رئيس التحرير
عصام كامل

وعد بلفور وخيانات العرب


في الذكري المئوية لوعد بلفور أعلنت بريطانيا فخرها به في حين طالب الفلسطينيون باعتذار بينما غابت مؤسسة الحكم العربى تماما عن هذا السجال.. حققت بريطانيا بوعد بلفور ما لم يحققه احتلال سابق على هذا التاريخ حيث زرعت أكبر وأرخص قاعدة عسكرية للغرب في منطقتنا واستطاعت لندن وشقيقاتها طوال هذا التاريخ ضمان ركوع المنطقة العربية برمتها تحت سيطرتهم رغم الحروب والانتصارات والانكسارات.


من حق بريطانيا الاستعمارية أن تفخر بما فعلته في العرب ومن حق الفلسطينيين أن يدافعوا عن أرضهم خاصة بعد أن تركناهم وحدهم يواجهون هذا العبث بوطنهم وتمكنت القاعدة العسكرية الغربية أن تقيم علاقات جوار وعلاقات اقتصاد وتجارة وزيارة مع العديد من الدول العربية فلماذا تعتذر بريطانيا عن تحقيقها لمصالحها ومصالح الغرب بزرع إسرائيل في المنطقة والسيطرة عليها تماما.

العرب في العصر الحديث مستهلكون لكل شيء حتى القيم الغربية ولم يثبت أنهم ساهموا حضاريا طوال هذا القرن وما قبله وقد استلهموا شرعية حكمهم بخيانة القضية الأم ولعبت دول عربية أدوارا لم تلعبها بريطانيا المحتلة واستطاع اليهود في تل أبيب أن يجندوا قادة عرب ليعملوا لصالحهم طوال هذا التاريخ وتمكنت منا قصور الحكم قبل أن يتمكن منا العدو الأول والأخير.

عدو العرب ليس في بريطانيا إنما أعداء الأمة هم من سحلوا الحرية في شوارعنا وقضوا على كل ذكورة نبتت في بعضنا.. أعداؤنا هم الحكام الذين بسطوا نفوذهم على الناس بالديكتاتوريات المتوالية بحجة القضية واستنفذوا إمكانياتنا ووضعوها في صالح الغرب ليتمكنوا فقط من كراسيهم.. هزم العرب في قصور الحكم ولكنهم لم يهزموا شعوبا فلم نقرأ يوما عن شعب مهزوم إنما المهزوم دوما هم الحكام.

استطاعت أكبر قاعدة عسكرية للغرب في بلادنا أن تقدم ولو نموذجا مسرحيا للديمقراطية في حين فشلنا نحن أن ندفع ثمن الحرية ونقصي هؤلاء الحكام عن مقاعدهم.. بعد قرن كامل من الانكسار ماذا قدم لنا حكامنا ليقنعونا بوجودهم أو بشرعيتهم.. لا شيء.. لم يقدموا إلا كل تخاذل وتنازل وهوان لينتصر العدو حتى وصلنا إلى ما نحن عليه.. مزيد من الهوان ومزيد من الديكتاتورية ومزيد من الاستبداد.

إن الشعوب لا بد وأن تنتصر أولا في معركة الحرية حتى تستفيق من وهم السلطان المستبد وتستيقظ وتهب لتحرير أرضها.. إن ما يحاك تحت عنوان صفقة القرن سيكون الفصل الأخير من التخاذل والتسليم وتحويل القاعدة العسكرية الغربية إلى قوة عظمى تسيطر على كل شيء وساعتها لن يكون من بيننا من يطالب باعتذار عن احتلال أرض ليس لها رجال.. الأرض والوطن لا تكون بدون رجال.. حرروا النفوس سيتحرر الوطن ببساطة.. حرروا أنفسكم من القيود والسلاطين والملوك ساعتها سيصبح للأرض أصحاب يدافعون عنها ويحررونها!
الجريدة الرسمية