمت قبل سنتين جميع حكومات العالم تقريبا بتقليص الانبعاثات السامة للتخفيف من زيادة حرارة الأرض".

وأكد أنه تم الاحتفال بإصدار الاتفاقية كاختراق كبير يرمز إلى التقدم الذي أحرزه المجتمع الدولي، لكن ما زال الكثير ما يجب فعله، لأن الوعود المقدمة إلى حد الآن لا تكفي للحفاظ على انخفاض الحرارة، والمؤتمرات الكبيرة مثل COP23 لا يمكن وحدها أن توقف كارثة بيئية.

دالي جيميسون، أستاذ دراسات البيئة والفلسفة بجامعة نيويورك يحذر من تعليق آمال العالم على "ساسة كبار يلتقون وجها لوجه في بون".

ويقول جميسون بأن مؤتمر المناخ العالمي في بون ليس هو المكان الذي يحرك الأمور، معتبرا أن التحولات تحصل من خلال ممارسة ضغط ديمقراطي على هؤلاء (الساسة الكبار)، ووجب علينا في الوقت نفسه التفكير في أي عالم نريد في الحقيقة العيش.

الحكومات الإقليمية
وبعدما أعلن الرئيس دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ، عارضت ذلك بعض المدن والولايات التي وعدت بالالتزام بأهداف التقليل من انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون، بل إن حكومات محلية وإقليمية في جميع أنحاء العالم وضعت لنفسها أهدافا للتقليل من مستوى الانبعاثات السامة، والكثير منها يريد التخلي عن الفحم والنفط، وغالبا ما تكون الأهداف المحلية أكثر تقدما من تلك الحكومية.

والتزمت مؤخرا بعض المدن مثل لندن ولوس أنجليس وباريس وبرشلونة وكيب تاون بمنع محركات السيارات جزئيا أو كليا في الشوارع، ويقول بعض الخبراء إن الكفاح ضد تحول المناخ يحصل على المستوى الإقليمي، لأن "المبادرات المحلية لها فوائد كبيرة"، فكاليفورنيا مثلا وضعت لنفسها برنامجا سياسيا واعدا للانتقال في المستقبل إلى طاقات ملائمة للبيئة، وتحاول بعض البلديات التقليص من النفايات.

التحكم في المستقبل
وفي الوقت الذي يقوم فيه بعض الأشخاص بتجارب راديكالية، يصعب على آخرين التوفيق بين العمل اليومي وتحول المناخ، ويعتبر بعض الخبراء أن هناك حاجة إلى تغير جذري يتمثل في التحول من مجتمع استهلاكي مهووس بتحقيق النمو إلى مجتمع يدرك محدودية الموارد في الأرض، ولا داعي للانزلاق في الخوف، بل يجب التفكير في عالم نريد العيش والعمل فيه، كما أن الضغط العام يزداد على زعماء الحكومات للتوصل في بون إلى نتائج ملموسة.

لكن هل بإمكان المحافظين على المناخ أن يحققوا رؤاهم المستقبلية؟ ذلك يبقى مرهونا بكيفية تطور المناخ، وكذلك تطور المجتمع، وبعد أربعين عاما سيتمكن نظامنا السياسي والثقافي من تقديم أجوبة أم لا على الإشكاليات المطروحة، ولا يمكن أن يكون الخوف هو المحفز الوحيد من أجل العمل.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية